المحطات الأميركية تستعد لأمسية انتخابية طويلة

03 نوفمبر 2024
هاريس في ندوة نظمتها "سي أن أن" في بنسلفانيا، 23 أكتوبر 2024 (تشارلي تريبالو/ فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تعقيدات الانتخابات الأمريكية: تواجه المحطات التلفزيونية تحديات في تغطية الانتخابات بسبب تعقيدات النظام الانتخابي وتباين طرق التصويت، مما قد يؤدي إلى تأخر إعلان النتائج وانتشار المعلومات المضللة.

- دور وسائل الإعلام: تواجه وسائل الإعلام ضغوطًا لتقديم معلومات دقيقة وسريعة، مع التركيز على تحليلات أعمق لتجنب الأخطاء السابقة، وتعتمد على استطلاعات رأي الناخبين وتحليلات التصويت المبكر.

- تأثير الإعلانات السياسية: تشهد الولايات الحاسمة حملات دعائية مكثفة، حيث ينفق المرشحون مليارات الدولارات لتعزيز فرصهم، مع التركيز على قضايا مثيرة للانقسام مثل الإجهاض وحقوق تحويل الجنس.

مع احتمال عدم صدور النتائج الرسمية للانتخابات الرئاسية إلا بعد أسابيع، تستعد المحطات التلفزيونية الأميركية الكبرى لأمسية انتخابية قد تطول لأيام، في ظل خشية إعلان الفائز مبكراً، ووسط مخاوف من انتشار محتمل لوابل من المعلومات المضللة. عام 2020، أُعلن فوز جو بايدن في الانتخابات الرئاسية بعد حالة ترقب شديد دامت أربعة أيام. وهذا العام، يتوقع الخبراء مجدداً أن تتلوّن خريطة الولايات الأميركية ببطء، إما بالأزرق لصالح الديمقراطيين، وإما بالأحمر لصالح الجمهوريين، فيما يحتاج أي من المرشحين للفوز إلى أصوات 270 من الناخبين الكبار.

يقول جو لينسكي، نائب رئيس شركة إديسون للأبحاث التي تزود مجموعة من المحطات التلفزيونية (إيه بي سي، وسي بي سي، وإن بي سي نيوز، وسي أن أن) باستطلاعات رأي للناخبين عند خروجهم من مراكز الاقتراع وتوقعات وإحصاءات، إن "سبع ولايات تشهد منافسة محمومة ستحسم السباق، وفي الكثير منها لن تتوافر لدينا بيانات كافية لتوقع النتائج قبل نهاية الأمسية، أو في صباح اليوم التالي، أو في بعض الحالات بعد أيام عدة على الانتخابات".

إلى جانب النظام الانتخابي المعقد، تختلف طرق التصويت وفرز الأصوات من ولاية إلى أخرى في البلاد. ويشير لينسكي إلى أن ولايتي ويسكنسن وبنسلفانيا الرئيسيتين لا تقومان بفرز وعدّ الأصوات التي أُدلي بها مسبقاً (من خلال التصويت عبر البريد أو التصويت المبكر) إلا في يوم الانتخابات نفسه. وفي غياب أي نتائج رسمية لأسابيع عدة، تقع مسؤولية إعلان فوز دونالد ترامب أو كامالا هاريس في ولاية معينة على عاتق وسائل الإعلام.

في كواليس المحطات الأميركية

يتركز الضغط في كواليس المحطات على غرف التحرير التي تضم خبراء إحصاءات ومحللين يقدمون تقديرات تستند إلى النتائج الأولية التي غالباً ما تكون مجتزأة. يقول كوستاس بانايوبولوس، أستاذ العلوم السياسية في جامعة نورث إيسترن والعضو السابق في مكتب التحرير في محطة إن بي سي والمتعاون مع "إديسون للأبحاث"، إن "الرهان كبير جداً. هناك ضغوط هائلة لجذب انتباه المشاهدين من خلال تقديم المعلومات بأسرع وقت ممكن، لكن يبقى الخطر الأكبر التضحية بعامل الدقة وصحة المعلومة".

في الثالث من نوفمبر/تشرين الثاني 2020، وبعد بضع ساعات فقط من إغلاق مكاتب الاقتراع، أحدثت محطة فوكس نيوز المحافظة صدمة بإعلان فوز حاسم لجو بايدن في ولاية أريزونا. وأثار هذا الإعلان الذي أكدته وسائل الإعلام الأخرى بعد أيام غضب دونالد ترامب. والتاريخ يذكر الخطأ الذي حصل في انتخابات عام 2000 الشهيرة، عندما أُعلن مبكراً فوز الديمقراطي آل غور في فلوريدا. لتجنب "كابوس" كهذا، الذي من شأنه التأثير في مصداقيتها، تعتمد وسائل الإعلام على تحليلات أعمق، تأخذ بالاعتبار ليس فقط استطلاعات الرأي عند خروج الناخبين من مراكز الاقتراع، بل أخرى سابقة تشمل ناخبين صوتوا مبكراً.

"السراب الأحمر"

يتوقع المحامي المتخصص في الانتخابات، بن غينسبرغ، عودة "السراب الأحمر" الذي حصل في 2020، مع تقدم ظاهري للجمهوريين، يتلاشى تدريجياً مع فرز بطاقات التصويت عبر البريد الذي يلجأ إليه الديمقراطيون عادةً بشكل أكبر. لكنه يقول في مقال رأي نشرته صحيفة نيويورك تايمز: "لا نعلم بعد ما إذا كانت جهود الجمهوريين هذا العام لحث ناخبيهم على التصويت مبكراً ستغير ذلك".

وخلال هذا السباق، على القنوات الحفاظ على نسبة المشاهدة والتمتع بالشفافية، في ظل تراجع الثقة العامة بوسائل الإعلام، مع توقع جميع الخبراء انتشار وابل من المعلومات المضللة عن مزاعم تزوير. وستلجأ محطة سي أن أن مجدداً إلى "الخريطة السحرية" التي تتيح لجون كينغ، أحد صحافييها البارزين، تسليط الضوء على الميول في أي منطقة أميركية يريد، بغرض تحديد التوجهات فيها، مع تلميح حذر إلى أنها تشكل مؤشراً إيجابياً لأحد المرشحين. ونشرت "إن بي سي نيوز" من الآن مقالات عدة على موقعها الإلكتروني، شرحت فيها بالتفصيل كيف ستجمع البيانات اعتباراً من الخامس من نوفمبر الحالي، من أكثر من مائة ألف مركز اقتراع، والحذر الذي ستتوخاه في نشر نتائج 610 عمليات انتخابية تشهدها البلاد، من بينها انتخابات مجلس الشيوخ والنواب.

ويؤكد جو لينسكي أن "حجم البيانات" التي تقدمها المحطات أو المواقع "في ليلة الانتخابات أكبر من أي وقت مضى. هناك تفاصيل أكثر، خرائط أكثر، وتحليلات أكثر من أي وقت سبق". من جهته، يحذر بن غينسبرغ من أنه "إذا استغرق الأمر وقتاً، فهذا ليس دليلاً على وجود مؤامرة". ويضيف: "إن أقدم أحد المرشحين على إعلان فوزه قبل الانتهاء من فرز الأصوات، فاعلموا أنها مجرد مناورة سياسية".

سيل من الإعلانات السياسية

يجد الناخبون في منطقة رئيسية ضمن ولاية بنسلفانيا الحاسمة أنفسهم أمام موجة من الحملات الدعائية قبيل انتخابات الثلاثاء، فيما ينفق المرشّحون مليارات الدولارات لتعزيز فرصهم بالفوز على الصعيد الوطني. وإلى جانب اللوحات الإعلانية على الطرق وإعلانات الصحف والحملات المستهدفة على الإنترنت، تبقى الإعلانات التلفزيونية مهمة للغاية بالنسبة إلى مساعي المرشحين لتعزيز صورتهم ومهاجمة خصومهم.

وفي أثناء فترة ذروة المشاهدة من الثامنة مساءً حتى 23:00 في الأربعاء الأخير قبل يوم الانتخابات، عُرض 22 إعلاناً سياسياً على متابعي قناة تابعة لـ"إن بي سي" موجّهة إلى فيلادلفيا ومقاطعات رئيسية حولها تصوّت مرة للجمهوريين وأخرى للديمقراطيين. وكانت ثمانية من هذه الإعلانات مؤيّدة بوضوح لهاريس أو مناهضة لترامب، وستة ضد هاريس ومع ترامب، بينما كانت ثمانية مرتبطة بانتخابات محلية لاختيار أعضاء مجلس الشيوخ والنائب العام، بحسب تحليل أجرته فرانس برس.

وبناءً على نظام المجمع الانتخابي الأميركي، تحمل سبع ولايات حاسمة، وأحياناً مقاطعات ضمن هذه الولايات، تأثيراً هائلاً في النتيجة الإجمالية للانتخابات الأميركية. وبُثَّت الإعلانات التي تأتي أحياناً واحدة تلو الأخرى وتكون تارة على شكل إعلان مناهض لهاريس، تليه تارة أخرى لقطات تسلّط الضوء على إنجازاتها، خلال ثلاثة برامج درامية عن أحداث وقعت في شيكاغو. وأفاد الصحافي السابق في كارولينا الجنوبية والمدوّن، براد وارثن، بأنه لا يصادف الإعلانات السياسية المتلفزة إلا عندما يتابع أحداثاً رياضية تبثّ على الهواء مباشرة. وقال: "أحب البيسبول، لكن يمكن أن يكون الوضع أفضل من دون الإعلانات. إنها مصدر اكتئاب".

في الولايات المتحدة، تغطّي شبكات تلفزيونية رئيسية، بينها "إن بي سي" و"إيه بي سي" و"سي بي إس" و"فوكس"، البلاد بأكملها، لكنها ممثلة بفروع محلية تبيع مساحات إعلانية خاصة بها، ما يعني أنّ بإمكان الحملات استهداف مناطق وفئات سكانية محددة. تقدّر "إيماركتر" التي تراقب هذا القطاع أنه بحلول نهاية انتخابات 2024 سيصل المبلغ الذي أُنفق على الإعلانات السياسية إلى 12.32 مليار دولار، مقارنة بمبلغ بلغ مجموعه 9.57 مليارات دولار في 2020.

والبث التلفزيوني خيار مفضل بالنسبة إلى الحملات السياسية، إذ لديه دقائق متوافرة أكثر من خدمات البث التدفقي. وهذا العام، ستخصص 7.06 مليارات دولار من هذا المبلغ الذي يُنفق على الإعلانات التلفزيونية، في زيادة نسبتها 7.5% عن عام 2020. تضخ الانتخابات الرئاسية مبالغ مالية كبيرة في الشبكات التلفزيونية التقليدية، إذ توقعت "بي آي إيه" الاستشارية مساهمة الإعلانات السياسية في نحو سبعت سنتات من كل دولار يُنفق على الإعلانات المحلية. وأفادت بأن "تقدير الإنفاق السياسي هذا يمثل زيادة كبيرة نسبتها 21.3% عن آخر انتخابات عامة أجريت في 2020". 

في فترة الذروة على قناة NBC10 WCAU، عُرضت لقطة سينمائية تقدّم صورة قاتمة عن الاقتصاد والنزاعات العالمية والجريمة والعنف السياسي، قبل أن يظهر دونالد ترامب بتعابير جديّة وهو يسير نحو الكاميرا. وبعد لحظات، عقب سلسلة إعلانات عن منتجات "آبل" وتنزيلات عيد الشكر، أظهر إعلان مؤيد لكامالا هاريس عاملاً في قطاع الصلب في بنسلفانيا وهو يقول: "إيلون ماسك يصوّت من أجل أمواله، وأنا أصوّت من أجل أموالي". ودعم ماسك المرشح الجمهوري في بنسلفانيا، وأغدق الأموال على المساعي الرامية إلى انتخابه في الولاية التي كانت في الماضي مركزاً مزدهراً لصناعة الصلب، إلى أن ترك تراجع الصناعة العديد من المعامل خالية، والسكان في وضع صعب. وهاجم إعلان مؤيد للديمقراطيين يظهر نساءً يعملن في مجال الطب ديفيد ماكورميك، المرشح الجمهوري لمجلس الشيوخ، الذي يمكن أن يحدده ناخبو بنسلفانيا، على خلفية موقفه المناهض للإجهاض. وبعد ذلك، ظهر إعلان يهاجم خصمه السيناتور الديمقراطي الحالي بوب كيسي، على خلفية انتشار الفينتانيل في الولاية، بينما وصف إعلان آخر كيسي بأنه "ليبرالي جداً بالنسبة إلى بنسلفانيا". سلّط الإعلان الضوء على دعمه لحقوق العابرين جنسياً، إذ أظهر رياضياً يتنافس في ألعاب القوى للسيدات أخطأ المعلّق في تحديد نوعه الاجتماعي.

وبثت إعلانات مناهضة للإجهاض ولحقوق تحويل الجنس من قبل مرشحين في عدد من المناطق، ما سلّط الضوء على مسائل "الحرب الثقافية" المثيرة للانقسامات التي تحدد ملامح الانتخابات الأميركية، وأثار إدانات من المعلّقين.

(فرانس برس، العربي الجديد)

المساهمون