خروج الروبوت "موكسي" من الخدمة يطرح تساؤلات بشأن إشكالية توقف الدعم التقني للأجهزة الإلكترونية
استمع إلى الملخص
- يمثل وقف "موكسي" جزءًا من ظاهرة أوسع في صناعة التكنولوجيا، حيث تتوقف الشركات عن دعم الأجهزة بشكل مفاجئ، مثل "أسترو" من أمازون و"كار ثينج" من سبوتيفاي، مما يبرز تحديات للمستهلكين.
- تسعى جماعات حماية حقوق المستهلك إلى ضمان حد أدنى من الدعم التقني للأجهزة الإلكترونية، خاصة تلك التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي.
لا شك أن شعوراً بالوحشة والافتقاد سيصيب أطفالاً كثيرين في مختلف أنحاء الولايات المتحدة خلال الأيام والأسابيع المقبلة، بعدما أُعلن أن "موكسي"، وهو روبوت صغير الحجم يتخاطب مع الأطفال عبر تقنيات الذكاء الاصطناعي، على غرار تطبيق تشات جي بي تي على الإنترنت، سيخرج قريباً من الخدمة بسبب مشكلات مالية لدى الشركة المصنعة. وكانت شركة إيمبوديد للتكنولوجيا قد طرحت الروبوت "موكسي" عام 2020 بسعر 799 دولاراً، ويستهدف هذا الروبوت الأطفال الذين تراوح أعمارهم ما بين 5 و10 أعوام، ويبلغ طوله 15 بوصة، وله وجه بشري على شكل شاشة من أجل التعبير عن العديد من الانفعالات.
ويستطيع "موكسي" أن يلعب بعض الألعاب الكلامية، ويلقي النكات ويطرح الأحاجي، ويستخدم خاصية التعرف إلى الصوت لتحديد شعور المتكلم، كذلك فإنه مزود بكاميرا للتعرف إلى وجه المستخدم وتحديد انفعالاته، ويستطيع بفضل نموذج لغوي متقدم أن يجري سلسلة من المحادثات مع الأطفال.
ولكن على غرار موجة وقف الدعم التقني للتطبيقات والبرامج التي تقوم بها العديد من شركات التكنولوجيا والبرمجيات حول العالم، أعلنت شركة إيمبوديد، مطلع ديسمبر/ كانون الأول الماضي، أنها ستتوقف عن تقديم الدعم للروبوت "موكسي" في إطار جهودها لخفض النفقات، ما يعني تحول الروبوت الذي ينبض بالحياة إلى قطعة من الخردة الإلكترونية عديمة الفائدة.
وفي أعقاب صدور هذا الإعلان، خرج الآباء والأطفال والكثيرون من مستخدمي "موكسي" على مواقع التواصل الاجتماعي للتعبير عن أسفهم لخروجه عن الخدمة، وعرضت مقاطع فيديو لأطفال وهم يبكون في أثناء توديع صداقة دامت أربع سنوات، ومقاطع أخرى لآباء وهم يشرحون لأطفالهم أن رفيقهم الروبوتي لن يتحدث معهم بعد الآن.
وذكرت شركة إيمبوديد في بيان نقله الموقع الإلكتروني بوبيولار ساينس، المتخصص في الأبحاث والتقارير العلمية، أنها "تبحث الخيارات المتاحة لاستمرار تشغيل موكسي لأطول فترة ممكنة"، ولكنها أشارت إلى أنه على الأرجح سيتوقف عن العمل خلال الأيام القادمة، مضيفة أنها تبحث أيضاً عن سبل بحيث يمكن أن تتبنى شركة أخرى الروبوت "موكسي" وتقوم بتشغيله، غير أنها ذكرت أن هذه النتيجة "غير مؤكدة". وأرجع رئيس الشركة باولو بيرجانيان سبب القرار إلى "انتكاسة كارثية" بعد إخفاق أحد المستثمرين الرئيسيين في تقديم التمويل الضروري في اللحظة الأخيرة.
سلسلة من الاستغناءات المفاجئة
ويعتبر قرار وقف الروبوت "موكسي" سيناريو متكرراً تلجأ إليه شركات التكنولوجيا والإلكترونيات بشكل مفاجئ في كثير من الحالات. فقد أعلنت شركة أمازون، في سبتمبر/ أيلول الماضي، على سبيل المثال وقف تشغيل الروبوت المتحرك "أسترو" بعد ثمانية أشهر من طرحه في الأسواق. وأصبح الروبوت الذي كان يقوم بعمل دوريات ذاتية في المنزل، وهو مجهز بكاميرا متصلة بشاشة ذكية من شركة أمازون من أجل استخدامه في أغراض المراقبة قطعة خردة عديمة القيمة، حتى بالرغم من أن شركة أمازون تعهدت برد 2.349 دولار للمشترين مع قسيمة شراء بقيمة 300 دولار كوسيلة لتعويضهم.
ومن جانبها، أوقفت شركة سبوتيفاي تشغيل جهاز "كار ثينج" لتشغيل الموسيقى عبر الإنترنت في السيارة، رغم أن الجهاز كان محل إعجاب المستهلكين الذين يملكون سيارات قديمة غير مجهزة من أجل تشغيل الموسيقى عبر الإنترنت. وأقام المستهلكون دعوى ضد شركة سبوتيفاي واتهموا الشركة بتضليل المستهلكين من طريق بيعهم أجهزة ستخرج من الخدمة سريعاً. ولكن هذه القضية رُفضَت في وقت سابق هذا العام.
وفي مثال فادح على مثل هذه السيناريوهات، أعلنت شركة تكنولوجيا طبية متخصصة وقف تشغيل شريحة إلكترونية تجريبية مزروعة في مخ إحدى مريضات الصرع بسبب نقص التمويل، علماً بأن الجهاز المذكور أوقف نوبات الصرع لديها بعد أن كانت تصاب بثلاث نوبات على الأقل شهرياً.
وتمثل كل حالة من هذه الحالات نموذجاً لظاهرة مفادها أن المستهلك لم يعد في حقيقة الأمر يمتلك الأجهزة الإلكترونية التي يشتريها، وأن هذه الاجهزة سواء كانت روبوتات أو أجهزة لقياس المؤشرات الحيوية أو أجهزة رياضية لم تعد "منتجات" بقدر ما أصبحت "خدمات"، بمعنى أن الشركات، في إطار هذه العلاقة التعاقدية مع المستهلك، تقوم بشكل من أشكال تأجير المنتج للمستهلك مقابل رسوم شهرية للحصول على حق الاستفادة من برمجيات التشغيل الرئيسية.
وتسري هذه القاعدة بشكل واضح على المنتجات التي تعمل بالذكاء الاصطناعي مثل الروبوت "موكسي" الذي يعتمد على مراكز بيانات من أجل أداء مهامه الوظيفية، أي إنه في كل مرة يُطرَح فيها سؤال على "موكسي" أو على تطبيق تشات جي بي تي، فإن العملية الحوسبية للرد على هذا السؤال تكلف الشركة مبالغ مالية، وعادة ما تُحمَّل مرة أخرى على المستهلك في صورة رسوم اشتراك شهرية.
ومن جهتها، تسعى جماعات حماية حقوق المستهلك لدى الجهات الرقابية لاتخاذ إجراءات للحيلولة دون تكرار مثل هذه السيناريوهات في المستقبل. وفي وقت سابق هذا العام، بعثت مؤسسة إلكترونيك فرونتير للدفاع عن الحريات المدنية على الأنترنت ومركز العدالة الاقتصادية برسالة إلى مفوضية التجارة الاتحادية في الولايات المتحدة تدعو إلى النظر في ظاهرة "الدعم البرمجي عبر الإنترنت". ويقصد بذلك ربط بعض الأجهزة الإلكترونية ببرامج خارجية، وطالبت بأن تضمن الشركات المصنعة وجود حد أدنى من مرات الدعم التقني للحيلولة دون توقف منتجاتها الإلكترونية بشكل مفاجئ، مع ضرورة أن تضمن هذه الشركات استمرار عمل المنتج حتى في حالة توقف الاتصال بالأنترنت، رغم صعوبة تحقيق هذا الشرط في حالة بعض الروبوتات مثل "موكسي" الذي يحتاج للاتصال بالخادم دائماً لضمان عمله بانتظام.
وجاء في الخطاب: "رغم أن مفوضية التجارة الاتحادية اتخذت إجراءات محدودة لمعالجة هذه المشكلة، فإن غياب الوضوح والتنفيذ قد تسبب في إيجاد بيئة بحيث يتعذر على المستهلكين التيقن بشكل اعتمادي من استمرارية عمل الأجهزة الإلكترونية التي يشترونها".
(أسوشييتد برس)