استمع إلى الملخص
- تبنت الشركات استراتيجيات متنوعة، مثل منع الحديث في السياسة (غوغل)، حظر مناقشة حرب غزة (سايلزفورس)، وتقديم برامج تدريبية لتقنيات خفض التصعيد (هيلتون).
- القوانين الأميركية تقدم حماية محدودة لحرية التعبير في مكان العمل، مما يتيح لأصحاب العمل فصل الموظفين لأسباب سياسية في معظم الولايات، مع توقع زيادة القضايا المتعلقة بحقوق العمال.
مع اقتراب موعد انتخابات الرئاسة الأميركية في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، تعزّزت النقاشات والجدالات بين الموظفين والعاملين في شركات أميركية مختلفة، ممّا أجبر أصحابها ومديريها على التدخل في محاولةٍ لإبعاد تأثير الخلافات السياسية عن مكان العمل.
كان العام الحالي مشتعلاً على الصعيد السياسي في الولايات المتحدة، بدءاً من الانقسام حول حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة، مروراً بمحاولة اغتيال المرشح الجمهوري دونالد ترامب، وصولاً إلى إعلان الرئيس الحالي الديمقراطي جو بايدن انسحابه من السباق الرئاسي لصالح نائبته كامالا هاريس، قبل قرابة ثلاثة أشهر على الموعد الانتخابي.
من المصالح الصغيرة إلى كبرى شركات التكنولوجيا، يشكّل الانقسام الانتخابي هاجساً لدى أصحاب العمل والمديرين الذين يأملون في أن يظلّ تأثير الخلاف السياسي محدوداً في التعامل اليومي.
في إبريل/ نيسان الماضي، أبلغ المدير التنفيذي لشركة غوغل، ساندر بيتشاي، الموظفين أن المكتب "ليس مكاناً للحديث في السياسة"، مشيراً إلى أن "هذا عمل تجاري"، في تعليق على الخلافات والانقسامات الداخلية التي يثيرها العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة.
هذا الموقف لا يزال سائداً بين العديد من مدراء الشركات الكبرى، لكنّ قسماً آخر منهم صار يرى أن تجاهل الانقسام السياسي قد يكون غير واقعي في ظل حملات انتخابية غير متوقعة تحظى بتغطية متواصلة من المؤسسات الإعلامية وكذلك على منصات التواصل الاجتماعي. في الفترة الأخيرة، اعتمد أصحاب شركات أميركية طرقاً مختلفة للتعامل مع النقاشات السياسية المشحونة بين الموظفين. تستمر الطريقة التي يتعامل بها أصحاب العمل مع الموضوعات المشحونة في المكتب في التطور.
في الأسابيع الأخيرة، أعلنت شركة البرمجيات سايلزفورس عن سياسة جديدة تطلب من الموظفين التوقف عن مناقشة حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة عبر مجموعات الشركة على تطبيق سلاك. وجاءت القرار بعد أن شعرت الإدارة بأنّ "بعض الموظفين يقضون الكثير من الوقت في مناقشة هذه القضايا". كما عُرضت على المديرين التنفيذيين خطة لتعيين مزيدٍ من الموظفين في قسم الموارد البشرية للمساعدة في إدارة النقاشات الداخلية.
فيما اختارت إدارة سلسلة فنادق هيلتون الشهيرة، إقامة برامج تدريب للموظفين والعاملين لديها حول "تقنيات خفض التصعيد" والتي تهدف إلى "تبريد" النقاش حول موضوعات، أبرزها السياسة، بين الموظفين ونزلاء الفندق. من جهتها، حظرت شركة الطيران دلتا في يوليو، على مضيفاتها ومضيفيها ارتداء أي دبابيس على أزيائهم الرسمية تحوي أي عنصر غير العلم الأميركي، وذلك بعد تلقيها شكاوى من مسافرين انزعجوا من رؤية مضيفات يرتدين دبابيس عليها علم فلسطين. أثار قرار الإدارة معارضة بعض المضيفات المدافعات عن التمثيل النقابي اللواتي طالبن "دلتا" بالتراجع عن هذا التغيير، معتبرات أنّه يقيد قدرة أفراد الطاقم على التعبير عن أنفسهم.
لكن في الواقع، لا تقدم القوانين واللوائح، بما في ذلك قانون العلاقات العمالية الوطنية، سوى حماية محدودة لحرية التعبير في مكان العمل. كذلك تتيح كل الولايات الأميركية، باستثناء مونتانا، لأصحاب العمل القيام بطرد الموظفين لأي سبب، باستثناء الأسباب غير القانونية مثل التمييز الديني أو الجنسي، وفقاً لـ"وول ستريت جورنال". بالتالي، لن يكون بإمكان العاملين الذين يسرّحون من وظائفهم بسبب مشاركتهم في احتجاج أو تجمع سياسي أو حتى نشر آرائهم على منصات التواصل الاجتماعي، أن ينالوا تعويضات من أرباب العمل.
تأخذ الأمور منحى مختلفاً في كونيتيكت حيث يحظر القانون على أصحاب العمل معاقبة أو فصل العامل بسبب التعبير عن آرائه السياسية أو الدينية. ولكن حتى في هذه الولاية، يمكن لأصحاب العمل الزعم أن كلام الموظف أو أفعاله تؤثر على مصالح الشركة، أو على تماسك طاقم الموظفين، من أجل طرده.
وتوقع المحامي جوش جودباوم في ولاية كونيتيكت في حديث مع "وول ستريت جورنال" أن تشهد المحاكم ارتفاعاً في عدد القضايا التي تهدف إلى توضيح معالم حقوق العمال في ما يتعلق بالخطاب السياسي. قال: "لا أرى هذه القضية بمثابة قضية ليبرالية في مواجهة قضية محافظة. أرى هذا الأمر أكثر كقضية تتعلق بالحرية الشخصية، وما مقدار الحرية التي نضحي بها بالعمل في القطاع الخاص؟". وختم جودباوم بالقول: "مع تزايد الاستقطاب الاجتماعي والسياسي، يواجه الناس المزيد من المتاعب في العمل والتعايش مع أشخاص لديهم مواقف سياسية مختلفة".
وكان مركز بيو للأبحاث قد أشار إلى أنّ الأميركيين صاروا أقل تسامحاً مع المعتقدات السياسية المخالفة لهم، كما ارتفعت بين العامين 2016 و2022 نسبة الجمهوريين والديمقراطيين الذين يصفون معارضيهم بأنّهم منغلقون على أنفسهم أو غير أخلاقيين أو أغبياء، بما يفوق أحياناً 20%.