تؤرّخ الفنانة الفلسطينية سناء موسى، في ألبومها الغنائي الجديد "من ذاكرة البلاد"، لأغنيات الساحل الفلسطيني، مستعيدة أغاني الصيادين الذين كانوا يغامرون بحياتهم بحثاً عن رزقهم، عبر قوارب تأخذهم على امتداد الساحل من رأس النقب إلى أم الرشراش.
الألبوم الذي سيصدر خلال فترة وجيزة، متضمناً سبع أغنيات من الموروث الشعبي الفلسطيني، ولدت فكرته أثناء بحث موسى عن أغاني الصيادين، وتقول: "انتهت أغاني الصيادين منذ عام 1930، عند اختراع قوارب صيد بمحركات، وانتفت الحاجة للصيد بقوارب الدفع البشري، قبل ذلك التاريخ كان الصيادون بحاجة لأغانٍ تحمسهم، وتبث الطاقة في عقولهم وأجسامهم، كونهم كانوا يقضون أياماً وأسابيع طويلة في عرض البحر، لا يعرفون معها متى سيعودون، وكيف ستكون حصيلتهم من الصيد. وبعد دخول القوارب الحديثة، انقطعت هذه الأغنيات، التي أبحث عن مصادرها منذ عام 2005".
أعدت موسى كلمات وألحان الأغنيات بالتعاون مع الفنان جون حنضل، متكئين على التراث، وعلى الروايات الشفهية للصيادين القدماء، من عكا ويافا وحيفا وغزة. وتروي الأغاني قصص وحكايات الصيادين منذ بدء رحلة الصيد، وانتظار عائلاتهم، حتى عودة الصيادين بأرزاقهم، في حكاية. ويتضمّن الألبوم 7 أغانٍ هي: "يا ستر الله"، و"يا رب البحر – دعاء من طقس أربعا أيوب"، و"طلعت الشمس"، و"بحرية"، و"يا نازلين البحر"، و"منديلي" و"لقاء الصيادين".
عن أغنية "بحرية"، تكشف موسى في حوارها مع "العربي الجديد" أنها ذاتها الأغنية التي قدمها الفنان الراحل وديع الصافي، برؤية موسيقية مغايرة عن كلامها ولحنها الفلكلوري الأصلي، وتقول: "قدم وديع الصافي الأغنية برؤيته الفنية، لكنني أعيد تقديمها بنصها ولحنها الفلكلوري القديم، الذي يتضمن ما يشبه الموال في مقدمتها: "طلعت الشمس يا ريّس على المينا، وإحنا الغرابة ودّينا لأهالينا يا ريّس"، قبل أن تبدأ الأغنية بـ:"عندك بحرية يا ريّس.. وزنود قويّة يا ريّس/ عندك بحرية يا ريّس... صافيين النيّة يا ريّس/ والبحر كبير يا ريّس... قطع الجنازير يا ريّس/ والبحر جبال يا ريّس... وهمّ ع البال، وأنا وسط الميّة يا ريّس".
تستذكر موسى في حديثها برنامجها التلفزيوني "ترويدة" الذي قدمته على شاشة تلفزيون فلسطين، قائلة: "هو أول مشروع بحثي في قوالب الغناء الفلسطيني، بحيث يتم تصنيف القوالب الغنائية، من خلال النبش في ذاكرة الناس، واستضافة الباحثين الشعبيين في التراث، فقصة الأغنية لا تقل أهمية عنها، ففي كل قصة أرشفة لأغنية تسمح لنا بالوصول إلى التاريخ والجذور الضاربة في الارض، والنساء هن حارسات التراث، والمساهمات في نقل القوالب الموسيقية إلى الأجيال اللاحقة، وقد سعى برنامج "ترويدة" خلال 16 حلقة تلفزيونية، إلى تجميع التراث الموسيقي الفلسطيني وفصله عن التراث العربي المحيط به، وقولبته بحلة جديدة تحافظ على خصوصيته".
ورداً على من يرغب بحصر الغناء الفلسطيني بالأغنية الفلسطينية المقاومة للاحتلال، تؤكد موسى ألا تناقض بين الأغنيتين العاطفية والوطنية، وتقول: "نحن نحب ونحلم بالحرية، ولهذا السبب قدمت أغنية (طلت البارودة) لإنصاف الشهداء، وأغنية (نجمة الصبح) لأعبر عن فرح الفلسطيني بعودة ابنه الأسير، لإننا لو استأصلنا الفرح واستثنينا الحب والعاطفة من أغنياتنا، سنحكم على أنفسنا بالإعدام".