حمّل عدد من الصحافيين المصريين رئيس تحرير صحيفة الأهرام الحكومية، علاء ثابت، المسؤولية عن انتحار الصحافي المتخصص في ملف القضاء عماد الفقي، وقالوا إنه تعرّض لاضطهاد ممنهج منه، في وقت كان في حاجة ماسة إلى المال لسداد مصاريف نجله الذي يدرس في جامعة خاصة.
وفي واقعة نكأت جراح الوسط الصحافي في مصر، أقدم الفقي (54 عاماً) على الانتحار داخل مكتبه في الطابق الرابع من مبنى الصحيفة المطل على شارع الجلاء وسط القاهرة، وذلك بشنق نفسه من شرفة مكتبه فجر الخميس، ما أدى إلى فصل رأسه عن جسده، والعثور عليه بواسطة أحد العمال في كنيسة القديسين قسطنطين وهيلانة المجاورة للمبنى.
وتساءل الصحافي عادل خشبة عبر حسابه في موقع فيسبوك: "ماذا رأى الزميل في الأهرام من ضغوط لكي يصل به الأمر إلى شنق نفسه في حبل أعمال الصيانة لزجاج المبنى، ويختار الانتحار من مكان عمله ومكتبه، حتى سقط بقوة لينفصل الرأس عن الجسد؟ معلوماتي أنه صحافي شاطر، وراتبه بسيط، وتعرض لاضطهاد في عمله، وتأخرت ترقيته".
وأضاف خشبة: "على مجلس النقابة مناقشة أحوال الصحافيين، وحال المهنة، ومعاناة الزملاء في ظل الظروف المادية التي تنال منهم. أرجو من النقيب ومجلس النقابة النظر إلى حال المهنة، وما يُهدد صاحبة الجلالة من ضغوط. الدماء التي تناثرت تستحق وقفة ودراسة، أو إقالة لمن لا يهتم بالمهنة".
وقال الصحافي أمين خير الله: "الظروف المهنية والمعيشية الصعبة أجبرت الزميل على الانتحار شنقاً. والزميل محمود كامل أكد أن ما حدث له بسبب اضطهاد رئيس التحرير الذي منع ترقيته، وحرمه صرف أجزاء من مستحقاته، ومارس ضده كل أشكال الظلم، ولم يجد الضحية من ينصره".
وأضاف خير الله: "الغريب في الأمر أن رئيس تحرير الأهرام كان عضواً في مجلس نقابة الصحافيين لعدة سنوات، وكان دوره الأساسي الدفاع عن زملائه المظلومين. فكيف له أن يكون قاسياً على ابن مؤسسته لهذه الدرجة؟ لا ننسى أيضاً أن نقيب الصحافيين ضياء رشوان هو ابن المؤسسة العريقة نفسها، فكيف له أن يرى كل هذا الظلم، ولا يتدخل لنصرة زميله الذي انتحر يائساً من حياته".
من جهة ثانية، قال عضو مجلس نقابة الصحافيين محمود كامل: "كل الزملاء في الأهرام الذين عاشروا الزميل الراحل عماد الفقي يعرفون جيداً أنه تعرّض لاضطهاد واضح وصريح وممنهج من رئيس تحرير الأهرام في آخر 4 سنوات. اضطهاد وصل إلى حسم كل الحوافز والأرباح على مدى هذه السنوات، ومنعه من ممارسة عمله الصحافي بشكل غير رسمي، ومن دون أسباب أو تعليمات، بالإضافة إلى تجاوزه عدة مرات في ترقيته لرئاسة قسم الأخبار في الجريدة".
وأضاف كامل: "الراحل اختار أن يوجه رسالة من مكان رحيله لكل رئيس تحرير ظالم، ولرئيس الهيئة الوطنية للصحافة، وأعضاء الهيئة، ولنقيب الصحافيين، وأعضاء مجلس النقابة، ولكل قيادة صحافية تمارس الاضطهاد، وتقهر الرجال".
في المقابل، رد علاء ثابت قائلاً: "مع كل الدعاء بالرحمة والمغفرة للزميل العزيز الراحل عماد الفقي... يؤسفني أن أشارك مضطراً وآسفاً ومتألماً في جدل عقيم، ليس هذا وقته أو مجاله، لتصحيح معلومات كاذبة هي استغلال كريه لمشاعر التعاطف، والحب الجارف الذي تدفق من محبيه بعد مأساة رحيله المؤلمة".
وأضاف ثابت عبر حسابه في "فيسبوك": "أؤكد جازماً قاطعاً أن كل ما نشره الزميل محمود كامل، عضو مجلس نقابة الصحافيين، هو كذب محض، وافتراء من وحي خيال مريض يسعى لتحقيق أغراض غامضة غير مفهومة، عبر الاتجار بمأساة الزميل الراحل. فلم يحدث إطلاقاً ــ وبيننا سجلات مؤسسة الأهرام والهيئة الوطنية للصحافة ــ أنني حسمت أياً من الحوافز أو الأرباح للزميل المتوفى منذ عام 2017 حتى الآن".
واتهم ثابت كامل بـ"الكذب المتعمد، ومخالفة الأعراف والأصول، وميثاق الشرف المهني". وقال: "الزميل الراحل ليس له أي شكاوى في سجلات الأهرام أو النقابة أو مجالس الإعلام. وسأتقدم ببلاغ رسمي ضد الزميل الكاذب المتاجر بآلام الزملاء للنيابة العامة، وبشكوى رسمية موثقة للهيئة الوطنية للصحافة، وكذا شكوى نقابية إلى نقابة الصحافيين".
وكتبت نائبة رئيس تحرير "الأهرام" جيهان الغرباوي: "انتهت رحلة الصديق العزيز جداً عماد الفقي بطريقة غير متوقعة من شرفة مكتبه، بعد لقاء الزملاء الذين لا يعرفون أنه لقاء الوداع. حتى أيام قريبة كنا نتبادل السخرية، والتعليق على الأحداث والدنيا والناس. الوداع يا أفضل من زاملت في مسيرة العمل في الأهرام، الإنسان الشهم العاقل، والشخصية القوية الساخرة".
وعلاء ثابت، كغيره من رؤساء تحرير الصحف القومية في مصر، زُكّي في المنصب الذي يشغله منذ مايو/أيار 2017 بإيعاز من أجهزة الأمن التي طالما تعاون معها في أثناء شغله عضوية مجلس نقابة الصحافيين بين عامي 2007 و2015، وكوفئ على ذلك بتوليه منصب رئيس تحرير "الأهرام المسائي" عام 2011، بعد أن كان مندوباً صحافياً للصحيفة لدى وزارة التعليم العالي.