باريس تُرحل أحد المؤثرين الجزائريين وبلاده ترفض استقباله

10 يناير 2025
المؤثر الجزائري نعمان بوعلام المعروف بـ"دولامن" (فيسبوك)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- قامت السلطات الفرنسية بترحيل المؤثر الجزائري نعمان بوعلام بتهمة التحريض على العنف، لكن الجزائر رفضت استقباله، مما أجبر الخطوط الجوية الفرنسية على إعادته، في ظل أزمة متفاقمة بين البلدين.
- أطلقت السلطات الفرنسية حملة اعتقالات شملت ستة مؤثرين جزائريين بتهم التحريض على الكراهية والعنف، من بينهم صوفيا بليمان وعماد تانتان، بعد شكاوى من نشطاء معارضين.
- تمثل أزمة المؤثرين جزءاً من أزمة سياسية أوسع بين الجزائر وفرنسا، تتضمن تبادل تصريحات حادة وسحب الجزائر لسفيرها من باريس، مما يعكس تعقيدات العلاقات الثنائية.

رفضت السلطات الجزائرية استقبال أحد المؤثرين بعدما رحّلته السلطات الفرنسية، مساء الخميس، ما أجبر الخطوط الجوية الفرنسية على إعادته، فيما اعتقلت السلطات الفرنسية مزيداً من المؤثرين الجزائريين بتهم التحريض على العنف ضد ناشطين جزائريين معارضين، في سياق طور جديد من أزمة متفاقمة بين الجزائر وفرنسا.

ورحّلت السلطات الفرنسية، مساء الخميس، بحسب ما ذكرت وكالة فرانس برس، المؤثر الجزائري نعمان بوعلام، المعروف بـ"دولامن"، ويبلغ من العمر 59 عاماً، من الأراضي الفرنسية، تطبيقاً لقرار إداري يقضي بطرده من التراب الفرنسي وإلغاء إقامته في فرنسا، وذلك بعد توجيه تهم له بالتحريض على العنف بحق ناشط يقيم في الجزائر، يدعى محمد تاجديت، كانت السلطات الجزائرية قد اعتقلته أكثر من مرة بسبب مواقفه وكتابته منشورات معارضة. ولم يصدر أي بيان أو تأكيدات من الجانب الجزائري حول عملية الترحيل ودوافع رفض استقباله.

ورفضت السلطات الجزائرية استقبال "دولامن" المبعد من فرنسا لدى وصوله إلى مطار الجزائر الدولي، بسبب عدم احترام باريس للإجراءات اللازمة في حالات الطرد والترحيل للرعايا الجزائريين، حيث يستلزم الأمر صدور موافقة مسبقة من الجزائر باستقبال الشخص المرحل، واستصدار وثيقة الترحيل من إحدى القنصليات الجزائرية الـ20 المنتشرة في فرنسا، ما أجبر الجانب الفرنسي على إعادته على الطائرة نفسها المتوجهة إلى فرنسا، ووضعه في مركز توقيف مؤقت، فيما احتجت هيئة الدفاع عن المؤثر الجزائري بشأن سرعة قرار باريس سحب إقامته وترحيله بدلاً من السماح له بالمثول أمام القضاء، الشهر المقبل.

ومن المتوقع، بحسب وسائل إعلام فرنسية، أن تحاول السلطات الفرنسية طرد وترحيل عدد آخر من المؤثرين الجزائريين من فرنسا باتجاه الجزائر بعد إلغاء بطاقات إقامتهم في فرنسا وبدء إجراءات سحب جنسيتهم الفرنسية التي حصلوا عليها، وسط ترجيحات بعدم تعاون الجزائر مع باريس في عملية الترحيل، ورفض استصدار موافقة ووثيقة الترحيل من القنصليات الجزائرية في فرنسا، حيث كانت الحكومة الفرنسية تشكو أصلاً منذ نهاية عام 2021 من عدم تعاون الجزائر معها في ترحيل المهاجرين الجزائريين المقيمين بطريقة غير قانونية في فرنسا.

توقيف المزيد من المؤثرين الجزائريين

وبلغ عدد الموقوفين من المؤثرين الجزائريين على مواقع التواصل الاجتماعي في فرنسا حتى الآن ستة، آخرهم صوفيا بليمان، المتوقع ترحيلها إلى الجزائر، والتي فتح القضاء الفرنسي تحقيقاً بحقها في قضيتين، بتهم "التحريض على الكراهية"، إضافة إلى خمسة آخرين تجري ملاحقتهم، بعد التوصل إلى فيديوهات سابقة كانوا قد نشروها، وتم الإبلاغ عن محتواها أخيراً.

ووجهت السلطات الفرنسية إلى المؤثرين الجزائريين على مواقع التواصل الاجتماعي، الموالين للسلطة الجزائرية، تهماً بـ"التحريض على العنف والاغتصاب والكراهية والإرهاب"، ضد نشطاء جزائريين معارضين للسلطة يقيمون في فرنسا، في أعقاب إطلاق هؤلاء دعوات إلى تظاهرات مناوئة للسلطة في الجزائر.

ومنذ الأحد الماضي، أطلقت السلطات الفرنسية حملة لتفكيك شبكات مؤثرة تعمل لصالح الجزائر في فرنسا، حيث بدأت سلسلة اعتقالات طاولت في البداية ثلاثة مؤثرين جزائريين بشبهة "التحريض على العنف". وبدأت هذه الاعتقالات بعد شكوى أولى قدمها ناشط جزائري معارض يقيم في فرنسا، يدعى شوقي بن زهرة، كان قد تعرّض لتهديدات من قبل مؤثرين جزائريين بسبب مواقفه المنتقدة للسلطة، إذ أوقف يوم الجمعة الماضي، المؤثر الجزائري عماد تانتان، البالغ من العمر 31 عاماً، بعد نشره مقطع فيديو يدعو إلى العنف و"الحرق والقتل والاغتصاب" في فرنسا بحق النشطاء المعارضين والتهديد بالتعرض لهم في فرنسا.

واعتقل لاحقاً مؤثر آخر في مدينة بريست، يدعى زازو يوسف، ويبلغ من العمر 25 عاماً، بتهمة التحريض على الإرهاب بعد بثه فيديو يحرض فيه ضد نشطاء معارضين ودعوته السلطات الجزائرية إلى إطلاق الرصاص على أي متظاهر في الجزائر. كما اعتقل مؤثر ثالث يعرف باسم "عمي بوعلام" بالتهم نفسها التي كان قد وصفها وزير الداخلية الفرنسي برونو ريتايو، الأحد الماضي، بأنها "محتوى وضيع يتضمن التحريض المباشر"، فيما قالت النيابة العامة إنّ هذه المنشورات "تتضمن الدعوة إلى أعمال عنف في فرنسا والجزائر"، قبل أن تعتقل صوفيا بليمان، وعبد السلام بازوكا، ومؤثر آخر يدعى "لكساس 6"، تم التبليغ عن فيديو له يعود إلى شهر سبتمبر/ أيلول الماضي.

مرحلة جديدة في الأزمة بين فرنسا والجزائر

وتمثل أزمة "المؤثرين" طوراً جديداً في الأزمة السياسية بين الجزائر وباريس المتفاقمة منذ يوليو/ تموز الماضي، والتي يبدو أنها جاءت رداً على استهداف السلطات الجزائرية لمن يوصفون بـ"أصوات فرنسا في الجزائر" (وصف يطلق على النخب الجزائرية ذات الحظوة لدى فرنسا)، وتوقيفها الكاتب الفرانكوجزائري بوعلام صنصال لدى عودته إلى الجزائر في منتصف نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، وإحالته إلى القضاء بتهمة المساس بالوحدة الوطنية، وقبل ذلك منع كتب الكاتب الجزائري كمال داود الموالي لليمين الفرنسي واستهدافه وشن حملة إعلامية ضده.

وتدخل كل هذه التطورات ضمن سياقات أزمة سياسية حادة بين باريس والجزائر، تترجمها سلسلة تصريحات متباينة بين مسؤولي البلدين، كانت آخرها تصريحات الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون ضد فرنسا أمام البرلمان، نهاية الشهر الماضي، تلتها تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الاثنين الماضي، التي طالب فيها الجزائر بإطلاق سراح الكاتب بوعلام صنصال، والتي وصفتها الجزائر بـ"غير المقبولة"، ما يعني أن أفق الأزمة التي تفاقمت منذ قرار الجزائر في يوليو/ تموز الماضي سحب سفيرها من باريس وخفض تمثيلها الدبلوماسي، بعد قرار باريس تأييد خطة المغرب للحكم الذاتي في الصحراء، ليست بصدد الانفراج.

المساهمون