"فكونتاكتي" أكبر شبكة روسية للتواصل الاجتماعي تأسست عام 2006، ويبلغ جمهورها اليومي عشرات ملايين المستخدمين، لتنافس بذلك القنوات التلفزيونية الفيدرالية، ولا سيما بين الشباب، ما دفع السلطات الروسية إلى العمل على تعزيز سيطرتها عليها.
في بداية ديسمبر/كانون الأول الحالي، أُعلن بيع شركة "يو إس إم" القابضة، المملوكة للملياردير الروسي الأوزبكي الأصل عليشر عثمانوف، حصتها من أسهم "فكونتاكتي" لمجموعة "سوغاز"، المملوكة لرجلي أعمال مقربين من الكرملين، وهما الشقيقان يوري وميخائيل كوفالتشوك.
وتلا ذلك كشف تقارير صحافية عن التوجه لتعيين فلاديمير كيريينكو، وهو نجل نائب مدير ديوان الرئاسة الروسية ومسؤول السياسة الداخلية في الكرملين سيرغي كيريينكو، مديراً عاماً لـ"فكونتاكتي".
تعتبر المحللة السياسية ماريا سنيغوفايا، أن إخضاع "فكونتاكتي" للسيطرة المباشرة من قبل الشخصيات المقربة من الكرملين يعكس سعي السلطات الروسية لاستيعاب الشباب، لكونهم الشريحة العمرية الأكثر استخداماً لشبكات التواصل الاجتماعي وذات أكبر نسبة من أصحاب التوجهات المعارضة.
وتقول سنيغوفايا لـ"العربي الجديد": "لا أنظر إلى هذا الوضع على أنه بسط سيطرة الكرملين على فكونتاكتي، لأنها كانت خاضعة لسيطرته الكاملة، وكانت تسرب المعلومات عن المستخدمين لجهاز الأمن الفيدرالي بانتظام. وعموماً، باتت فكونتاكتي شبكة خطرة إلى حد كبير، ولا سيما على المستخدمين من أصحاب التوجهات المعارضة. من الواضح أن الكرملين يريد استيعاب الشباب، وفكونتاكتي واحدة من الشبكات الاجتماعية الأكثر شعبية في روسيا، ومن المعروف أن أغلب مستخدميها من الشباب، وقد يكون ذلك جانباً سياسياً للرقابة عليهم".
ومع ذلك، تعتبر أن ما يجري يندرج ضمن توجه أوسع لظاهرة التوريث في النخب الروسية، وتوضح قائلةً: "تبدأ النخب الروسية بتسليم مناصبها ومواردها لأبنائها الشباب. في الواقع، لا يجري الحديث عن أي تغيير للنخب، بل عن نظام شبه ملكي، حيث لا تتغير نخب النظام الاستبدادي، بل تورّث أبناءها فقط".
ويأتي تسليم "فكونتاكتي" لشخصيات مقربة من الكرملين ضمن التوجه السائد منذ عام 2014، حين استحوذ عثمانوف الموالي للسلطة أيضاً على حصة مهمة من أسهم الشبكة، وما تلاه من تعيين بوريس دوبرودييف، وهو نجل مدير "شركة عموم روسيا الحكومية للتلفزيون والإذاعة" أوليغ دوبرودييف، مديراً عاماً لـ"فكونتاكتي"، خلفاً لمؤسسها بافيل دوروف الذي باع حصته ونال شهرة عالمية، مؤسساً تطبيق "تيليغرام" للتراسل الفوري.
عند بيعه حصته في "فكونتاكتي"، أرجع دوروف قراره إلى خلافه مع جهاز الأمن الفيدرالي الروسي الذي طلب منه، نهاية عام 2013، تسليم البيانات الشخصية للقائمين على مجموعات "الميدان الأوروبي" في أوكرانيا، وهو ما رفضه.
وما كان للتقارب مع الكرملين ألّا يمر من دون أن يلقي بظلاله على سياسة "فكونتاكتي" التي أطلقت منذ عام 2016 إمكانية توجيه الأسئلة إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في إطار الفعالية السنوية "الخط المباشر" مع المواطنين.