نحو ستين سيارة من طراز "بيتل" المعروفة محلياً بـ"الخنفساء"، جاءت يوم الجمعة، من مدن الضفة الغربية المحتلة كافة، إلى مدينة نابلس شمالاً، حيث كان التجمع والانطلاق إلى مدينة جنين، ضمن مسير موحد جمع بين العشق لهذا النوع من السيارات القديمة من جهة، والرسالة ذات البعد الوطني، بتأكيد حق العودة، وفلسطين التاريخية من جهة أخرى.
اصطفت السيارات ذات الألوان الزاهية على يمين الطريق، وتزينت بعلم فلسطين الذي وُضع على كل واحدة منها، وعلى الجهة المقابلة علم عليه اسم لإحدى القرى الفلسطينية المهجرة إثر نكبة فلسطين عام 1948.
يقول أحد منسقي التجمع، وهو عاصم الصابر من نابلس لـ"العربي الجديد": "نحن نعشق هذا النوع من السيارات القديمة، لكننا أردنا أن تكون هواية هادفة تحمل بُعداً وطنياً، فجاءت الفكرة بتنظيم (مسار العودة)".
خطة المسار تضمنت أن تكون مدينة نابلس تجمعاً لجميع المشاركين القادمين من محافظات جنوب الضفة الغربية ووسطها، مثل القدس والخليل وبيت لحم وأريحا ورام الله ونابلس، ومن ثم التحرك نحو مدينة جنين، وقبل الوصول إليها عرّج الموكب على بلدة عرابة، ووقفوا على مقربة من أحراش يعبد، حيث ارتقى هناك الشهيد عز الدين القسام عام 1936، وساروا على أطراف مرج ابن عامر، مروراً ببعض المواقع التي كانت تحت سيطرة جيش الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنات قبل إخلائها، لتأكيد فلسطينيتها، قبل الاستقرار في قرية الجلمة الواقعة على الخط الفاصل بين فلسطين عام 1948 و1967.
في الجلمة اكتملت الصورة، حيث كان اللقاء الذي جمعهم بالقادمين من مدن شمالي الضفة الغربية وممن استطاع القدوم من مدن الداخل الفلسطيني المحتل عام 1948.
"رسالتنا كانت واضحة، إننا متمسكون بحق العودة، وإننا لم ننسَ الجزء الأصيل من فلسطين، وكذلك نحن الجيل الشاب نعي تماماً ماذا جرى في نكبة عام 1948 بهدم الاحتلال الإسرائيلي لمئات البلدات والقرى الفلسطينية وتهجيرها، لكنها باقية في قلوبنا وعقولنا"، يؤكد الصابر.
لم ينتهِ مسار العودة بعد. بل تأكيداً أيضاً لقضية اللاجئين، جابت السيارات شوارع مخيم جنين وأزقته، تضامناً مع أهله الذين شٌرِّدوا من قراهم.
يقول المشارك أيمن رويس لـ"العربي الجديد": "لمخيم جنين رمزية كبيرة. لا أحد ينسى صموده الأسطوري في معركة عام 2002، وهدم جرافات الاحتلال له ومسحه عن الخريطة، لكنه عاد قوياً من جديد، وهو اليوم شوكة في حلق الاحتلال".
ويتابع رويس: "نحن شباب نعيش المعاناة لحظة بلحظة، وندرك تماماً محاولات الاحتلال لكيّ الوعي لدى الأجيال الجديدة، وإشغالها بكثير من المغريات، لكن رسالتنا اليوم أننا على درب من سبقنا. صحيح نحن نحب الحياة ونريد أن نعيشها بكل ما فيها، لكننا لا يمكن أن ننسلخ عن جلدنا وماضينا".
ويمضي رويس مستدركاً: "يضم هذا التجمع شباناً من كل الطوائف الدينية، فمعنا مسلمون ومسيحون ومن أبناء الطائفة السامرية التي تُعَدّ أصغر طائفة دينية في العالم، في رسالة على وحدة شعبنا".
ورافق موكب السيارات فريق مساعدة، يضم مصوراً لتوثيق الحدث مع طائرة مسيرة، وميكانيكياً ومعه كهربائي سيارات، إضافة إلى مسعف وسيارات دفع رباعي في حال تعطُّل إحدى سيارات الموكب.