- صالحي أُعيد توقيفه بتهم "نشر أكاذيب وإثارة اضطراب" بعد إفراج مؤقت، وسط إدانات دولية وحقوقية ترى في الحكم محاولة لإسكات المعارضة وقمع الحريات بإيران.
- قضية صالحي تعكس تشديد السلطات الإيرانية قبضتها على المعارضين والاحتجاجات، مع إدانات دولية لحكم الإعدام كانتهاك لحقوق الإنسان ومؤشر على خوف النظام من التغيير الديموقراطي.
تواجه طهران دعوات متزايدة، منها مسيرة مرتقبة في باريس غداً الأحد، للإفراج عن توماج صالحي بعد الحكم عليه بالإعدام، في قرار قضائي يرى المعارضون للسلطات الإيرانية أنه يأتي ردّاً على دعم مغني الراب المعروف الاحتجاجات التي شهدتها البلاد خلال العام 2022.
وكان صالحي (33 عاماً) من أبرز الأسماء التي أودعت السجن في خضم الاحتجاجات التي شهدتها إيران اعتباراً من منتصف سبتمبر/ أيلول 2022، إثر وفاة الشابة مهسا أميني بعد أيام من توقيفها في طهران على خلفية عدم التزامها القواعد الصارمة للباس في الجمهورية الإسلامية.
وصدر في حق صالحي حكم بالسجن ست سنوات وثلاثة أشهر لإدانته بتهمة "الإفساد في الأرض". وبعدما أمضى نحو سنة خلف القضبان، أفرج عنه منتصف نوفمبر/ تشرين الثاني 2023 بقرار من المحكمة العليا، قبل إعادة توقيفه في أواخر الشهر نفسه، بسبب "نشر أكاذيب وإثارة اضطراب الرأي العام عبر نشر تعليقات خاطئة على شبكة الإنترنت". وأوردت وسائل إعلام محلية في إيران، الأربعاء، أن محكمة ثورية في أصفهان أصدرت حكماً بإعدام توماج صالحي لإدانته بتهمة "الإفساد في الأرض".
ورأى مدير مركز حقوق الانسان في إيران الذي يتخذ في مدينة نيويورك مقراً له، هادي قائمي، إن "هذا التلاعب المقزز بالمسار القضائي يهدف الى إسكات الأصوات المعارضة". وقال إن "سجن توماج صالحي نابع من مناصرته العلنية ضد اضطهاد الدولة".
ومنذ صدور الحكم بإعدام صالحي، تداول ناشطون عبر منصات التواصل الاجتماعي وسم SaveToomaj# (أنقذوا توماج). وكتبت الممثلة البريطانية الإيرانية الأصل نازانين بونيادي على "إكس": "هذه أنباء مدمّرة، وعلينا جميعاً الشعور بالغضب والقيام بكل ما يمكن لإنقاذ توماج. هو بطل قومي وكنز".
وكان التوقيف الأول لصالحي قد أثار تعاطفاً واسعاً معه حول العالم. وهذه المرة، دعت منظّمات إلى مسيرة في باريس غداً الأحد، للمطالبة بالإفراج عنه ووقف عمليّات الإعدام في إيران، وذلك في مقال نشر على موقع صحيفة ليبراسيون الفرنسية.
وأتى صدور حكم الإعدام في حق صالحي في وقت يتحدث ناشطون معارضون ومنظمات حقوقية عن تشديد السلطات الإيرانية القيود الداخلية في الآونة الأخيرة، بما في ذلك عمليات الإعدام وتوقيف معارضين وعودة دوريات الشرطة المولجة مراقبة التزام قواعد اللباس للنساء. ووفق منظمة حقوق الإنسان في إيران، ومقرها في النرويج، وصل عدد أحكام الإعدام المنفّذة خلال هذا العام في الجمهورية الإسلامية إلى 130.
وأتى القرار في حق صالحي بعد تخفيف الحكم الصادر في حق مغني راب آخر هو سامان ياسين الذي أوقف أيضاً على خلفية الاحتجاجات، وذلك من الإعدام الى السجن لخمسة أعوام.
ودعا مكتب المبعوث الأميركي الخاص لإيران، أبرام بارلي، إلى الإفراج عن كل من صالحي وياسين، معتبراً أنهما مثال "على الاستغلال الهمجي للنظام لمواطنيه، وازدرائه لحقوق الانسان، والخوف من التغيير الديموقراطي الذي ينشده الشعب الإيراني".
واعتبرت وزارة الخارجية الفرنسية، الخميس، أنّ عقوبة الإعدام الصادرة في حق صالحي "غير مقبولة". وقالت في بيان: "تدين فرنسا بشدّة هذا القرار الذي يُضاف إلى أحكام الإعدام الكثيرة الأخرى وعمليات الإعدام غير المبرّرة المرتبطة باحتجاجات خريف 2022 في إيران".
ودان وزير الخارجية الإيطالي أنتونيو تاياني الحكم، بينما أعرب عشرة خبراء مستقلين في الأمم المتحدة عن "قلقهم".
وقضى على هامش الاحتجاجات التي انتهت عملياً في أواخر العام 2022 مئات الأشخاص، بينهم الكثير من عناصر قوات الأمن. كما اعتقل الآلاف على هامشها. ونفّذت السلطات القضائية تسعة أحكام بالإعدام على خلفية الاحتجاجات، بعضها مرتبط بقتل عناصر من الأمن. وانتقدت المنظمات الحقوقية المحاكمات. في المقابل، لا يزال ستة موقوفين على الأقل يواجهون خطر الإعدام، بعد صدور أحكام في حقهم بهذا الشأن، وفقاً لمركز حقوق الإنسان في إيران. وشدد مدير منظمة حقوق الإنسان في إيران، محمود أميري مقدم، على أن "إصدار عقوبة الإعدام للتعبير عن الرأي وإصدار أعمال فنية هو مؤشر على يأس نظام الجمهورية الإسلامية وخوفه من الاحتجاجات الشعبية".
وتؤكد منظمات حقوقية أن صالحي تعرّض خلال توقيفه للمرة الأولى، في ذروة الحركة الاحتجاجية، للتعذيب وسوء المعاملة، وأرغم على التبرؤ من مواقف سابقة أمام الكاميرا، وحرم العناية الطبية أو التواصل مع محامي الدفاع عنه.
(فرانس برس)