تواصل المنشورات الكاذبة والمضللة حول الحرب في أوكرانيا انتشارها على منصات التواصل الاجتماعي الرئيسية، مع استمرار غزو روسيا للبلاد منذ فبراير/ شباط من العام الماضي. ويمكن العثور على بعض الأمثلة الأكثر مشاركة على نطاق واسع على "تويتر" حيث ينشرها مشتركون تحمل حساباتهم العلامة الزرقاء ويدفعون مقابل وصول محتواهم إلى مستخدمين آخرين.
في هذا السياق، انتشرت العديد من المنشورات المضللة عبر الإنترنت حول أعمال الشغب الأخيرة في فرنسا، لكن منشوراً واحداً انتشر على نطاق واسع، الأسبوع الماضي، وركز على المساعدة العسكرية الأميركية لأوكرانيا. وتضمن المنشور لقطة شاشة لما بدا أنه عنوان رئيسي من موقع إخباري، إلى جانب صورة بندقيتين. وجاء في العنوان الرئيسي: "تعرضت الشرطة الفرنسية لإطلاق نار من بنادق أميركية ربما جاءت من أوكرانيا". وشاركت حسابات تحمل العلامة الزرقاء المنشور الذي شوهد أكثر من مليون مرة. وتتبع فريق تقصي الحقائق من "بي بي سي" تفاصيل الخبر الكاذب، ووصل إلى القنوات المؤيدة للكرملين على تطبيق تيلغرام. وتظهر الصورة المستخدمة في المنشور في مدونة عسكرية روسية من العام 2012، وهي من مسابقة إطلاق نار أقيمت في ميدان رماية قرب موسكو. ولا يوجد دليل على أن أي أسلحة قدمتها الولايات المتحدة إلى أوكرانيا استُخدمت خلال الاضطرابات الأخيرة في فرنسا.
وروّجت حسابات تحمل العلامة الزرقاء على "تويتر" لادعاء أن روسيا قد اكتشفت "مصانع أطفال" في أوكرانيا. وقيل إن الأطفال الذين تراوح أعمارهم بين عامين وسبعة أعوام يُرسلون إما إلى "بيوت الدعارة لممارسة الجنس مع الأطفال"، أو تُستأصل أعضاؤهم وتباع في الغرب. وتتبع فريق تقصي الحقائق من "بي بي سي" أصل هذا الادعاء، في مقال نشره موقع ذا بيبولز فويس في مارس/ آذار، وهو اسم بديل لـ"يور نيوز واير" الذي وصفته منظمات التحقق من الأخبار بأنه أحد أكبر مصانع الأخبار الزائفة على الإنترنت. وكان هذا الموقع قد روّج لمجموعة واسعة من الأخبار الخاطئة والمضللة، بما في ذلك نظريات المؤامرة المضادة للقاحات، والادعاءات الكاذبة حول إطلاق النار الجماعي عام 2017 في لاس فيغاس. ولدى الحكومة الروسية ووسائل الإعلام التي يسيطر عليها الكرملين تاريخ طويل من الترويج للادعاءات التي لا أساس لها بشأن بيع الأعضاء غير القانوني في أوكرانيا.
نهاية يونيو/ حزيران الماضي، أسفر هجوم صاروخي روسي عن مقتل 8 أشخاص وسط مدينة كراماتورسك، شرق أوكرانيا. بعد الهجوم مباشرة، زعم منشور من حساب موثق بالعلامة الزرقاء أن الضربة شنت بالخطأ من قبل أوكرانيا وأصابت ثكنة عسكرية تضم قوات حلف الأطلسي (ناتو) والمرتزقة الأجانب. وزعمت التغريدة أن "صاروخ ستورم شادو غيّر مساره فجأة بشكل كبير، وضرب كراماتورسك، مدمراً ثكنات عسكرية أوكرانية تضم جنوداً ومرتزقة أجانب". شوهد المنشور أكثر من مليون مرة، ولكن لا يوجد دليل على أن مسؤولية إطلاق صاروخ تقع على القوات الأوكرانية، ولا على إصابة ثكنة عسكرية.
كما انتشرت أخبار تزعم أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي "ألغى" الانتخابات في البلاد. واستشهد مروجو الخبر بالتعليقات التي أدلى بها زيلينسكي في مقابلة مع "بي بي سي"، في أواخر يونيو. في المقابلة، سئل زيلينسكي عما إذا كانت هناك انتخابات في أوكرانيا خلال العام المقبل، فأجاب: "إذا فزنا، فستكون هناك انتخابات. وذلك لأنه لن يكون هناك قانون عرفي ولا حرب. يجب إجراء الانتخابات في وقت السلم، عندما لا تكون هناك حرب بحسب القانون". وتعليقاً على تصريح زيلينسكي، قال المذيع السابق في "فوكس نيوز" تاكر كارلسون إن تعليقات الرئيس الأوكراني أثبتت أنه أنهى الديمقراطية في بلاده. كان كارلسون قد انتقد المساعدة الأميركية لأوكرانيا، في برنامجه الذي أطلقه أخيراً على "تويتر". يحظر الدستور الأوكراني حل البرلمان والانتخابات الوطنية خلال فترة تطبيق الأحكام العرفية، ما يعني أن الرئيس الحالي والبرلمان سيظلان في السلطة حتى انتهاء فترة تطبيق الأحكام العرفية.
وكان سكرتير مجلس الأمن القومي والدفاع الأوكراني أوليكسي دانيلوف قد أكد أخيراً أنه استناداً إلى الدستور الأوكراني، "لا يمكن إجراء انتخابات" أثناء سريان الأحكام العرفية في البلاد. ولم تعلق "تويتر" على تقرير "بي بي سي" بشأن استخدام منصتها في الترويج للأخبار الزائفة، رغم أن المؤسسة الإخبارية تواصلت معها، وفق ما كشفت عبر موقعها الإلكتروني.