لم تتمكن الإنتاجات الدرامية السورية خلال رمضان 2021 من أن تحجز لنفسها مكاناً على الخريطة العربية، لكنها رغم ذلك لاقت رواجاً سورياً كبيراً، واعتبرها البعض بريق أمل للحفاظ على ما تبقى من هذه الصناعة التي شهدت قبل سنوات الحرب عصرها الذهبي. إذ ساهمت في العقدين اللذين سبقا اندلاع الثورة عام 2011، في انتشار الممثل السوري عربيًا، ليتحول مع الوقت إلى الحلقة الأقوى في ما يعرف بالأعمال العربية المشتركة اليوم.
لكن لماذا هذا التراجع في الدراما السورية؟ وهل الثورة والمعارك التي تلتها وحدها من فرض هذا الواقع؟ لا شك في أن الحرب السورية اخترقت كل تفاصيل الحياة، ومختلف القطاعات ومنها صناعة الدراما. وقد كان لبعض الممثلين السوريين المهاجرين الفضل في انقلاب، أو تحفيز الممثل السوري للعمل من الخارج، وهجر الدراما المحلية. كذلك، عانى الممثلون والفنانون السوريون من النظام السوري الذي جند نقابة الفنانين ومعها أجهزة أخرى وشركات لتأمين مصالحه.
كلّ ذلك همّش عشرات الممثلين على حساب آخرين معروفين بتطبيلهم وتأييدهم الأعمى لنظام بشار الأسد، ودفع الممثلين وبعض الكتّاب السوريين إلى الهجرة، وتحديداً إلى بيروت التي فتحت أبوابها لهؤلاء من خلال شركتي إنتاج مستقلتين. ويبدو أن سياسة الإنتاجات المستمرة كانت الأساس الداعم لبلوغ الكتّاب والممثلين السوريين قليلاً من الأمان أقله المادي.
لكن، يغيب عن شركات الانتاج اللبنانية، عامل أساسي، في شراء سيناريوهات جاهزة من الكتّاب السوريين، ويعطي المنتج الحق لنفسه في فرض رواية أو قصة يراها جيدة، وما على الكاتب إلّا تنفيذها. وهذا ما ظهر واضحًا في مجموعة من الأعمال الدرامية حصدت نسبة مشاهدة عالية، لكنها لم تكن الدواء الشافي بالنسبة للكتّاب أو المخرجين وحتى بعض الممثلين الذين يجدون في الأعمال السورية الخالصة مقاصد النجاح الحقيقي.
حتى الساعة، لم تعلن شركات الإنتاج السورية عن أي جديد درامي يحضر للمواسم المقبلة، أمام زحمة من الأعمال الدرامية التي تُصور في لبنان. وكل ما في جعبة المنتج السوري أجزاء جديدة من مسلسلات عرض منها الجزء الاول، ومنها "حارة القبة 2" لرشا شربتجي، و"باب الحارة 12" و"بروكار 2" و"بقعة ضوء 15". وهو ما يعني أن العجلة السورية ستفتقر أيضاً في الموسم المقبل إلى أعمال تعيدنا إلى سنوات الدراما الذهبية.
في هذا الوقت، تعمل الطاقات السورية في شركات الإنتاج اللبنانية، على مسلسل "الهيبة" الذي يكتبه كتّاب سوريون، وهو من إخراج سامر برقاوي، وبطولة تيم حسن وعبد المنعم عمايري. بينما بدأ الممثل قصي خولي يتصوير "توتر عالي" من كتابة واخراج أسامة عبيد الناصر. كما تصوّر سلاف معمار في بيروت مسلسل "عالحد" عن نص لانا الجندي ولبنى حداد، وإخراج ليال راجحة، وقد أنهى معتصم النهار بدوره تصوير مشاهده في مسلسل "صالون زهرة"، من إخراج جو بوعيد.
وفي الانتظار مجموعة لا بأس بها من الأعمال الدرامية المشتركة لرمضان 2022، وهذا ما يؤكد هجرة صنّاع الدراما السورية إلى بيروت، وتوسيع دائرة التعاون بين البلدين، بعيداً عن تفاصيل لم يعد باستطاعة الممثل أو المخرج وحتى الكاتب السوري مواجهتها في الدراما المحلية.