استمع إلى الملخص
- رصد مركز "صدى سوشال" انتشار محتويات توثق انتهاكات الجنود، داعياً الشركات المالكة للمنصات لتحمل مسؤولياتها في منع نشر انتهاكات حقوق الإنسان.
- أثارت الفيديوهات غضباً عالمياً ودعوات من منظمات حقوقية مثل "هيومن رايتس ووتش" لتحقيقات فورية، إلا أن الجهود لم تصل لمرحلة التنفيذ الفعلي.
قد تكون حرب الإبادة الإسرائيلية المتواصلة في قطاع غزة منذ أكثر من عام، الحرب الأكثر غزارة لناحية تدفّق الصور والفيديوهات والمعلومات على مواقع التواصل الاجتماعي. وقد يكون جنود الاحتلال الإسرائيلي أكثر من استخدم هذه المنصات أولاً لنشر البروبغندا والدعاية المضللة، ثمّ للتحريض والشماتة بالشهداء الفلسطينيين المدنيين، بطريقة مضطربة إنسانياً وأخلاقياً. نتكلّم هنا بشكل خاص عن "تيك توك"، إذ وثّق هؤلاء مجازرهم وجرائمهم عبر التطبيق الصيني.
هذه الممارسات أثارت جدلاً واسعاً وفتحت نقاشاً عميقاً حول تبعات هذا التوثيق الرقمي والانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان، كما أثارت ردود فعل محلية ودولية بشأن تصاعد العنف المرئي.
رصد مركز "صدى سوشال" أخيراً، "بقلق بالغ" انتشار محتويات رقمية على منصات التواصل الاجتماعي يظهر فيها جنود الاحتلال الإسرائيلي وهم يوثقون جرائم مروعة ضد المدنيين. وتشمل هذه الانتهاكات عمليات قتل وتعذيب وتدمير للمنازل، مع تسجيل حالات مشابهة في لبنان، على غرار ما جرى في قطاع غزة، حيث استُخدمت هذه الجرائم أداة للتفاخر والشهرة على الفضاء الرقمي.
وبحسب المركز، تشير التحليلات إلى أن منصات التواصل الاجتماعي مثل إنستغرام، وفيسبوك، وتيك توك، ويوتيوب باتت مساحة يروج فيها الجنود لأفعالهم، ووثّق المركز مقاطع تظهر جنوداً إسرائيليين مسلحين وهم يرقصون في شوارع غزة، إلى جانب مشاهد لتعذيب فلسطينيين بعد تجريدهم من ملابسهم وتقييدهم، فضلًا عن فيديوهات يظهر فيها الجنود قبل تفجير المنازل الفلسطينية وهم يسخرون من تدمير الممتلكات.
توضح متابعة "صدى سوشال" أن هذا الحضور الرقمي ليس مجرد توثيق فردي، بل تحول إلى آلية لتعزيز العنف، حيث يسعى الجنود للحصول على التفاعل الرقمي من خلال الإعجابات والمشاركات، مما يعزز لديهم الشعور بالانتصار والتفاخر، ويشجع على ارتكاب المزيد من جرائم الإبادة في ظل غياب أي محاسبة حقيقية.
ودعا المركز الشركات المالكة لمنصات التواصل الاجتماعي إلى تحمل مسؤولياتها في منع استخدام منصاتها وسيلة لنشر وترويج انتهاكات حقوق الإنسان. كما طالب المجتمع الدولي والمؤسسات الحقوقية بضرورة فتح تحقيقات جدية لمحاسبة الجنود الذين ينشرون هذه المحتويات، وملاحقتهم وفق القوانين الدولية، فضلاً عن جريمتهم الأساسية: أي ارتكاب الإبادة.
من خلال تحليل العديد من الفيديوهات التي نشرها جنود الاحتلال الإسرائيلي على "تيك توك" و"إنستغرام" وغيرهما من المنصات، يتضح أن هذه المقاطع تتضمن مشاهد وحشية للانتهاكات التي يتعرض لها الفلسطينيون، خصوصاً في قطاع غزة. هذه الفيديوهات، التي يتبين من خلالها استمتاع الجنود بتوثيق لحظات القتل، لا تعكس فقط السلوكيات العنيفة على أرض الواقع، بل تروج لها بشكل مقصود. على سبيل المثال يظهر في أحد الفيديوهات جنديّ يوجّه بندقيته نحو مجموعة من الفلسطينيين تحت عنوان ساخر على "تيك توك"، في إشارة واضحة إلى أن العنف أصبح مادة للترفيه بالنسبة له. تُظهر فيديوهات أخرى جنوداً يسخرون من المعتقلين أو يتفاخرون بالضرب والإهانة. ببساطة يستخدم هؤلاء هذه المقاطع المرئية أداة للترويج لقوة الاحتلال وإرسال رسالة تحذير للفلسطينيين، ما يعمق من تأثير الإرهاب النفسي.
استخدام الجنود منصات التواصل الاجتماعي منذ بداية الإبادة لم يكن عشوائياً، بل يأتي في إطار استراتيجية إعلامية دعائية أوسع تحاول دول الاحتلال من خلالها استغلال التكنولوجيا لصياغة صورة مغايرة لعدوانها. إذ تسعى قوات الاحتلال، من خلال هذه الفيديوهات، إلى تسويق ممارساتها بشكل يجذب الشباب والمراهقين الذين يشكلون الجمهور الرئيسي لمنصات مثل "تيك توك". تستغل هذه الاستراتيجية لتخفيف من وقع الجرائم الوحشية التي ترتكبها ضد الفلسطينيين من خلال وضعها في سياقات أكثر ترفيهاً أو إثارة للسخرية. كما تستفيد من تسامح المنصات الكبرى مع هذا المحتوى على حساب التضييق على المحتوى الفلسطيني.
أثارت الفيديوهات التي يوثق فيها جنود الاحتلال جرائمهم على وسائل التواصل الاجتماعي غضباً عالمياً. العديد من المنظمات الحقوقية الدولية، مثل "هيومن رايتس ووتش" و"العفو الدولية"، نددت بهذه الممارسات ودعت إلى تحقيقات فورية لمحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات. وفي بعض الحالات، اعتبرت مقاطع الفيديو أدلةً لإثبات الجرائم التي يرتكبها الاحتلال ضد الفلسطينيين، ما يمكن أن يزيد من فرص محاكمة مرتكبي هذه الجرائم أمام العدالة الدولية.
تضمنت هذه الردود أيضاً مطالبات بتطبيق رقابة صارمة على المحتوى المنشور من قبل الجنود على وسائل التواصل الاجتماعي، سواء من قبل الشركات المالكة لهذه المنصات أو من قبل حكومة الاحتلال. إلا أن هذه الجهود لم تصل بعد إلى مرحلة التنفيذ الفعلي على الأرض، حيث تستمر الفيديوهات في الانتشار وتحقيق مشاهدات عالية، وقد تكرّر الأمور مع تصاعد العدوان على لبنان.