وثّق المرصد العربي لحرية الإعلام وقائع انتهاكات حقوق الصحافيين والإعلاميين في مصر خلال مايو/أيار الماضي، وشملت حبس صحافي، والحكم على آخر بالسجن 15 عاماً، فضلاً عن إحالة 17 إعلامياً للمحاكمة.
وبحسب بيان لـ"المرصد" السبت، بلغ إجمالي عدد الانتهاكات 38 انتهاكاً، في مقدمتها، من حيث العدد، 21 انتهاكاً من قبل المحاكم والنيابات، و14 انتهاكاً يتعلّق بالقرارات الإدارية التعسفية، ثم انتهاكات السجون والمنع من النشر والتغطية والحبس بانتهاك واحد لكل منهم. واستقر عدد الصحافيين المحبوسين في نهاية الشهر الماضي عند 66 صحافياً وصحافية.
تراجعت مصر إلى المركز 168 عالمياً لعام 2022 على مؤشر حرية الصحافة، لتستمر في المنطقة السوداء من بين 180 دولة حول العالم.
وخلال مايو، أعلن عن أكبر قضية نشر خلال العام الحالي، ضمّت 17 إعلامياً وموظفاً، يتقدمهم حمزة زوبع وسيد توكال وحسام الشوربجي من قناة مكملين، وعماد البحيري من قناة الشرق، أحالتهم النيابة إلى محكمة الجنايات (الدائرة الرابعة إرهاب) التي أجلت محاكمتهم إلى يوم 12 يونيو/حزيران، بتهمة "نشر أخبار كاذبة بشأن تفشي فيروس كورونا، وعدم اتخاذ مؤسسات الدولة الإجراءات الاحترازية اللازمة لمواجهته، وتعمد عدم تقديم الرعاية الطبية اللازمة لنزلاء مراكز العلاج".
الشهر الماضي شهد كذلك عدداً كبيراً من القرارات الإدارية التعسفية بحق الصحافيين، وجاء على رأس الانتهاكات قرار مؤسسة أخبار اليوم بفصل 9 صحافيين هرباً من تعيينهم وإدراجهم على القوائم المرشحة لعضوية نقابة الصحافيين، وتعرض 4 صحافيين في صحيفة صوت البلد للفصل التعسفي بسبب رفضهم دفع مبالغ تأمينية بالمخالفة للقانون، وهو ما اعتبره باقي صحافيي الصحيفة تهديداً لهم بسبب تمسكهم بحقهم القانوني بعدم دفع التأمينات الشهرية، لا سيما أنهم لم يتقاضوا راتباً منذ تاريخ تعيينهم قبل 3 سنوات.
وخلال الشهر أيضاً، قررت الهيئة الوطنية للصحافة دمج مجلة الكواكب وطبيبك الخاص ومجلة حواء، وهي مجلات عريقة مضى على إنشائها أكثر من 90 عاماً، وادعت الهيئة أنّ القرار يأتي في إطار تطوير المؤسسات القومية وتوفير النفقات. وجاء القرار استكمالاً لقرارات سابقة تقع ضمن الإطار ذاته، كقرار الهيئة في عام 2020 بوقف التعيين نهائياً في المؤسسات الصحافية القومية، تلاه قرار في 2021 بإيقاف الإصدارات المطبوعة لصحيفة الأهرام المسائي والأخبار المسائي، وتحويلها إلى إصدارات إلكترونية، وتأتي القرارات على خلفية أن هذه الإصدارات تحقق خسائر.
كما كشفت معلومات صحافية أنّ السلطات المصرية قررت نقل ملكية أصول ثلاث من أكبر المؤسسات الصحافية القومية (الأهرام ودار التحرير وروز اليوسف) إلى إحدى "الجهات السيادية"، بناءً على توجيهات مباشرة من الرئيس عبد الفتاح السيسي لرئيس الحكومة، في إطار مخطط استحواذ الشركة "المتحدة للخدمات الإعلامية"، التابعة مباشرة للمخابرات العامة، على أصول كلّ المؤسسات الصحافية والإعلامية المملوكة للدولة تدريجياً، ومن المقرر بيع هذه الأصول والاستفادة منها تجارياً في مدة أقصاها 5 سنوات، تحت ذريعة تراكم الديون عليها لصالح هيئة التأمينات الاجتماعية ومصلحة الضرائب، لكن الهيئة الوطنية نفت كالعادة هذه المعلومات.
وكشف المحامي خالد علي عن كواليس جلسة التحقيق مع الإعلامية هالة فهمي، في 10 مايو/أيار، وجرت مواجهتها بمنشور قامت بمشاركته من إحدى الصفحات عن مساهمة بعض البنوك المصرية في بناء سد النهضة، كما جرت مواجهتها بفيديو قامت بنشره يتضمن أحاديث حول الاستثمارات الإماراتية وما أثير بشأن شراء بعض الأصول، وهو ما يؤكد أن القبض عليها لم يكن لانضمامها لجماعة إرهابية، بل كان لكتابتها منشورات تعارض فيها السياسة الاقتصادية الحالية للنظام، وهو حق مكفول لكل مواطن بالدستور والقانون.
وقال "المرصد" إنه بينما كان الوسط الإعلامي في مصر ينتظر خلال الشهر المنصرم الإفراج عن عشرات الصحافيين المحبوسين في إطار مبادرة لجنة العفو الرئاسي، فوجئ بالقبض على صحافي جديد بينما أُفرج عن صحافي وحيد خلال الشهر.
كما صدر حكم، في يوم 29 مايو، بسجن مذيع قناة الجزيرة أحمد طه 15 عاماً، عقاباً له على إجراء حديث تلفزيوني مع المرشح الرئاسي السابق ورئيس حزب مصر القوية عبد المنعم أبو الفتوح، الذي نال عقوبة مماثلة بسبب هذا الحوار.
وأدان المرصد هذا الحكم الذي وصفه بأنه "الأكثر فجاجة"، واعتبره تحدياً واضحاً للدستور المصري الذي كفل حرية تدفق المعلومات في المادة 68، وكفل حرية الصحافة في مادته 70، ومنع الحبس في قضايا النشر والعلانية في المادة 71.
كما اعتبر "المرصد" أنّ هذا الحكم "يمثل تطوراً خطيراً في مستوى هذه الانتهاكات، وأنه يرسل رسالة لجموع الصحافيين والإعلاميين بأنهم ليسو بمنأى عن مثل هذه الأحكام القاسية في حال ممارستهم عملهم الإعلامي وفق القواعد المهنية الصحيحة".
ولفت إلى أنّ الحكم الجديد "جاء معاكساً للأجواء التي حرص النظام المصري على تصديرها مؤخراً عقب دعوته لحوار وطني لا يستثني أحداً، وعقب قيامه بالإفراج عن عدد من سجناء الرأي والمحبوسين احتياطيا، بينهم عدد من الصحافيين والصحافيات، كما يأتي معاكساً لأجواء التقارب المصري القطري مؤخراً".
وبمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة (3 مايو/أيار)، طالب الاتحاد الدولي للصحافيين السلطات المصرية ولجنة العفو الرئاسية بالإفراج عن الصحافيين المحبوسين، ونتيجة لتواصل وتصاعد الانتهاكات بحق حرية الصحافة.
وتراجعت مصر إلى المركز 168 عالمياً لعام 2022 على مؤشر حرية الصحافة، لتستمر في المنطقة السوداء من بين 180 دولة حول العالم.