يسعى المغني الفلسطيني، عمار حسن، إلى كسر نمطية الغناء المتعارف عليها، عن طريق خلق هوية حديثة للأغنية الفلسطينية، مع المحافظة على مضمونها وقيمتها الإنسانية، في وجه محاولات الاحتلال الإسرائيلي الدائمة إلى طمس الهوية والتراث، وإخماد الصوت الفلسطيني في مختلف المحافل.
خصوصية فنية
عمار الذي قدم أخيراً من ألحانه قصيدة "غرباء" للشاعر الراحل سميح القاسم، يجد أن الفنان الفلسطيني له خصوصية، موضحاً: "نحن أصحاب قضية، فنحن اخترنا البقاء على أرض فلسطين، ونقاوم بالفن. ولا يمكننا أن ننفصل عن قضيتنا. شخصياً اخترت أن أقدم الأغاني الإنسانية التي تحاكي هموم المجتمع، وأعلم بأنها لا ترضي الأذواق كلها، لكنني اخترت طريق الحقيقة والصدق مع ذاتي ومع جمهوري، ولا تهمني الشهرة المزيفة، فمن يبني نجاحه على شهرة زائفة سيسقط لاحقاً، وكفنان فلسطيني لدي مهمة تقديم الأغنية الحقيقية".
"الفنان الحقيقي مظلوم"
يرى عمار أن هنالك ظلماً واقعاً على الفنان الذي يقدم تجارب فنية صادقة، وسط الرداءة الفنية التي تطغى على اتجاهات الساحة الفنية العربية، بحسب تعبيره. ويضيف لـ"العربي الجديد": "معظم شركات الإنتاج يهمها فقط إظهار الإسفاف والعري عامة، فهي المادة التي تحقق أرباحاً طائلة، لكن الفنان الحقيقي ستأتيه فرصته يوماً ما مع الصبر والإرادة، وعليه أن يعمل على نفسه فنياً وثقافياً، فشركات الإنتاج لا تبحث عن فنانين أصحاب أصوات قيمة أو تجارب فنية حقيقية، بل يريدون مؤدين وظواهر يحققون لهم الربح السريعمن دون الاهتمام بالمضمون، وللأسف سارت معظم وسائل الإعلام في هذا الطريق، فصارت تتجاهل الطاقات الفنية، وتهتم بإبراز أصحاب الظواهر على حساب الفن الحقيقي".
جمهور القيمة الإنسانية
يرفض عمار القول إن الفنان الفلسطيني وضعه مؤسف، مؤكداً أن على الفنان احترام ذاته وألا يتاجر بقضية وطنه، ويشرح: "الفنان الحقيقي الذي يتكلم عن قضيته يقدم خطاباً فنياً راقياً ويعبر في آماله عن قيم معينة ويقدم في أعماله ذاته ووطنه، واليوم هنالك إمكانية كبيرة لإيصال رسالته بواسطة مواقع التواصل الاجتماعي، فأنا مؤمن بوجود جمهور يبحث عن الفن الحقيقي والقيمة الإنسانية، وكل ما نحتاج إليه وجود منتجين ووسائل إعلام تعمل على إعلاء قيمة الفن، فالناس أصيبوا بالمشاكل السياسية والاقتصادية والاجتماعية والصحية، ويبحثون عما يعبر عن همومهم وأوجاعهم".
الكيف
أهم من الكم يجد عمار أن الطريقة التي يطل بها على الجمهور هي الأهم، مؤكداً أن تقديم عمل يرتقي بذائقة الجمهور أهم من الظهور بشكل متكرر لا فائدة منه، ويزيد: "الناس ليسوا بحاجة لنجوم وسائل التواصل الاجتماعي، هم يحتاجون لمن يقدم لهم فناً يعبر عنهم، أنا لا أستعرض عندما أقول إن الأغنية الإنسانية أهم أولوياتي، فليس سهلاً أن تكون مختلفاً وبالتأكيد ستدفع ضريبة اختياراتك، لكن مسؤوليتي كفنان فلسطيني أن أقدم فناً يحاور عقل الجمهور في ظل الخراب الفني الحاصل عربياً، لذلك يجب أن تؤمن بذاتك وأن تؤمن بما تقدم، خاصة وأن ما أقدمه لا تتبناه شركات الإنتاج، والفنان وحده لا يستطيع القيام بهذه العملية الإنتاجية المكلفة باستمرار".
"بيست تالانت"
يعتز عمار بمشاركته قبل سنوات في لجنة تحكيم برنامج اكتشاف المواهب الفلسطينية BEST TALENT، مشيراً إلى أن البرنامج ساهم في تسليط الضوء على أصوات جميلة تمتلك من الثقافة الكثير، ومنها من واصل مشواره إلى البرامج العربية المشابهة، ويضيف: "كان هدفي من البرنامج وما زال، تأسيس مدرسة غنائية تخصنا كفلسطينيين، وأن يكون لنا دور في إيصال الصوت الفلسطيني المثقف إلى أرجاء العالم، لكننا ما زلنا نحتاج إلى المنتجين المؤمنين بقضيتنا".