لم تكن حقن الـ PN والـ PDRN من التقنيات التجميلية الشائعة المعتمدة من قبل أطباء التجميل، إلى أن تبناها الطبيب الاختصاصي في التجميل، وطب مكافحة الشيخوخة، حميد دويهي، بل اكتشفها انطلاقاً من تجربته الشخصية، وما تعرّض له في انفجار مرفأ بيروت.
اختبر الأثر العلاجي للتقنية على أثر أبحاث قام بها عن العلاجات الحديثة لترميم الأنسجة البشرية، بعد تشوّه وجهه وخضوعه إلى جراحتي تجميل، عجز بعدهما الطب التجميلي عن إزالة الندوب العديدة المتبقية في وجهه. كان لهذا الأمر دور مهم في تحفيز دويهي على بذل جهود لاكتشاف التقنية، التي يمكن أن تساعد في ترميم الأنسجة واستعادة ما خسره في الانفجار.
يقول في حديث إلى "العربي الجديد": "ما حصل معي أثر بي كثيراً، كوني كنت أعمل في مجال تجميل وترميم الوجوه، ما زاد من صعوبة تقبّل ما حصل. فبدا واضحاً أن قدرة طبيب التجميل تقف عند حد معين في معالجة الندوب والترميم وتحسين نوعية الجلد والأنسجة". في ظل البحث المستمر عن أحدث الدراسات في مجال ترميم الجلد ومعالجة الحروق والندوب، اكتشف دويهي أنه في اليابان وفي كوريا الجنوبية، تتكثف الأبحاث حول الترميم في الحمض النووي، في إطار علاجات مكافحة الشيخوخة.
وفي اليابان تحديداً، كان التركيز على خلاصة المشيمة البشرية، والتطوير في هذا المجال. هكذا، قرّر الغوص أكثر في هذا الاتجاه. في الوقت نفسه، استمر في محاولات معالجة الندوب لديه والتمزّق الحاد الحاصل في وجهه، بسبب الزجاج المتكسر في الانفجار، بواسطة الليزر والـ Microneedling، بغياب بروتوكول محدد لذلك. فكان يستفيد لكن بشكل محدود مقارنة بالنتائج التي كان يراها مع مرضاه الذين لا يعانون هذا النوع من المشاكل، أثناء اعتماد هذا النوع من التقنيات معهم. يقول: "قررت بالدرجة الأولى تجربة المستحضر على نفسي أولاً، لتتبع النتيجة ومراقبة مدى فاعليته. وما لاحظته أنه عندما أضع المستحضر في الندوب مع تقنيتي الـ Microneedling والليزر، كان الاحمرار والتقشير الذي يدوم أسبوعين عادةً لدى اللجوء إلى التقنيتين وحدهما، يزول خلال يومين لا أكثر. والأبرز، أن الندوب زالت تماماً، واختفت وكأني حصلت على بشرة جديدة بشكل مذهل".
النتيجة كانت مذهلة بالنسبة إلى مرضى بدا وكأنهم اكتسبوا بشرة جديدة وهم كانوا يعانون من تصبغات جلدية يوصف لها العلاج بالريتينول سنوياً عادةً
بدا الأمر مفاجئاً، مع نتيجة غير مسبوقة وفاعلية واضحة. شيئاً فشيئاً، اعتمد دويهي التقنية مع مرضاه بعد أن شرح لهم مسبقاً كافة التفاصيل المتعلّقة بهذه التقنية غير المتوافرة في الشرق الأوسط. النتيجة كانت مذهلة بالنسبة إلى مرضى بدا وكأنهم اكتسبوا بشرة جديدة وهم كانوا يعانون من تصبغات جلدية يوصف لها العلاج بالريتينول سنوياً عادةً. فكان واضحاً أن البشرة عادت نشطة تتفاعل من جديد وتتجدد وأصبحت أفتح لوناً وضاقت المسام فيها. كما خف تركيز الميلانين فيها إلى حد كبير في فترة قصيرة، بفاعلية مضاعفة 10 مرات أكثر مقارنةً بالتقنيات التقليدية. كان واضحاً لدويهي أنها تقنية سباقة ستشكل أساساً في التجميل للأيام المقبلة ما دفعه إلى التوسّع في المجال واعتمادها على نطاق أوسع. من الكافيار تصنع حقن PN وحقن PDRN من مستخلص الحمض النووي في كافيار سمك السلمون الذي يعتبر آمناً، ولا يسبب حساسية للإنسان. وكانت الشعوب القديمة في الشرق الأقصى تصطاد سمك السلمون وتتناوله بكثرة، وكانت النساء يسلخن جلد السلمون لوضعه على وجوه من يتعرضون لحروق فيتحسن الجلد بشكل واضح سريعاً. كما تظهر الدراسات الحديثة أن جلد السمك أكثر فاعلية لتغطية الحروق ومعالجتها مقارنة بالضمادات، كما يحصل عادة، للحصول على نتيجة سريعة لأنه أقرب إلى جلد ثانٍ للإنسان الذي تأذى الجلد لديه. انطلاقاً من ذلك تم تطوير أبحاث في اليابان وكوريا على الحمض النووي للسلمون وتبين أنه يعمل كمحفّز للخلايا البشرية. ومما تبين حتى اللحظة أن الـ PN يمكث في الجلد لوقت أطول عند حقنه ما يؤمن فاعلية للمدى البعيد. أما الـ PDRN فيؤمن نتيجة سريعة. لذلك، عند معالجة وترميم الجلد، ثمة حاجة إلى النوعين للترميم السريع ولنتيجة تدوم طويلاً.
وفق ما يوضحه دويهي، تعطى هذه الحقن في أوروبا وكوريا واليابان مع حمض الهيالورونيك أو وحدها. فطب التجميل الحديث يميل أكثر إلى التقنيات الأقل عدوانية، التي تؤمن نتيجة سريعة وفاعلة من خلال التحفيز البيولوجي للأنسجة بشكل أساسي، ومن ضمنه الPN والPDRN. فلا آثار جانبية للتقنية، كما أنها لا تسبب الحساسية، بل تحسن قدرة البشرة على التجدد وتحسّن المؤشرات الالتهابية فيها، كما أكدت الدراسات. يقول دويهي: "كون هذا النوع من التقنيات يعمل على الخلايا، عندما تمتص المستحضر يترمم الحمض النووي الذي كان يشيخ فيها ويتجدد، وتصغر في العمر بيولوجياً، فتنتج الكولاجين بمعدل أكبر إذا كان ناقصاً فيها، أو أنها تنتج الميلانين بمعدل أٌقل إذا كان زائداً فيها. كما قد تزيد من الأكسيجين الذي يصل إلى البشرة، وغيرها من الأهداف بحسب المشكلة الأساسية.
بشكل عام، تخف الأكسدة في البشرة أيضاً، وتزيد معدلات الكولاجين والإيلاستين، كما يخف أيضاً التراجع في معدلات الدهون في البشرة الذي يحصل مع التقدم في السن، لدى حقنها".