خلال أسبوع واحد احتج المتضامنون مع غزة في المؤسسات الفنية في نيويورك ولندن وبرلين، ضد الجرائم الإسرائيلية التي ترتكبها إسرائيل في حق الفلسطينيين. أدت هذه الاحتجاجات إلى إغلاق متحفي موما وبروكلين في نيويورك، والمتحف البريطاني في لندن لفترة وجيزة. وفي برلين، قاطع المتضامنون المؤيدون لفلسطين عرضاً للفنانة الكوبية تانيا بروغيرا في متحف هامبورغر بانهوف.
المتضامنون في وجه المؤسسات الرسمية
سارعت وزيرة الثقافة الألمانية كلوديا روث بإدانة هؤلاء المحتجين الذين اقتحموا متحف بانهوف، ووصفتهم بأنهم مدفوعون بخطاب الكراهية. صرحت روث بأن "الأصوات المعادية للسامية والعنصرية والعنف غير مقبولة على الإطلاق"، وليس لها مكان في مجال الفن أو في أي مكان آخر. لم يقتصر الأمر على بيان وزيرة الثقافة الألمانية فقط، إذ وصفت بعض الصحف الألمانية، وبينها جريدة بيلد، هذا الاحتجاج بأنه عمل تخريبي معادٍ للسامية.
أما صاحبة العرض الفنانة الكوبية تانيا بروغيرا فقد كان لها رأي آخر، إذ أوضحت في بيان نشرته في حسابها على منصة إنستغرام أن "الأمر لم يكن مزعجاً إلى هذه الدرجة". وقالت: "لقد جاؤوا واحتجوا وأوضحوا وجهات نظرهم، واستمع الناس لهم وتحاوروا معهم، ثم رحلوا بسلام. أنا لا أفهم لماذا كل هذا الخوف من المواجهة".
يُذكر أن عرض الفنانة الكوبية بدأ بقراءة أسماء العديد من الفنانين والمثقفين الذين أُلغيت دعواتهم أو مشاركاتهم في أنشطة ثقافية أو معارض فنية بسبب معارضتهم لحرب الإبادة التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة.
وفي المتحف البريطاني في لندن نظم العشرات من المؤيدين لفلسطين اعتصاماً داخل المتحف يوم الأحد الماضي، احتجاجاً على اتفاق الشراكة الذي تم تجديده بين المتحف وشركة النفط والغاز البريطانية. يربط هؤلاء الناشطون بين إسرائيل وأعمال الشركة التي تتولى التنقيب عن الغاز والنفط في المناطق المحتلة. نُظم هذا الاحتجاج من قبل مجموعة تطلق على نفسها "حظر الطاقة من أجل فلسطين"، وقد أدى هذا الاحتجاج إلى إغلاق المتحف في وجه الزائرين لبعض الوقت قبل أن يعيد فتح أبوابه من جديد. تم استدعاء الشرطة لتأمين المتحف، وغادر المحتجون المكان حين طلب منهم ذلك، من دون أي مواجهة أو اشتباك. صرح متحدث باسم المتحف أن المكان يحترم حق الآخرين في التعبير عن آرائهم ويسمح بالاحتجاج السلمي في ساحته، طالما لا يوجد خطر على الأعمال الفنية أو الموظفين أو زوار المتحف.
على الرغم من الطبيعة السلمية لهذه الاحتجاجات، فإنّ بعض الصحف الغربية تُصرّ على وصفها بالعنيفة، أو أنها تستهدف اليهود على نحو خاص. في العديد من التغطيات الصحافية التي تتعرض لهذه التظاهرات يتم تضخيم أي تصرف من قبل المحتجين وتسليط الضوء عليه بشكل لافت، حتى لو كان هذا التصرف بلا شهود أو بلاغات تؤيده. خلال الأسبوع المنصرم مثلاً سلطت الصحافة الأميركية الضوء في أكثر من مناسبة على الكتابات وعلامات الطلاء التي تركها المحتجون وراءهم على واجهات الغاليريهات والمحال التجارية في الحي الصيني في نيويورك. أفردت هذه الصحف مساحات لا بأس بها لإبراز معاناة أصحاب هذه الغاليريهات والمحال، مع التركيز على اليهود منهم. هناك صحف أخرى مثل "آرت نت نيوز" قارنت هذه الاحتجاجات بحوادث ليلة الكريستال أو الزجاج المكسور في ألمانيا النازية، وهو الوصف الذي يطلق على ليلة التاسع من نوفمبر عام 1939، التي اندلعت خلالها تظاهرات عنيفة ضد اليهود في جميع أنحاء ألمانيا، ويقال إنها كانت بإيعاز من قادة الحزب النازي.
زيادة في وتيرة العنف
إلى جانب موجة التشويه التي تعرض لها المؤيدون لفلسطين في الولايات المتحدة وألمانيا، كانت هناك زيادة ملحوظة في وتيرة العنف التي تتعامل بها الشرطة مع هؤلاء الناشطين خلال هذه الاحتجاجات الأخيرة. تظهر مقاطع فيديو متداولة تم التقاطها أمام متحف بروكلين في الولايات المتحدة العديد من أعمال العنف غير المبررة من قبل الشرطة. في أحد هذه المقاطع يطرح رجال الشرطة أحد الصحافيين أرضاً ويتم اعتقاله، رغم إفصاحه أكثر من مرة عن هويته وسبب وجوده. في المقطع نفسه يظهر أربعة من رجال الشرطة وهم يحملون إحدى السيدات بعدما تم طرحها أرضاً وتكبيلها.
في مقالها المنشور على موقع هيل غيت تصف الكاتبة الأميركية ليلى يونس تعامل الشرطة مع المحتجين أمام متحف بروكلين بأنه جزء من حملة قمع أوسع ضد المتعاطفين مع فلسطين في مدينة نيويورك. تقول يونس إن حدة هذا العنف قد زادت خلال الأسابيع القليلة الماضية فقط، وانتهت معظم التظاهرات الأخيرة باعتصام أمام مركز الشرطة في انتظار إطلاق سراح من اعتقلوا. معظم حالات الاعتقال التي سُجّلت حتى الآن، كما تقول يونس، تمت بسبب مخالفات تبدو بسيطة، مثل قيام المتظاهرين بهز المتاريس أو استخدامهم لمكبرات الصوت، أو حتى لمجرد وجودهم بالقرب من التظاهرة.