أعلنت ثلاث صحافيات مصريات الإضراب عن الطعام والاعتصام داخل مبنى نقابة الصحافيين، ابتداءً من اليوم الإثنين، للمطالبة بالإفراج عن معتقلي الرأي والتعبير في مصر، وتضامناً مع إضراب سجين الرأي علاء عبد الفتاح "الذي يصارع الموت من أجل الحرية"، بحسب بيان على صفحاتهن في "فيسبوك".
وطالبت الصحافيات، إيمان عوف ومنى سليم ورشا عزب، بالإفراج الفوري عن الناشط علاء عبد الفتاح الذي صعّد إضرابه أمس الأول ليشمل الامتناع عن شرب الماء، كما طالبن بإطلاق سراح الصحافيين المعتقلين من أعضاء النقابة والممارسين للمهنة من غير أعضاء النقابة، علاوة على وقف ملاحقة الصحافيين في قضايا النشر، وفتح المجال العام في مصر، وقيام نقابة الصحافيين بدورها التاريخي المعروف، إلى جانب وقف الملاحقة الأمنية المستمرة لأصحاب الرأي، وطرح حلول جذرية لقضية السجناء السياسيين، وإطلاق سراح كل من لم يتورط في أعمال عنف.
وتواصل الأجهزة الأمنية حملات الاعتقال بحق ناشطين ومدونين وصحافيين، إذ جرى اعتقال الصحافي محمد مصطفى موسى في ساعة مبكرة من صباح اليوم الإثنين، لينضم إلى قائمة طويلة من الصحافيين المعتقلين الذين تزايد عددهم في الأيام الأخيرة بالتزامن مع اتساع نطاق دعوات للتظاهر الجمعة المقبل.
وكانت الصحافية المنضمة أخيراً لقائمة الصحافيين المعتقلين، منال عجرمة، وهي نائبة رئيس تحرير مجلة الإذاعة والتلفزيون الحكومية، "محظوظة"، لأن ذويها علموا بمصيرها في وقته، حينما صرخت مستنجدة بالجيران، ومعظمهم صحافيون، في تجمع سكني لهم شرق القاهرة، قبل أن تقتحم قوة أمنية منزلها وتقتادها إلى جهة غير معلومة.
وخمّن زملاء الصحافية وجيرانها مكان احتجازها، وسرعان ما جرى تداول اسمها على صفحات التواصل الاجتماعي مع المطالبة بإطلاق سراحها، والإشارة إلى أنها مسنة وتعاني جملة من الأمراض تحصل على أدوية لها بانتظام.
غير أن آخرين لم يتوافر لهم مثل هذا "الحظ السعيد"، فالصحافي الشاب في صحيفة المصريون عمرو شنن لم يعلم زملاؤه باختفائه المستمر من ثلاثة أسابيع إلا منذ أيام. ومثله الصحافي رؤوف عبيد، المنضم لنقابة الصحافيين قبل ثورة يناير عن صحيفة الحزب الوطني المنحل الوطني اليوم، وهو معتقل منذ عدة شهور، ولم يعلم زملاؤه بمصيره إلا قبل أيام.
وقالت مصادر قريبة من أسرته إن اعتقاله جاء بعد خلاف مع جيران لعائلته على قطعة أرض في بلدته في صعيد مصر، تبين لاحقاً أن خصومه نافذون بمناصب عليا.
وكشفت منشورات لزملاء الصحافي في "الأهرام"، محمود دياب، عن اختفائه منذ أسابيع، وحينما فشلت أسرته في العثور عليه، وتوجهت لمجلس نقابة الصحافيين قبل أيام بطلب استفسار عن مصيره، قيل لها إنه لا يمكن التدخل بشأنه، حيث إنه محتجز لدى "جهة ما"، بتهمة التخابر مع منظمات أجنبية.
ودياب حصل قبل سنوات على منحة لدراسة الصحافة في الصين، وذلك في إطار برامج التعاون الدولي بين منظمات صحافية دولية، ومكث في بكين نحو عام، قبل أن يعود للعمل في مؤسسة الأهرام، ثم حصل على إجازة من المؤسسة ليسافر للعمل في إحدى المؤسسات الصحافية في الخارج، وفي المطار جرى توقيفه واعتقاله، بحسب مصادر قريبة من أسرته.
وبحسب المرشح لمنصب نقيب الصحافيين سابقاً كارم يحيى، يبلغ عدد ما أمكن رصده من الصحافيين المعتقلين منذ مايو/أيار 2021 حتى الأول من نوفمبر/تشرين الثاني 2022 نحو 54 صحافية وصحافياً، إضافة لمن جرى اعتقالهم خلال الأيام القليلة الماضية.
ولفت يحيى، في منشور له على صفحته الشخصية في "فيسبوك"، إلى إطلاق سراح 26 من الصحافيين الذين كانوا معتقلين خلال السنوات الماضية، أعيد اعتقال بعضهم، ليضاف للعدد نحو 28 صحافياً جديداً.
وإضافة للأسباب التي يسوقها ذوو الصحافيين المعتقلين، يشترك الصحافيون المعتقلون في قائمة اتهامات محددة، تدور معظمها حول "نشر أخبار كاذبة"، و"الانتماء لجماعة إرهابية أو مساعدتها في تحقيق أغراضها".
ويلقي أعضاء في مجلس نقابة الصحافيين من المقربين للسلطة باللوم على زملائهم لأنهم "لا يراعون الظرف الدقيق الراهن، ويقومون بنشر آرائهم المعارضة على مواقع التواصل الاجتماعي"، وذلك بحسب ما نقله عن هؤلاء ناشط صحافي، رفض ذكر اسمه، تواصل معهم للحصول على دعمهم لصالح المعتقلين.
وأضاف، في حديث مع "العربي الجديد": "انتقدت الصحافية المعتقلة أخيراً منال عجرمة تدهور الأوضاع الاقتصادية، أما المصور الصحافي المعتقل منذ شهور محمد فوزي فقد انتقد الحوار الوطني، وهذا كل ما فعلاه وحسب".
ولا يعفي المتحدث ذوي المعتقلين من مسؤولية دخول المعتقل في متاهة تصل به إلى أن يحل متهماً في إحدى القضايا المعروفة، إذ يرفضون الحديث عنه فور اعتقاله، رضوخاً لنصائح أعضاء في مجلس النقابة، تقضي بـ"عدم الكلام عنهم على مواقع التواصل حتى لا يفسدوا بالنشر الجهود السرية الرامية لإخراجهم" التي "غالباً ما تفشل"، وفق الصحافي.
من جهة أخرى، شكا صحافيون لأعضاء في المجلس تعرضهم لمضايقات أمنية خارج مبنى النقابة الواقع وسط القاهرة.
وقال صحافي، رفض ذكر اسمه، إنه تعرض لتتبع من قبل من وصفه بـ"أحد رجال المباحث السريين" لمسافة طويلة، عقب وقوفه لفترة أمام مبنى النقابة مع صحافيين آخرين، يبدو أنهم كانوا عرضة للمراقبة بتقديره، موضحاً، في حديث مع "العربي الجديد"، أنه تخلص بصعوبة بالغة من المراقبة في منطقة وسط القاهرة المزدحمة.
وتشهد القاهرة وجوداً أمنياً لافتاً ومكثفاً يبلغ حدّ توقيف المارة وتفتيش هواتفهم المحمولة وتطبيقات التواصل الاجتماعي المثبتة عليها، إجهاضاً لدعوة التظاهر يوم 11 من الشهر الحالي.
وأكدت تقارير حقوقية تصاعد وتيرة التوقيف والاعتقال لمواطنين في إطار محاولات إجهاض دعوات للحشد والتظاهر، بالتزامن مع مؤتمر المناخ في مدينة شرم الشيخ شرقاً في السادس من الشهر الحالي.