يتجول الشاب علي محيسن برفقة صديقه في منطقة الفنادق والمقاهي والمطاعم في شارع الرشيد المطل على شاطئ البحر، غرب مدينة غزة، ليستكشفا حجم الدمار الذي لحق بالمكان.
ويحاول الشاب محيسن (33 عاماً)، من سكان حي الشجاعية، شرق مدينة غزة، استيعاب الصدمة التي بدت واضحة على ملامح وجهه أثناء مشاهدته الدمار الهائل الذي خلّفته الحرب الإسرائيلية المتواصلة على قطاع غزة.
شارع الرشيد في غزة قبل الحرب
وكانت هذه المنطقة تضج بالحياة في أوقات العام كافة، حيث كان الفلسطينيون يتجمعون في المقاهي والمطاعم والفنادق لحضور احتفالات الزفاف أو مشاهدة مباراة كرة قدم أو تناول الطعام أو للاستمتاع بجلسات ساحرة مطلة على شاطئ البحر، وفق محيسن.
وبينما يتأمل محيسن ركام مسجد الحساينة في منطقة الميناء، غرب غزة، والذي فجره الجيش الإسرائيلي خلال توغله البري، يقول لمراسل الأناضول: "هذا المسجد كان معلماً دينياً وسياحياً مميزاً، وكنا نصلي فيه باستمرار، ولا سيما صلاة التراويح في شهر رمضان المبارك وصلاة العيد، لكنه أصبح أثراً بعد عين".
ويستذكر بالقول: "كنا في هذا التوقيت من العام نستمتع بالمشي ليلاً في الأجواء الشتوية وتحت المطر على كورنيش غزة، ونأكل الذرة، ونحتسي المشروبات الساخنة للشعور بالدفء".
ولم يسلم كورنيش غزة وشارع الرشيد من الحرب الإسرائيلية المدمرة، فقد حولته الجرافات والآليات العسكرية الإسرائيلية من شارع جميل معبد تتوسطه جزيرة مزروعة بالزهور والورود، إلى شارعٍ ترابي قاحل.
ودمر الجيش الإسرائيلي المقاهي والاستراحات المطلة على شاطئ البحر، غرب شارع الرشيد، أحد أكثر شوارع المدينة حيوية وجمالاً.
كما استهدف المباني والفنادق السياحية ومن فيها على جانبي الطريق بالقذائف مرات عديدة، ما أدى إلى تدميرها إما بشكل كلي أو جزئي واستشهاد عدد ممن كانوا فيها.
وبينما كان محيسن يحدث مراسل الأناضول عن الدمار الذي لحق بالمنطقة، قاطعه الشاب محمد الشوا قائلاً: "هذه المنطقة كانت إحدى أجمل مناطق قطاع غزة، لكن للأسف تحولت إلى أكوام من الدمار والركام".
ويضيف الشوا: "لم نتخيل للحظة واحدة أن نشاهد هذا المنظر، المنطقة بأكملها تحتاج إلى إزالة وإعادة إعمار من جديد".
ويؤكد أن هذه المنطقة مليئة بأنقاض المنشآت الاقتصادية وبالمحلات والمباني السكنية التي قصفها الجيش الإسرائيلي منذ بداية الحرب المدمرة وخاصة أثناء عملياته العسكرية البرية.
ويشير أثناء حديثه إلى الزجاج المكسور والحجارة المتناثرة على الأرض تحت الأقدام، في ظل تحليق المسيرات الإسرائيلية والطائرات الحربية في السماء.
وتحولت منطقة الفنادق وشارع الرشيد الساحلي إلى منطقة منكوبة لا حياة فيها بفعل الاستهداف العنيف والتدمير الممنهج للأبراج والمباني السكنية، وفق الشوا.
ويستكمل حديثه بالقول: "هذه المنطقة المنكوبة كانت بالأصل منطقة سياحية وجمالية يتنزه فيها المواطنون ويلتقطون صورهم التذكارية وكانت مزاراً للوفود الأجنبية".
ويظن الزائر لمنطقة فنادق غزة الممتدة من تقاطع شارع الرشيد مع شارع عمر المختار شمالاً وحتى شارع بيروت جنوباً أن زلزالاً ضرب المنطقة، وفق المتحدث باسم بلدية غزة حسني مهنا.
غزة خسرت 70% من مبانيها
ويبين مهنا في تصريح لـ"الأناضول"، أن الانسحاب الإسرائيلي من المناطق الغربية في غزة كشف عن حجم الدمار الذي تعرضت له المنطقة بكل مكوناتها.
ويوضح أن المنطقة تضم منشآت اقتصادية وخدماتية وشرطية وسياحية ومباني سكنية وجميعها تصنف منشآت مدنية بموجب القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني.
وأضاف مهنا أن الجيش الإسرائيلي ألحق أضراراً بما يزيد عن 70% من مباني ومنشآت مدينة غزة منذ بداية العدوان في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول.
وأشار إلى تعمد إسرائيل استهداف المساجد والكنائس والمعالم والمشافي والأماكن التاريخية والسياحية والمصانع والمراكز التجارية والمؤسسات الثقافية ومقار المؤسسات الدولية.
وخلفت الحرب الإسرائيلية المدمرة على قطاع غزة منذ 138 يوما وحتى الأربعاء، 29 ألفاً و313 شهيداً و69 ألفاً و333 مصاباً، معظمهم من الأطفال والنساء، بالإضافة إلى آلاف المفقودين تحت الأنقاض.
(الأناضول)