تتكرر مشاهد الاعتداء والانتهاكات التي يتعرض لها صحافيون عراقيون تحت قبة البرلمان، أثناء تغطيتهم جلساته واجتماعاته الخاصة التي أصبحت حالة تثير القلق لا سيما مع عدم محاسبة مرتكبيها، وهم من عناصر أمن المجلس. ووسط مطالب بتوفير الحماية للصحافيين ومنحهم حرية التحرك لأداء عملهم، يدعو إعلاميون إلى محاسبة تلك العناصر المسيئة التي تتجاوز القانون، وتستخدم سلطتها الأمنية بالاعتداء على الصحافيين.
وأثارت حادثة الاعتداء التي تعرض لها قبل أيام مراسل ومصور إحدى القنوات العراقية الفضائية، وتحطيم معداته الصحافية على يد ضابط أمن داخل قاعة البرلمان، غضباً في الأوساط الإعلامية في البلاد.
"المرصد العراقي للحريات الصحافية" في نقابة الصحافيين العراقيين انتقد الحادث، ودعا، في بيان، رئاسة البرلمان الى "التحقيق في حادثة الاعتداء على فريق عمل قناة "الشرقية" داخل مبنى البرلمان"، مشدداً على "ضرورة تحديد المسؤولين عن الاعتداء ومحاسبتهم". وأشار الى أن "مراسل القناة وزميله المصور كانا على وشك الحصول على تصريحات من رئيس البرلمان، حين داهمها ضابط بالضرب، وانبرى عنصران آخران لمساعدته، ثم قام الضابط وهو برتبة مقدم بتحطيم الكاميرا التي يحملها المصور، كما حطم جهاز الإضاءة الموضوع على الكاميرا". وشدد على أنه "لا يوجد أي مبرر للضابط ولا لمساعديه ليقوما بهذا الاعتداء، وتجب محاسبتهم على ذلك".
بات عمل الصحافيين في البرلمان والحصول على المعلومات صعباً
من جانبه، قال مراسل قناة"الشرقية" الفضائية، محمد سعد، لـ"العربي الجديد"، إنه "بعد انتهاء جلسة يوم الأربعاء الفائت التي استمرت لأكثر من 9 ساعات، أردنا الحصول على تصريح من رئيس البرلمان، محمد الحلبوسي. حصلنا على رخصة من الدائرة الإعلامية للمجلس، ونصبنا الكاميرات قرب قاعة الجلسة في انتظار وصول رئيس البرلمان لأخذ اللقاء"، مبيناً أن "ضابطاً من أمن البرلمان برتبة مقدم جاء إلينا، واعتدى علينا، وضرب الكاميرا بيده، كما اعتدى عنصر أمن آخر كان برفقته على المصور، وأسقطوا الكاميرا أرضا وتعرضت للكسر". وأشار إلى أنه "لم يتم اتخاذ أي إجراء بحقه حتى الآن".
واعتبر سعد أن "حرية العمل الصحافي اليوم مفقودة في العراق، بسبب تهاون وعدم إدراك وتسلط على الإعلاميين"، مطالباً بـ"توفير الحماية للإعلاميين من اعتداءات وانتهاكات عناصر الأمن، ومحاسبة أي شخص يعتدي عليهم، وإخضاعه للقانون". ووصف عملهم في البرلمان بأنه "بات صعباً جداً، إذ لا نستطيع الحصول على المعلومة أو التغطية الإعلامية بسهولة، بسبب التضييق علينا من قبل عناصر الأمن"، مؤكدًا على "ضرورة أن تكون هناك آلية واضحة لمهام عناصر الأمن داخل البرلمان، وأن يلتزموا بالمهنية في التعامل مع الصحافيين، وعدم التسلط عليهم".
حرية العمل الصحافي اليوم مفقودة في العراق
الصحافي العراقي حيدر الكاتب طالب بمحاسبة عناصر الأمن الذين يضيقون ويعتدون على الصحافيين ويمنعونهم من متابعة عملهم داخل قبة البرلمان. وقال الكاتب لـ"العربي الجديد" إن "الإجراءات الأمنية في البرلمان تختلف عمّا كانت عليه سابقاً، إذ كان في السابق يسمح لنا بالتجول داخل اللجان البرلمانية المختلفة، وإجراء اللقاءات معها ومع القوى السياسية، لكن في الفترة الأخيرة اختلفت الأمور، من خلال التضييق على حركة الصحافيين والإعلاميين لأسباب تتعلق بتسهيل حركة النواب وهيئة الرئاسة بالدخول والخروج".
وأضاف: "أحياناً يدخل جميع الصحافيين الى الدائرة الإعلامية، ويمنع خروجنا منها"، مطالباً بـ"منح الصحافيين حرية الحركة داخل البرلمان، سيما أنه لا حاجة لذلك التضييق، فالصحافيون معروفون أمنياً، كما أنهم خضعوا للتفتيش الدقيق عدة مرات عند دخولهم المنطقة الخضراء ومبنى البرلمان"، مشدداً على أنه "يجب أن تكون هناك حرية بممارسة العمل للصحافيين، وحصولهم على التصريحات المناسبة ليقوموا بمهامهم الإعلامية". وتابع أن "التضييق حالياً بلغ مرحلة يجب أن يوضع حد له، وأن الانتهاكات تحتاج الى معالجة قانونية، من قبل الجهات المسؤولة، متسائلا "كيف يتم الاعتداء داخل قبة البرلمان، وهي جهة يجب أن تكون ضامنة للحقوق؟".
إدخال جميع الصحافيين الى الدائرة الإعلامية في البرلمان ومنعهم من الخروج
واستغرب سياسيون عراقيون تلك الانتهاكات التي ترتكب تحت قبة البرلمان الذي يجب أن يكون ضامناً لحرية التعبير. وقال النائب السابق حامد المطلك "أستغرب تلك الاعتداءات على الصحافيين، إذ إن البرلمان هو السلطة التشريعية التي تعبر عن رأي المواطن وإرادته، وحريته ضمن مقتضيات المصلحة العامة".
وأكد خلال حديثه مع "العربي الجديد"، على أنه "يجب أن تحترم حرية العمل وحرية التعبير لأنها تمثل رأي الناس، وأن أي اعتداء وأي تصرف خارج الأسس القانونية والدستورية داخل البرلمان يعتبر تعديا وتجنيا وخرقا للقانون ولحقوق الإنسان العراقي، سيما بمؤسسة هي ضامنة لحقوق الناس". ودعا إلى "وقف هذه الحالات باعتبار أنها تسيء إلى العراق ككل، وليس فقط للبرلمان"، معتبراً أنه "يجب أن تلتزم عناصر الأمن بالنظام والقانون، وأن أي جهة تسيء التصرف يجب أن تحاسب بشدة"، مضيفاً: "يجب أن يكون العراق بلدًا ضامنًا لحرية الرأي، لذا يجب أن تحاسب أي جهة تتعدى على الأخرين".
وشدد على أنّ "كل القوات الأمنية العراقية أياً كانت وتحت أي مسمى يجب أن تخضع لأوامر القائد العام للقوات المسلحة وتمتثل لأوامره، وأن يطبق عليها القانون بذات الوقت، وأن أي شيء يخرج عن هذه المعايير فهو خارج عن القانون".