ألهمت الطريقة الخارقة التي تنمو بها القرون لدى ذكور الغزلان (الوعول) التي يمكن أن تتجدد بعد تكسرها أو فقدانها حتى بعد أن تكبر في السن، بعكس أنواع حيوانية أخرى مثل وحيد القرن الذي يتوقف نمو عظام قرنه بعد النضج، فريقاً بحثياً صينياً لدراسة إمكانية انتقال هذه السمة إلى أنواع حيوانية أخرى، عن طريق زرع خلايا جذعية من الغزلان في جباه هذه الحيوانات، وهي التجربة التي أثبتت نجاحاً في الفئران.
وفقاً للدراسة التي نشرت في نهاية فبراير/ شباط الماضي في مجلة سَينس، فإن الثدييات التي فقدت القدرة على تجديد الأعضاء قد لا تزال تحتوي على بعض الجينات المتجددة، وأنه قد يكون من الممكن تسخير النمو السريع للقرون في تطبيقات أخرى.
تنمو قرون الغزلان بمعدل 2.75 سم في اليوم، وهي من أسرع الأنسجة تجديداً في مملكة الحيوان، وتقدم نظرة مثالية على كيفية تجديد الثدييات للخلايا بشكل منتظم. وتعتبر قرون الغزلان مثيرة للاهتمام بشكل خاص، لأن الثدييات بشكل عام تفقد قدرتها على تجديد الأعضاء ومعظم الأنسجة الأخرى مع التقدّم في العمر، لذا تقدم طريقة نمو أنسجة قرون الغزلان نظرة لا مثيل لها حول كيفية عمل الطب التجديدي للعظام.
في الدراسة الجديدة، تمكن العلماء من إنماء قرون صغيرة على الفئران عن طريق إدخال جينات الغزلان في جينوم الفأر. كان الهدف الأساسي من الدراسة هو التحقق مما إذا كانت الثدييات التي فقدت القدرة على تجديد الأعضاء لا تزال تحتوي على بعض الجينات التي يمكن أن تجعل من الممكن زراعة أنسجة القرون، أو أجزاء أخرى.
وأوضح المؤلف المشارك في الدراسة كيانج كيو، الأستاذ في جامعة نورث وسترن التقنية في شيان الصينية، أن هرمونات، مثل هرمون التوستيستيرون، تنظم نمو قرون ذكر الغزال بالتزامن مع موسم التكاثر، لذلك يتمتع هؤلاء الذكور بقرون صلبة تساعدهم على خوض المعارك والفوز بالإناث. وخلال دورة النمو المبكرة، تبدأ القرون على شكل نتوءات مغطاة بمادة ناعمة تحتوي على أوعية دموية وأعصاب.
"تساعد هذه المادة على إمداد القرون النامية بالمواد المغذية والأكسجين، بالإضافة إلى حمايتها أثناء نموها. وعندما تصل القرون إلى حجمها الكامل، تجف المادة وتسقط، ويتوقف الدم عن التدفق إلى القرون التي تصبح عظاماً كاملة النمو. وبعد موسم التكاثر، تبدأ الخلايا في إزالة المعادن من العظم الموجود بين الرأس والقرن، ما يتسبب في ضعف ارتباط قرن الوعل بالجمجمة وسقوط القرن"، شرح كيو في تصريح لـ"العربي الجديد".
وأشار الباحث إلى أنه يمكن الاستفادة من هذه النتائج في التطبيقات الطبية وتجديد الأنسجة، إذ إن الأعصاب داخل قرون الوعول تتجدد أسرع بعشر مرات من الأعصاب عند البشر. ويسعى الفريق حالياً لتحويل هذا النمو السريع إلى علاجات جديدة للأنظمة العصبية البشرية التي تسرع تجديد الأعصاب التالفة، كما هو الحال في حالة الإصابة بالشلل النصفي.
وفقاً للدراسة، لاحظ العلماء في الفريق التركيب الخلوي وديناميكيات التعبير الجيني لأنسجة قرن الوعل خلال مراحل النمو المختلفة، وحللوا أكثر من 74 ألف خلية عصبية تغطي المراحل الحرجة لتجديد قرن الوعل. وبمجرد أن استقروا على مجموعات الخلايا الجذعية الأكثر ارتباطاً بنمو قرن الوعل، عزلوا هذه الخلايا، ثم حقنوها مباشرة في جماجم فئران التجارب. وفي غضون 45 يوماً من زرع هذه الخلايا الجذعية في الفئران، نمت في جماجم هذه المخلوقات الصغيرة نتوءات كبيرة نسبياً - مقارنة بحجم الفأر - على رؤوسها تشبه قرون الوعل. الأكثر إثارة في هذا الأمر هو أن هذه القرون الصغيرة كانت مكتملة بالغضاريف والعظام.
على الرغم من ما يثيره هذا النوع من التجارب من مخاوف أخلاقية بشأن نقل الخلايا بين الأنواع الحيوانية، فإن العلماء أكدوا أن الفئران التي أجريت عليها التجارب تتمتع بصحة جيدة، ويأملون في تطبيق النتائج التي توصلوا إليها في تطبيقات طبية نافعة للبشر مثل إصلاح كسور العظام، وتجديد الأطراف.