الوصول إلى الخبر في تونس: المهمة المستحيلة

10 يناير 2022
يرى صحافيون أنّ منعهم من الوصول إلى المعلومات يعيد عهد القمع (جديدي وسيم/سوبا إيمدجز)
+ الخط -

لا تزال السياسة الإعلامية لرئاستَي الجمهورية والحكومة التونسيتين تثير الكثير من الجدل فى الأوساط الإعلامية المحلية. وسبب هذا الجدل، حجب المعلومات عن الصحافيين وصعوبة الحصول عليها، وإقامة مؤتمرات صحافية يمنع فيها المراسلون من طرح الأسئلة.

وآخر مثال على ذلك، المؤتمر الذي عقده وزير الداخلية توفيق شرف الدين، حول مستجدات قضية وضع الوزير السابق والقيادي في حركة النهضة، نور الدين البحيري فى الإقامة الجبرية. إذ قدّم الوزير المعطيات من دون أن يسمح للصحافيين بطرح أسئلتهم واستفساراتهم عن الموضوع، وهو ما اعتبرته الصحافية في إذاعة "شمس أف أم" خولة السليتي اعتداءً على حق الصحافيين فى الوصول إلى المعلومة، داعية الوزراء التونسيين إلى عقد مؤتمرات صحافية عبر صفحاتهم على مواقع التواصل من دون تكليف المراسلين عناء التنقل ومنعهم من حقهم فى طرح الأسئلة وطلب توضيحات.
وتأتي هذه الاعتراضات، بينما تعاني السياسة الإعلامية للحكومة والوزارات التونسية شبه تعطيل إثر قرار رئيسة الحكومة نجلاء بودن منع الوزراء من الإدلاء بتصريحات صحافية من دون استشارتها، وهو ما اعتبرته النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين شكلاً من أشكال التضييق على عمل الصحافيين، وحرماناً للمواطن من واحد من حقوقه الأساسية، وهو حقه في المعلومة، وفقاً لما تنص عليه المواثيق الدولية.

غياب مستشارين إعلاميين في رئاستَي الجمهورية والحكومة والوزارات

تبعات هذا القرار كان لها تأثير بعمل الصحافيين، فقد أكدت الصحافية جيهان اللواتي لـ"العربي الجديد" أنّها أصبحت غير قادرة على تقديم مادة إعلامية آنية نتيجة العراقيل التى تعترضها فى الوصول إلى مصدر الخبر، ورفض كلّ المؤسسات تقديم معطيات من دون استشارة رئاسة الحكومة التونسية، وهو ما يؤدي إلى استحالة تقديم المعلومة الدقيقة والسريعة للمواطن خلال تغطية أحداث وطنية هامة.
وما يزيد من صعوبة وصول الصحافيين إلى المعلومات، غياب مستشارين إعلاميين في رئاسة الجمهورية، ورئاسة الحكومة، وفي كلّ الوزارات. إذ سبق أن أعلنت رئاسة الحكومة تعيين آمال العدواني مستشارة إعلامية لرئيسة الحكومة يوم 8 نوفمبر/تشرين الثاني 2021 ليجري التراجع عن القرار بعد 24 ساعة فقط، وهو ما أثار الاستغراب فى الساحة الإعلامية، واعتبر كثيرون أنّ حالة من عدم الوضوح تحكم تعاطي الحكومة مع الإعلاميين.
كذلك قرر وزير الداخلية توفيق شرف الدين، إقالة الناطق الإعلامي باسم الوزارة، ياسر مصباح، يوم 3 ديسمبر/كانون الأول2021، بعد شهر فقط من تعيينه، لتبقى الوزارة من دون ناطق رسمي، وهو ما يصعب من عمل الصحافيين.
أما الرئيس التونسي قيس سعيّد، وفقاً لتصريح نقيب الصحافيين التونسيين محمد ياسين الجلاصي لـ"العربي الجديد"، فهو يرفض تعيين ناطق رسمي باسم رئاسة الجمهورية، وهو ما يجعل تواصل الرئاسة الأولى مع الصحافيين مهمة معقدة كلّ يوم. وما يزيد الطين بلة، تغييب الصحافيين عن المؤتمرات الصحافية التي يعقدها الرئيس التونسي مع ضيوفه من الرؤساء.

هذه المعطيات جعلت من وصول الصحافيين التونسيين إلى مصادر الخبر عملية محفوفة بصعوبات جمة، لذلك طالبوا في أكثر من لقاء مع النقابة الوطنية للصحافيين بالضغط على رئاستي الجمهورية والحكومة، من أجل فتح مصادر الخبر وتمكينهم من حقهم فى الوصول إلى المعلومة كي يقوموا بدورهم فى إيصال الأخبار إلى المواطن بشكل مهني ومحايد بعيداً عن الضغوط من الأطراف السياسية.
وقد اعتبر المتابعون للشأن الإعلامي فى تونس أنّ ما يحصل شكل من أشكال التحكم فى الإعلام التونسي والعودة به إلى مربع التحكم والسيطرة الذي تخلص منه بعد ثورة 2011.

المساهمون