من المتوقع أن يؤدي إنهاء الحكومة الصينية حملتها على سوق ألعاب الفيديو إلى استعادة هذه الصناعة بعضاً من عافيتها هذا العام، لكن القيود على المحتوى والتغيرات الاقتصادية ستحدّ من الانتعاش المتوقّع. فرضت بكين، خلال عام 2021، قيوداً صارمةً على أكبر سوقٍ لألعاب الفيديو في العالم، ممّا أدى إلى تقلّصه، وتسبّب بخسارة شركات كبرى، مثل "تينسنت" و"نت إيز"، أكثر من نصف قيمتها السوقية.
هذا الأسبوع، عادت أسهم "تينسنت" و"نت إيز" للارتفاع، وذلك بعد أن بدأت الجهة المنظمة لألعاب الفيديو في الصين، مطلع هذا العام، بمنح تراخيص الألعاب الجديدة، في أحدث علامة على انتهاء الحملة. ويتوقّع المحللون أن توافق الصين على ترخيص 800 إلى 900 لعبة جديدة هذا العام، في زيادةٍ عن العام 2021 الذي شهد ترخيص 512 لعبة، والعام 2022 الذي شهد ترخيص 755 لعبة، علماً أنها امتنعت عن ترخيص أيّ لعبة في الفترة ما بين أغسطس/ آب 2021 ومارس/ آذار 2022.
وكتب محللو "جي بي مورغان" في تدوينة الأربعاء الماضي: "نعتقد أن إعطاء التراخيص يشير إلى بيئة أكثر استقراراً لصناعة الألعاب". وأضافوا: "مع ضخ مزيدٍ من الألعاب الجديدة، فإنّنا نملك توقعاتٍ أكثر إيجابية حول النمو الإجمالي لسوق الألعاب عبر الإنترنت في فترة العام الصيني الجديد الذي يعدّ الموسم التقليدي لهذا السوق في الصين".
كانت الحملة الحكومية تستهدف الحد من إدمان الألعاب بين الشباب والمراهقين، وإزالة المحتوى الذي لا توافق عليه السلطات، وطلب من الشركات حذف المحتوى الذي يعتبر عنيفاً، أو الذي يُعتقد أنه يحتفي بالثروة، أو يعزّز عبادة المشاهير. أدّى ذلك إلى انخفاض مبيعات الألعاب في الصين بأكثر من 10 في المائة عام 2022، لتصل إلى 40.1 مليار دولار أميركي. ويعد ذلك أوّل انخفاض في المبيعات منذ أن صارت الأرقام متاحة عام 2003، وفقاً لتقرير صادر عن شركة سي إن جي للبيانات المدعومة من الحكومة.
وفي نوفمبر/ تشرين الثاني من العام الماضي، أعلنت أكبر شركة للألعاب في العالم، تينسنت، عن تقلص عائداتها المحلية من الألعاب بنسبة 7 في المائة في الربع الثالث، فيما تراجع إجمالي إيرادات الألعاب بنسبة 4.45 في المائة. كذلك، تراجعت أسهم الشركة الأعلى قيمةً في الصين، بنسبة 24.7 في المائة خلال العام الماضي، لكنّها ارتفعت بنسبة 21 في المائة خلال هذا العام، لتعوّض بذلك عن معظم خسائر العام الماضي. كذلك، ارتفع سهم شركة نت إيز في هونغ كونغ بنسبة 21.4 في المائة هذا العام، بعد انخفاض وصل إلى 27.3 في المائة خلال العام الماضي، وفقاً لوكالة رويترز.
وأتت الموافقة الحكومية على الميزانيات الكبيرة لإنتاج عددٍ من الألعاب الآن، لتعزّز آمال المستثمرين في تحسن حال السوق واستقراره. ومنذ ديسمبر الماضي، أعطيت تراخيص لألعاب مثل "فالوران" من "تينسنت"، و"جستس موبايل" من "نت إيز"، و"هونكاي: ستار رايل" من شركة ميهويو. ووافقت الجهات الناظمة الصينية في الشهر نفسه على إعطاء تراخيص لـ44 لعبة أجنبية، لأوّل مرة خلال 18 شهراً، ممّا أعطى إشارة أخرى عن تخفيف القيود، وهو الأمر الذي قد يلهم المطوّرين الأجانب للعودة للاستثمار في القطاع الصيني من جديد.
ومع ذلك، فإن بعض القيود التنظيمية التي فرضتها السلطات ستبقى من دون تغيير، وأهمها منع المراهقين تحت سن 18 عاماً من اللعب أكثر من 3 ساعات أسبوعياً، وهو الأمر الذي أجبر "تينسنت" وغيرها على التخلي عن تطوير ألعاب تستهدف هذه الفئة العمرية.
ولفتت "تينسنت"، في نوفمبر الماضي، إلى أنّ إجمالي الوقت الذي يقضيه الأشخاص تحت 18 عاماً في استخدام ألعابها انخفض بنسبة 92 في المائة. كما ستستمر الرقابة على محتوى الألعاب، ممّا يعني أنّ لعبة شديدة الشعبية مثل "غراند ثيفت أوتو" ستبقى محظورةً في الصين.
وبالطبع، تظلّ عودة سوق الألعاب إلى سابق عهده مرتبطةً بتعافي الاقتصاد الصيني بالمجمل من الأضرار التي لحق به نتيجة الإصابات بطفرات كوفيد-19.
وتظهر البيانات أنّ إجمالي عدد اللاعبين في الصين لا يزال مستقراً، إذ انخفض بنسبة 0.33 في المائة فقط في عام 2022، ووصل إلى 664 مليون لاعب. وقال المحلّل في شركة أومديا للأبحاث، تشينيو كوي، لـ"رويترز": "ستعود الألعاب عبر الإنترنت للنمو في الصين خلال العام 2023، لكنّ ببطء وتدريجياً".