صحافيون يروون لـ"العربي الجديد" لحظات اغتيال شيرين أبو عاقلة وآخر صرخاتها: جريمة متعمّدة
أكد صحافيون فلسطينيون كانوا في الموقع الذي استشهدت فيه مراسلة قناة الجزيرة شيرين أبو عاقلة، اليوم الأربعاء، أن ما جرى هو استهداف مباشر ومتعمد للصحافيين الذين ينقلون اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي لحيي الهدف والجابريات القريبين من مخيم جنين، شمال الضفة الغربية.
وقال الصحافي علي سمودي، الذي أصيب برصاصة في ظهره، واصفاً ما حصل: "كنا في منطقة بعيدة تماماً عن مكان وجود الشبان الفلسطينيين، ولا مواجهات فيها، وفجأة شعرت بألم شديد في ظهري، وتبين أنني أصبت برصاصة، فيما رأيت شيرين أبو عاقلة تقع أرضاً".
وأضاف سمودي متحدثاً لـ"العربي الجديد": "ركضت، وصعدت سيارة مدنية وأنا أنزف، وعندما وصلنا إلى المستشفى، علمت أن إصابة شيرين خطيرة جداً، ولاحقاً أبلغوني باستشهادها".
وشدّد على أن "إطلاق النار علينا من قوات الاحتلال كان متعمداً. شيرين كانت ترتدي الدرع الواقي والخوذة، والرصاصة أصابتها في رقبتها، وهو المكان المكشوف من جسمها. ما حصل اغتيال، وكل ما يسوقه الاحتلال مجرد مبررات أو ادعاءات كاذبة".
الصحافي مجاهد السعدي، الذي كان حاضراً أيضاً في موقع الجريمة، وقال إنه هو وزملاؤه كانوا يصورون محاصرة الاحتلال لمنزل حين سقطت شيرين أبو عاقلة فجأة على الأرض والدماء تغطي وجهها.
وأشار السعدي إلى أن إطلاق النار استمر، ما حال دون استطاعته ومن معه من الصحافيين من الوصول إليها فوراً. وبعد دقائق، تمكن شاب غامر بحياته من رفعها عن الأرض ونقلها إلى سيارة قريبة.
آخر صرخات شيرين أبو عاقلة قبل اغتيالها "علي أصيب... علي أصيب"
قال السعدي متحدثاً لـ"العربي الجديد": "كنا في منطقة مكشوفة، وتعمدنا ذلك حتى يرانا جنود الاحتلال، وتقدمنا ببطء شديد، حتى سمعنا صوت الرصاص وسقط زميلنا علي سمودي، وبدأت شيرين تصرخ: علي أصيب، علي أصيب. وفجأة صمتت، ليتبين أنها أصيبت ووقعت على وجهها من دون حراك غارقة في دمائها".
الصحافية شذا حنايشة، التي كانت الأقرب لشيرين أبو عاقلة، قالت إن "جنود الاحتلال لم يتوقفوا عن إطلاق النار علينا رغم إصابة شيرين، ما يؤكد أنهم تعمدوا استهداف الطواقم الصحافية واستهداف شيرين مباشرة، ومنعونا من إسعافها".
وأكدت حنايشة أن قناصة الاحتلال تعمدوا إصابة أبو عاقلة في مكان ظاهر خارج خوذة الحماية التي ترتديها، وقالت: "ما حصل مع شيرين جريمة اغتيال متعمدة".
ووصفت حنايشة تلك الدقائق الصعبة، قائلة: "لم أكن أبعد عن شيرين أكثر من متر واحد فقط، ولم أستطع أن أفعل لها شيئاً، بدأت بالبكاء، حتى خفت صوت الرصاص".
وكانت مراسلة قناة الجزيرة القطرية شيرين أبو عاقلة قد استشهدت إثر إصابتها برصاصة خلف الأذن، أطلقتها قوات الاحتلال الإسرائيلي، خلال تغطيتها اقتحام حيي الهدف والجابريات.
ووصلت أبو عاقلة إلى المستشفى في حالة بالغة الصعوبة، وأدخلت إلى قسم العناية المكثفة في مستشفى ابن سينا في جنين، ووصفت حالتها بأنها حرجة، قبل الإعلان عن استشهادها.
وأوضحت مصادر محلية لـ"العربي الجديد"، أن قوات الاحتلال حاصرت منزلاً لأقارب الشهيد عبد الله الحصري في منطقة الهدف، وطالبت أحد أقاربه بتسليم نفسه، لكنها لم تجده، وأطلق قناصة الاحتلال الرصاص باتجاه الصحافيين، ما أدى لإصابتهما بجروح، ونقلا إلى مستشفى ابن سينا في مدينة جنين بمركبة خاصة، ولاحقاً أعلن عن استشهاد أبو عاقلة.
في هذه الأثناء، قال مدير مكتب الجزيرة في فلسطين، وليد العمري، إن النائب العام أكد أن جثمان شيرين أبو عاقلة سينقل إلى نابلس لإجراء الصفة التشريحية بعد موافقة العائلة ثم إلى القدس.
الجزيرة: اغتيال شيرين أبو عاقلة جريمة بشعة
دانت شبكة الجزيرة الإعلامية ما وصفته بـ"الجريمة البشعة... وجريمة قتل مفجعة"، محمّلة "الحكومة الإسرائيلية وقوات الاحتلال مسؤولية مقتل أبو عاقلة"، وقالت في بيان: "أقدمت قوات الاحتلال الإسرائيلي وبدم بارد على اغتيال مراسلتنا في فلسطين شيرين أبو عاقلة برصاص حي استهدفها بشكل مباشر".
وأضافت أن أبو عاقلة كانت "تقوم بعملها الصحافي في تغطية اقتحام الجيش الإسرائيلي لمخيم جنين للاجئين بالضفة الغربية، وهي ترتدي السترة الصحافية بشكل واضح يدلّ على هويتها".
وطالبت الشبكة "المجتمع الدولي بإدانة ومحاسبة قوات الاحتلال الإسرائيلي لتعمّدها استهداف وقتل أبو عاقلة عمداً"، وتعهّدت بـ"ملاحقة الجناة قانونيا مهما حاولوا التستر على جريمتهم وتقديمهم للعدالة".
النيابة العامة الفلسطينية تحقق في جريمة إعدام أبو عاقلة
أعلنت النيابة العامة الفلسطينية في بيان صحافي، اليوم الأربعاء، أنها باشرت إجراءات التحقيق في جريمة إعدام قوات الاحتلال الإسرائيلي الصحافية شيرين أبو عاقلة واستهداف الصحافي علي السمودي في مخيم جنين.
وأوضحت النيابة العامة أنها ستتابع القضية من خلال نيابة الجرائم الدولية المختصة بتوثيق الجرائم الداخلية باختصاص المحكمة الجنائية الدولية، تمهيداً لإحالتها لمكتب المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية.
نقابة الصحافيين الفلسطينيين: عمل مقصود
من جانبها، حمّلت نقابة الصحافيين الفلسطينيين، في بيان صحافي، الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن الجريمة البشعة بحق أبو عاقلة وبحق حريّة الصحافة.
وأكدت النقابة أنّ جريمة الاحتلال "عمل مقصود ومدبر وعملية اغتيال حقيقة كاملة الأركان، الأمر الذي يستدعي تحركاً واضحاً لحماية الزملاء الصحافيين من استمرار التحريض والقتل التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي وكل مكوناته".
وأكدت أنها ماضية في إجراءاتها في ملاحقة قادة الاحتلال على جريمة الاغتيال أمام المحاكم الدولية والمحكمة الجنائية الدولية، وطالبت المنظمات الدولية والأمم المتحدة بوقفة جادة تجاه هذه الجريمة البشعة.
إضراب في القدس
إلى ذلك، أعلن عن إضراب شامل في القدس، اليوم الأربعاء، حداداً على روح الشهيدة شيرين أبو عاقلة، علماً أنها من سكان المدينة.
ويأتي مقتل الصحافية بعد نحو عام من تدمير قصف إسرائيلي برج الجلاء في قطاع غزة الذي كان يضم مكاتب القناة القطرية. وجاء ذلك خلال العدوان الأخير على غزة الذي استشهد فيه 260 فلسطينياً، بينهم 66 طفلاً.