انتخب نقيب الصحافة في لبنان عوني الكعكي، اليوم الاثنين، لولاية ثالثة بعد فوز لائحته بالتزكية بكامل أعضائها وعددهم 18، بذريعة أن عدد المرشحين لم يتجاوز عدد المقاعد في مجلس النقابة.
وعقدت الجمعية العمومية الانتخابية لنقابة الصحافة جلسة عامة قبل ظهر اليوم في مقرّ النقابة، هي الثالثة بعد دعوتَيْن رسميّتَيْن، مع حضور ستين ممثلاً للمطبوعات السياسية وغير السياسية والوكالات وتأمين النصاب القانوني، وهو ما يزيد عن النصف زائد واحد، وأدت إلى انتخاب الكعكي نقيباً، وجورج سولاج نائباً له، وطلال حاطوم أميناً للسرّ، وأسعد مارون أميناً للمال.
ووضع التجديد الثالث في إطار تعزيز دعائم السلطة السياسية المنهارة والمفلسة شعبياً، واستكمالاً للحصار الذي يتعرض له الصحافيون والأساليب القمعية التي تمارس بحقهم من قبل الأجهزة الرسمية.
ولا تمثل نقابة الصحافة، برأي الكاتب والأكاديمي اللبناني مهند الحاج علي، "الصحافيين، بل أصحاب الصحف والمطبوعات، وتحديداً من يملكون رخص النشر، حتى لو كانت الصحيفة أو المؤسسة غير فاعلة ولم يعد لها وجود منذ عشرات السنين، وكذلك تمثل أصحاب النفوذ والمصالح الكبرى".
ويسأل في حديثه مع "العربي الجديد" "كيف لهؤلاء أن يكون لهم دور في النقابة وينتخبون النقيب، ولا سيما في وقت نعيش عصراً إلكترونياً جديداً وتحولاً ضخماً على مستوى الإعلام اللبناني والعالمي؟"، مشدداً على أن هذه النقابة لا تمثل نبض الإعلام الجديد والتحولات الحاصلة.
ويشير الحاج علي إلى أنّ هناك تحكماً بأي رخصة تدخل إلى النقابة، واقفالاً للجدول والسيطرة عليه وغياب أي معايير واضحة للانتساب، ما يعني استحالة تبديل الوجوه الأساسية فيها.
ويتابع أنه بات هناك نوع من العرف الطائفي غير القانوني يخصص مركز نقيب الصحافة للطائفة السنية، ونقيب المحررين للموارنة، وأن يكون رئيس المجلس الوطني للإعلام شيعياً، و"بمجرد أن نرى التوزيع الطائفي على هذا المستوى، ندرك حكماً وجود هيمنة على النقابات المعنية ومحاولة مستمرّة لتفريغها من مضمونها الأساسي وهو الدفاع عن حقوق الصحافيين".
انتخابات اليوم، رغم أنها "متوقعة" من حيث الشكل والمضمون، تضعها الصحافية اللبنانية ديانا مقلد في خانة "المهزلة والإهانة للصحافة والصحافيين في لبنان وللقيم الأخلاقية التي يفترض أن تقوم عليها الصحافة".
وتشدد مقلد في حديثها مع "العربي الجديد" على أنّ "هذه النقابة تمثل المنظومة الحاكمة، التي انتفض اللبنانيون ضدّها في 17 أكتوبر/تشرين الأول 2019، والنقيب الكعكي لا يوفر مناسبة إلّا ويظهر ولاءه المطلق للطبقة السياسية، حتى وصل به الأمر سابقاً إلى الوقوف إلى جانب ريا الحسن، يوم كانت وزيرة الداخلية، عند خروجها إلى الصحافيين خلال اعتصامهم أمام وزارة الداخلية في 16 يناير/كانون الثاني 2020 اعتراضاً على الاعتداءات التي طاولتهم من قبل عناصر مكافحة الشغب قبل يوم أمام ثكنة الحلو في بيروت".
ووجه الكعكي في ذلك التاريخ أيضاً سهامه إلى المنتفضين، وانتقد ثورتهم وممارسات وضعها في دائرة أعمال الشغب.
وتعددت سقطات الكعكي (وهو أيضاً رئيس تحرير مجلة نادين)، آخرها وفق إشارة مقلد "المواقف المخزية وطريقة استهدافه للقاضية غادة عون (في قضية شركة مكتف للصيرفة وشحن الأموال)، كامرأة، والتهجّم عليها من منطلق شخصي، والأزمات النفسية التي ربطها بها لأنها غير متزوجة، وغيرها من العبارات المبتذلة التي استخدمها، وذلك بغض النظر عن موقفنا من القاضية غادة عون واختلافنا السياسي معها"، مشيرة إلى أنه يروج دائماً كل المظاهر والمضامين التي يفترض بالصحافة أن تنتفض ضدها.
من جهته، يشير الصحافي اللبناني صهيب جوهر، في حديثه مع "العربي الجديد"، إلى أن هذه النقابة لا فائدة من وجودها باعتبار أنها تمثل السلطة السياسية إلى حدّ كبير،كما أن لا دور مؤثراً للصحافيين في الانتخابات التي دائماً ما تحصر بأصحاب ومالكي مؤسسات إعلامية، هم بمعظمهم يحرمون الموظفين العاملين في مؤسساتهم من حقوقهم، وأكبر نموذج ما حصل مع موظفي قناة "المستقبل" المحلية.
ويضيف جوهر أن هذه الانتخابات بالشكل، وما أفضت إليه من تجديد ثالث للكعكي، فيها استهتار من القوى المسيطرة على النقابة بالصحافيين والمؤسسات الناشئة، خصوصاً بعد انتفاضة 17 أكتوبر/تشرين الأول، في حين يفترض أن تكون نقابة الصحافة المحل الأول والأنسب للتغيير، ويكون سقف الحرية فيها أوسع وأكبر، وتكون المكان الذي يقصده كل صحافي عندما يتعرض لأي اعتداء معنوي وجسدي أو سلب لحقوقه المادية أو طرد تعسفي.