شهدت العاصمة التونسية فصلاً جديداً من الملاحقة الأمنية للصحافيين التونسيين على خلفية عملهم.
وقامت الشرطة التونسية، يوم أمس الإثنين، بالتحقيق مع العاملين في إذاعة موزاييك أف أم الخاصة، إلياس الغربي وهيثم المكي، إثر شكوى بسبب حلقةٍ من برنامج "ميدي" بثّت يوم 15 مايو/ أيار الحالي.
وتطرّق المكي خلال الحلقة إلى المعايير التي تعتمدها وزارة الداخلية التونسية عند انتدابها للعاملين فيها من القوات الحاملة للسلاح، وذلك إثر العملية الإرهابية التي شهدتها جزيرة جربة في 9 مايو الحالي، وراح ضحيتها خمسة أفراد إضافة إلى مرتكب العملية وهو منتم إلى سلك الحرس التونسي.
وبعد التحقيق مع الغربي والمكي لأكثر من أربع ساعات أعلن رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان المحامي بسام الطريفي أنّ "التحقيق مع هيثم المكي وإلياس الغربي لم يكن بسبب شكاية تقدمت بها إحدى النقابات الأمنية، بل أنّ شرطياً هو من قدم الشكوى واتهمهم بالمس بمعنويات القوات الحاملة للسلاح"، معلناً أنّه وبعد استشارة النيابة تقرّر الإفراج عن الصحافيين.
ونظّمت النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين وقفة احتجاجية أمام مقر الشرطة التونسية في منطقة القرحاني، وسط العاصمة، بالتزامن مع التحقيق، ورفعت شعارات منها: "لا لمحاكمة الصحافيين" و"الصحافة ليست جريمة".
كذلك، دعا المشاركون إلى إلغاء المرسوم 54 الذي سنّه الرئيس التونسي قيس سعيّد في 13 سبتمبر/ أيلول الماضي، والذي يتمّ الاستناد إليه في معظم المحاكمات التي يخضع لها الصحافيون.
وتطالب النقابة باعتماد المرسوم 115 المنظم لعمل القطاع الإعلامي في تونس والذي لا ينصّ على عقوبات تتضمّن السجن.
في السياق نفسه، لاحظت أكثر من أربعين منظمة وجمعية حقوقية تونسية في بيان "ارتفاع وتيرة المحاكمات الجائرة والإيقافات التعسفية للنشطاء والمدونين والصحافيين والنقابيين وعموم المواطنين بسبب التعبير عن آرائهم وانتقاد السلطة سواء عبر وسائل الإعلام أو من خلال التدوين على شبكة التواصل الاجتماعي فيسبوك".
وعبّرت عن إدانتها الشديدة لحملة الإيقافات والمحاكمات الأخيرة، والتي غابت عنها وفقاً للبيان، "أدنى معايير المحاكمة العادلة"، فضلاَ عن أنها "محاكمات للآراء والمواقف في خرق واضح للدستور والقوانين والمعاهدات الدولية".
وعرفت حرية الصحافة وحرية الرأي والتعبير تراجعاً كبيراً في تونس خلال الأشهر الأخيرة، بعد صدور أحكام سالبة للحرية ضدّ صحافيين ومدونين وسياسيين، ممّا أثار مخاوف من عودة البلاد إلى مربع الاستبداد قبل ثورة العام 2011.