خريطة احتكار المخابرات لسوق الإعلام في مصر

01 يونيو 2021
سيطرة مباشرة على شركات إعلامية وغير مباشرة على قنوات (فايد الجزيري/ Getty)
+ الخط -

مع بدء ظهورها قبل نحو خمس سنوات، كان جلياً أنّ سيطرة "الشركة المتحدة" على سوق الإعلام في مصر هو محاولة لاحتكار مهنة يعمل فيها بضعة ملايين من الأشخاص، لكنها تؤثر في أفكار وتوجهات وقيم وعادات عشرات الملايين من المصريين.

حذر كثيرون من أنّ ممارسات احتكار الإعلام هي الخطوة الأولى لتدمير السوق الإعلامي، وانحدار صناعة الإعلام التي تعد الأكبر في الشرق الأوسط، لكن الشركة، ومن ورائها الجهاز الذي يملكها "المخابرات العامة المصرية"، سارت في ذات الطريق بنفس النهج، وتعاملت مع تلك التحذيرات باعتبارها "محاولة لتعطيل سعيها للهيمنة على السوق من قبل منافسين، أو مكايدات يرددها بعض مثيري البلبلة، أو كارهي الوطن". 

مجلات وصحف وقنوات وشركات إنتاج وتطبيقات ضمن السيطرة

مع الوقت، بدأت الشركة التي تأسست بدمج شركتين مملوكتين لنفس الجهاز، هما "إعلام المصريين" و"D media"، تحويل نشاطها من الاحتكار إلى ما يشبه "التأميم". ومن المثير للسخرية أنّ هذا "التأميم" تم على طريقة ستينيات القرن الماضي، وكشف عن كثير من الخلل في طريقة تفكير من يملكون القرار، كما كشف عن امتلاك الأجهزة السيادية سريًا للعديد من المؤسسات الإعلامية التي كانت تدعي الاستقلال منذ سنوات. استحوذت الشركة بزعم التطوير على قنوات ومحطات راديو مملوكة للجهاز المخابراتي بشكل غير مباشر، منها قنوات "أون تي في"، و"الحياة"، و"سي بي سي"، وقنوات الدراما الخاصة بها، و"سي بي سي سفرة"، وقناة "العاصمة"، و"تايم سبورت"، وقناة "الناس"، وقناة "مصر للقرآن كريم". كما محطات راديو مثل "نغم إف إم"، و"ميغا إف إم"، و"راديو هيتس"، و"أون سبورت إف إم"، كما استحوذت على قنوات "دي إم سي"، و"راديو 9090"، وراديو "شعبي إف إم" وكلها مملوكة بشكل مباشر للمخابرات. 

بعد الاستحواذ، سيطرت الشركة بشكل كامل على كل ما تقدمه تلك القنوات والمحطات، وباتت الرسالة الصادرة عنها شبه موحدة بفضل الشركة المتحدة، وذلك بالتزامن مع سيطرة غير مباشرة على بقية القنوات والمحطات المصرية غير المملوكة لجهاز المخابرات، فيما بات يسمى إعلامياً "رسايل السامسونغ"، ومن ذلك، التعاون مع الهيئة الوطنية للإعلام (ماسبيرو) في تسيير قنوات "أون تايم سبورتس"، و"تايم سبورتس"، والقناة الأولى الرسمية. لاحقاً، كان لا بدّ من التوجه إلى إنتاج الدراما لتغطية حاجة كل تلك القنوات من الأعمال، وكان ذلك من خلال شركتي "سينرجي" و"سينرجي فيلمز". وكان احتكارهما للشاشات والنجوم واضحاً في مسلسلات شهر رمضان الماضي، ومواضيعها. كما انضمت إليهما شركة media hub، وإن على نطاق ضيق، لكنه ينتظر أن يتزايد خلال العام المقبل بعد الهجوم الواسع على إنتاجات "سينرجي" الأخيرة، واستبعاد تامر مرسي من رئاستها لصالح رجل البنوك حسن عبد الله. 

مع انتشار نوع جديد من الشركات القائمة على البيع الإلكتروني، اضطرت الشركة المتحدة إلى دخول هذا المجال، فظهرت شركة "تذكرتي" التي تقوم بتنظيم مؤتمرات وحفلات، وتمتلك منظومة بيع تذاكر، كما ظهرت منصة Watch It التي تقدم المحتوى الدرامي باشتراك مالي، على غرار منصات أخرى منتشرة. هذه المنصة تعرض المسلسلات داخل مصر، لكن حقوق المسلسلات جميعها خارج مصر تذهب لمنصات أخرى، كما تتضمن أيضاً إعلانات، ما طرح أسئلة خلال رمضان الماضي حول جدواها من الأصل.

وتزامنت مع السيطرة على سوق المرئي والمسموع في مصر سيطرة مماثلة على سوق الإعلام المكتوب، إذ تمتلك الشركة حالياً صحف "اليوم السابع"، و"الوطن"، و"صوت الأمة"، و"الأسبوع"، و"الدستور"، موقع "مبتدأ"، وموقع "انفراد"، وموقع "دوت مصر"، و"وكالة الأخبار العربية" ANA. ومجلات طبيزنس توداي"، و"إيجيبت توداي"، و"أموال الغد"، وتطبيق للهواتف يقدم خدمة إخبارية هو "زاجل".

لم يتوقف الاحتكار عند هذا الحد، بل امتد إلى محاولة السيطرة على سوق الدعاية والإعلان أيضاً، وتمتلك المتحدة حاليًا شركة "بريزنتيشن سبورتس" التي تحتكر الأنشطة الرياضية الكبرى، ولاحقاً ضمت "بريزنتيشن" شركة "استادات" بزعم تطوير منظومة الملاعب المصرية. 

وتضم "المتحدة" مجموعة شركات متخصصة في الدعاية والإعلان، وأغلبها كانت لديها علاقات قديمة بجهاز المخابرات، أو مملوكة له بشكل غير مباشر، ومنها media hub التي كان يتشارك في ملكيتها محمد السعدي وإيهاب جوهر، وسينرجي التي كان يملكها تامر مرسي، وشركة pod التي كان يملكها عمرو الفقي، والأخيرة هي الوكيل الإعلاني لكل الوسائل الإعلامية الخاصة بالشركة المتحدة حاليا، فضلاً عن شركة ingredients التي تعمل بجانب شركة media hub في إنتاج محتوى إعلاني.

المساهمون