في 20 مايو/أيار الحالي، رحل عاشق الحياة والسعادة سمير صبري، الذي قدّم أشهر وأفضل برنامج تلفزيوني في السبعينيات "النادي الدولي".
وكان سمير صبري أحد أهمّ فرسان الإعلام والفن المصريين طوال أربعة عقود أو أكثر بطلّته المميزة وموهبته الاستعراضية. وكان طموحاً ومتجدداً دائماً، فخرج ببرنامجه من مبنى الإذاعة والتلفزيون (ماسبيرو)، متجولاً في الشارع المصري، في خطوة سبّاقة وجريئة أصبحت تقليداً متبعاً بعده.
قدم صبري خبطات سجلت دوياً هائلاً في الإعلام المصري وقتها، فكانت كاميرات "النادي الدولي" أول من استقبلت كاتبنا مصطفى أمين (1914 – 1997) لحظة خروجه من السجن بعد العفو الرئاسي من الرئيس الراحل محمد أنور السادات (1918 – 1981)، وأول من سجل مع الملاكم العالمي محمد علي كلاي (1942 – 2016) أثناء وجوده في القاهرة.
كان سمير صبري بملابسه وأسلوبه الجديد البديع في التقديم وشخصيته المحبة للحياة يمثل اتجاهاً عاماً لمرحلة أكبر كانت تعيشها مصر. وكان المجتمع المصري بطبيعته محباً للحياة ومتذوقاً للفن والثقافة، ولا يزال.
في المقابل، كانت هناك قوى تعمل بكامل طاقتها للقضاء على هذه الثقافة، ولتكريس ما يعرف بثقافة الموت، فكان لا بد من التخلص وإزاحة أحد أهم فرسان هذا الاتجاه.
هكذا، صاروا يتربصون لسمير صبري في كل صغيرة وكبيرة، وصوبوا على ملابسه بدعوى عدم لياقتها، وقالوا إن إطلالاته لا تلائم الشاشة الصغيرة. وحوصر بموجة من الشائعات ومحاولات التشويه بعدما استضاف الملكة فريدة، بحجة أنه مع عودة الملكية إلى البلاد. الهجوم تكرر أيضاً حين قدّم تحقيقا عنوانه "هل قتلت أم كلثوم اسمهان؟"، إذ اتهمه المغرضون بأنه يوحي للناس أن الأولى قتلت فعلاً الثانية ليخلو لها عرش الغناء والطرب في مصر.
وهكذا استمرت الهجمات المغرضة عليه، إلى أن جاءت القشة التي قصمت ظهر البعير، إذ انتُهزت فرصة سفره إلى لندن، وأكمل المغرضون خيوط المؤامرة، واتهموه بالسخرية من البلاد ورئيسها.
قامت القيامة ولم تقعد، وصدر الأمر بوقف "النادي الدولي" تزامناً مع إطلاق شائعة لا أساس لها من الصحة. ولم يعلم سمير صبري بذلك غير عند لقائه صدفة بالكاتب مصطفى أمين في أحد مقاهي لندن، حيث طلب منه الأخير صراحة العودة إلى مصر لمواجهة ما يقال.
وبالفعل، عاد صبري وواجه كل هذه الترهات، إلى أن صدر أمر مباشر من السادات بإعادة بث واستمرار برنامج "النادي الدولي"، ومعاقبة المسؤول الذي أوقفه. لكن صبري رفض بشموخ الرجوع لتقديم البرنامج، وبدأ بإعادة ترتيب أوراقه لمرحلة جديدة تسجل له عشقه لثقافة الحياة في مجابهة هؤلاء المكرسين ثقافة الموت، ولإنقاذ مصر من الدخول في نفق مظلم، لا نريده لها بأي حال من الأحوال، لا أمس ولا اليوم ولا غداً.