استمع إلى الملخص
- سعيد الخطيب، الذي يعمل مع وكالة الأنباء الفرنسية، غادر غزة بعد اشتداد القصف، ويشير إلى الصعوبات التي يواجهها الصحافيون في القطاع، من شح الإمكانيات إلى استهداف الاحتلال.
- الاحتلال الإسرائيلي يواصل استهداف الصحافيين في غزة، حيث استشهد الصحافي محمد جاسر وعائلته، مما يبرز الحاجة الملحة لحماية الصحافيين الفلسطينيين.
في 12 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، كان المصور الفلسطيني سعيد الخطيب على مقربة من أحد المنازل الفلسطينية في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة قبل لحظات من تعرضه لقصف إسرائيلي دمره بشكل كامل. أمسك الخطيب بكاميرته، والتقط صورة. وأظهرت الصورة التي حصدت جائزة منيغوتيه العريقة في العاصمة الإسبانية مدريد أطفالاً ينظرون من نافذة سيارة تمرّ بين أنقاض المبنى بعد أقل من أسبوع من بداية حرب الإبادة المتواصلة التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على الفلسطينيين في قطاع غزة.
المصور سعيد الخطيب يبلغ من العمر 47 عاماً، ويعمل مع وكالة الأنباء الفرنسية (فرانس برس)، وقام بتغطية الحرب الإسرائيلية على مدار أسابيع قبل أن يغادر القطاع بعد اشتداد عمليات القصف. وتسلّم الخطيب جائزة منيغوتيه العريقة في مدريد، بحضور ملك إسبانيا فيليبي السادس والملكة ليتيثيا، الخميس الماضي، مكافأةً على الصورة التي التقطها. والصورة رشحتها صحيفة أ بي ثي الإسبانية، وتمكنت من المنافسة على الجائزة العريقة بين عشرات الصور التي رشحت من قبل المصورين والوكالات على مستوى العالم. وعكست الصورة الملتقطة الحزن والألم في عيون الفتيات الصغيرات الباحثات عن الأمان، ونظراتهن مليئة بالصدمة والخوف من حجم الدمار الذي خلفه القصف الإسرائيلي.
وعند إعلان اسماء الفائزين في أيار/مايو 2024 قالت الصحيفة "الصور الأخيرة التي نشرها (سعيد) الخطيب تجسد معاناة المدنيين (..) تختزل صوره الصعوبات التي يواجهها الأكثر ضعفاً في هذا النزاع".#فرانس_برس pic.twitter.com/nYUfiXXhEG
— فرانس برس بالعربية (@AFPar) July 19, 2024
يوضح سعيد الخطيب لـ"العربي الجديد"، أنه التقط الصورة أثناء جولة لتصوير المنازل المدمرة بعد ليلة مرعبة ودامية من قصف طائرات الاحتلال الاسرائيلي، حاول بعدها عدد من السكان العودة إلى منازلهم لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من بعض الممتلكات والمستندات المهمة.
وعلى الرغم من مغادرة الخطيب لغزة، فإنه يشدد على الصعوبات الجمة التي يواجهها الصحافيون والمصورون الصحافيون في القطاع حيث يعانون من شح في الإمكانيات والدعم اللوجستي التي تسمح لهم بمواصلة عملهم. ويقول إن الصحافيين والمصورين الفلسطينيين يعملون 24 ساعة متواصلة ويصلون الليل بالنهار، فيما معدات التصوير والإمكانيات استهلكت جميعها خلال 10 شهور من حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية على غزة. ويزداد عملهم صعوبة نتيجة الانقطاع المتكرر لشبكات الاتصال والإنترنت واستهداف الاحتلال للبنى التحتية. وهم، مثلهم مثل كل الفلسطينيين في قطاع غزة، يعانون تحت القصف الإسرائيلي، ومعرضون للموت هم وأفراد عائلاتهم في أي لحظة. ولا يخفي المصور الفلسطيني العقبات الاجتماعية، لا سيما التي يواجهها الصحافيون المتزوجون، إذ يقاسون كغيرهم من أجل تأمين الطعام والماء والخيمة لأسرهم.
ويشدد على أن الاحتلال الإسرائيلي يتعمد استهداف الطواقم الصحافية على اعتبار أنهم هم الذين يوثقون حجم جرائمه بالساعة واليوم والتاريخ، والدليل على ذلك استشهاد أكثر من 160 من الصحافيين والعاملين في المجال الإعلامي منذ السابع من أكتوبر الماضي. ويشير إلى أن القصف بصاروخ وزنه أكثر من طن متفجرات يسقط على منطقة سكنية لا يميز بين الصحافي والمسعف والطفل أو مؤسسات دولية. ويلفت الخطيب إلى أن ما يشهده القطاع هو إبادة ومجاعة جماعية لا تميز بين مكونات الشعب ولا مقومات الحياة. ويطالب بضرورة حماية الصحافي الفلسطيني الذي تعرض ولا يزال لظلم كبير، وبتفعيل قانون حماية الصحافيين.
ويواصل الاحتلال الإسرائيلي استهداف الصحافيين في غزة؛ السبت الماضي استشهد الصحافي محمد جاسر وزوجته وطفليه بغارة إسرائيلية استهدفت منزلهم شمالي قطاع غزة، ما يرفع عدد الصحافيين والعاملين في المجال الإعلامي الذين قتلتهم قوات الاحتلال منذ السابع من أكتوبر إلى 161، وفقاً للمكتب الإعلامي الحكومي. ومنذ بدء حرب الإبادة التي ترتكبها قوات الاحتلال بحق الفلسطينيين في غزة، استهدفت الصحافيين وعائلاتهم ومقار عملهم. واعتقلت العشرات منهم، بينهم مدير مكتب "العربي الجديد" في القطاع ضياء الكحلوت، الذي أفرج عنه في ديسمبر/كانون الأول الماضي، والزميل المتعاون مع "التلفزيون العربي" محمد عرب الذي لا يزال في الأسر.
ونقل محامي هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية خالد محاجنة شهادات مفزعة عمّا يتعرّض له أسرى غزة في المعتقلات الإسرائيلية، بعد تمكّنه من زيارة محمد عرب وزميله في الأسر طارق عابد، في سجن عوفر غرب مدينة رام الله وسط الضفة الغربية المحتلة، الأحد الماضي. وتُعَدّ هذه الزيارة الثانية للأسير محمد عرب، بعدما كان محاجنة قد زاره في معتقل سدي تيمان في يونيو/ حزيران الماضي قبل نقله إلى سجن عوفر.