استمع إلى الملخص
- **تأثير المبادرة على الأطفال:** تمنح الأنشطة الأطفال لحظات من السعادة والفرح بعيداً عن الروتين اليومي للحرب، مما يعكس الأثر الإيجابي للمبادرة على نفسيتهم.
- **تنظيم المخيمات والأنشطة المتنوعة:** تشمل المخيمات تعليم الجوقات الموسيقية، فنون المسرح، صناعة الدمى، وبرنامج "دكتور كلاون"، بهدف إسعاد الأطفال وتذكيرهم بحياتهم الطبيعية قبل الحرب.
ينخرط التوأم الفلسطيني أنور وأكرم الأيوبي (13 عاماً) في مجموعة أنشطة فنية وموسيقية وترفيهية ينظمها معهد إدوارد سعيد الوطني للموسيقى – فرع غزة، رغم الظروف القاسية التي يعيشها الفلسطينيون منذ أكثر من 11 شهراً، هي عمر العدوان الأقسى.
تتضمن المخيمات التي يطلقها المعهد تحت شعار "سلام لغزة" والتي تستهدف الأطفال في عدد من محافظات القطاع، مجموعة فعاليات ترفيهية، تضم العزف على مختلف الآلات الموسيقية، والرسم على الوجوه، وصناعة الطائرات الورقية. تهدف المبادرة التشاركية إلى المساهمة في التخفيف من وطأة الأوضاع النفسية الصعبة التي يمر بها الفلسطينيون في مختلف محافظات قطاع غزة، جراء تواصل العدوان الإسرائيلي منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ما تسبب باستشهاد ما يزيد عن 40 ألف فلسطيني، وفقدان أكثر 10 آلاف، إلى جانب إصابة أكثر من 94 ألفاً، علماً أن نحو 70% من الضحايا من الأطفال والنساء.
تأتي المبادرة تزامناً مع تفاقم الواقع المعيشي لفلسطينيي قطاع غزة الذي يتعرّض إلى حرب الإبادة والمجازر الجماعية، وسط إغلاق المعابر، ومنع دخول شاحنات البضائع والمواد الأساسية، وفي مقدمتها الماء والمواد الغذائية والوقود والمساعدات الإنسانية والأدوية، إلى جانب منع خروج المرضى للعلاج منذ بداية العدوان، وتشديد الحصار إثر السيطرة على معبر رفح البري مطلع شهر مايو/أيار الماضي.
يقول الطفل أنور الأيوبي، من سكان مخيم جباليا، شمالي قطاع غزة، لـ "العربي الجديد"، إنه شارك في مختلف الأنشطة التي نفذها الفريق التابع للمعهد، التي أشعرته بالسعادة، ولو للحظات قليلة، بعيداً عن صوت الطائرات الحربية والانفجارات غير المتوقفة.
أما شقيقه أكرم، فيوضح أنه تشارك مع الأطفال في الأنشطة المتنوعة، بعيداً عن الروتين اليومي خلال الحرب، الذي يضطر فيه إلى مساعدة أسرته في تعبئة المياه يدوياً، كذلك شحن الهواتف والبطاريات. يقول: "لم نمارس أنشطة ترفيهية جماعية كهذه منذ انقطاعنا عن الدراسة، بسبب تعطيل العملية التعليمية جراء الحرب".
وعلى الرغم من الآثار النفسية الصعبة لتداعيات العدوان الإسرائيلي المتواصل التي أصابت ما يزيد عن ثلثي الأطفال باضطرابات ما بعد الصدمة، فإن الفعاليات شكلت بمجملها مساحة ترفيهية تفصلهم مؤقتاً عن آثار العدوان الكارثية. وكانت ملامح الفرحة واضحة على تقاسيم وجه الطفلة سما البيروتي (12 عاماً)، التي نزحت برفقة أسرتها من منطقة تل الهوا جنوبي مدينة غزة، نحو عدة مراكز ومدارس لجوء في المناطق الوسطى والجنوبية، وصولاً إلى إقامة خيمة في مخيم النصيرات للاجئين الفلسطينيين، وسط قطاع غزة الذي يشهد فعاليات المخيمات الفنية والترفيهية من تنفيذ المعهد. تقول البيروتي لـ"العربي الجديد" إنها انضمت للمرة الأولى منذ بدء العدوان إلى حلقة دائرية خاصة باللعب والترفيه، بدلاً من اصطفافها المتكرر في طابور الماء، حيث توزع الأسر الفلسطينية النازحة الأدوار بين أفرادها لتوفير الاحتياجات الأساسية اليومية.
يلفت منسق أنشطة معهد إدوارد سعيد في شمال قطاع غزة، فؤاد خضر، إلى أن المخيم عبارة عن مدرسة فنون يجري من خلالها تعليم الجوقات في مختلف الآلات الموسيقية كالعود والغيتار والبيانو، إلى جانب برنامج فنون المسرح وصناعة الدمى وبرنامج "دكتور كلاون" الذي يُقدّم ضمن فقرات السيرك والبهلوان والرسم والفن التشكيلي، إضافة إلى التعلم بواسطة معزز الواقع الافتراضي (VR). ويوضح خضر لـ"العربي الجديد" مدى انخراط الأطفال في الأنشطة المتنوعة التي تُقدّم لهم يومياً، في مسعى إلى التخفيف من وطأة الواقع النفسي الصعب للحرب المتواصلة للشهر الـ11.
في هذا السياق، توضح مديرة معهد إدوارد سعيد الوطني للموسيقى في قطاع غزة، منال عواد، أن الأسبوع الأخير من أغسطس/آب الماضي شهد إطلاق مخيمين؛ الأول في نادي خدمات جباليا شمالي قطاع غزة، والآخر في مخيم النصيرات للاجئين الفلسطينيين وسط القطاع. بينما يجري الاستعداد لإطلاق المخيم الثالث في منطقة المواصي، غربي مدينة خانيونس في المحافظات الجنوبية.
تقول عواد إن المبادرة تتضمن أنشطة متنوعة، ومنها نشاط الكورال الجماعي، وتعليم العزف على الآلات الموسيقية، وزوايا فنية أخرى، إلى جانب الأيام المفتوحة، التي يُقدَّم خلالها وجبات الطعام للأطفال وفق الإمكانيات المتاحة. وتلفت إلى أن الأنشطة تمثّل "هدية متواضعة" لغزة وأطفالها، في ظل العدوان المتواصل، ويتمثل الهدف الأساسي منها في الترفيه عنهم قدر المستطاع، وذلك عبر الموسيقى والأنشطة الفنية المتنوعة التي تقدمها المخيمات. تضيف عواد: "الأنشطة عبارة عن محاولات ليس هدفها تجميل الواقع الصعب والقبيح والحزين، وإنما إسعاد الأطفال ولو للحظات قليلة، تذكرهم بحياتهم الطبيعية وروتينهم الذي اعتادوا عليه سابقاً قبل بدء الحرب، من خلال الفعاليات الترفيهية والفنية".