لعله من المحزن حقاً أن نرى "مهرجان القاهرة السينمائي الدولي" الذي ولد عملاقاً يصل إلى هذا المستوى من التواضع. ولعله من المحزن أيضاً أن يُهاجم رئيس المهرجان محمد حفظي بهذه الضراوة في دورته الأخيرة.
نحن لسنا بمعرض الدفاع عن شخص محمد حفظي، لكن السؤال الذي يطرح نفسه: أين كان هؤلاء قبل أربع سنوات؟ هل ظهرت أعراض الفساد وعدم القدرة على الإدارة فجأة على حفظي، وهو المنتج الشاطر الذي استطاع أن يعيد الجوائز العالمية إلى السينما المصرية، وآخرها تلك التي نالها فيلم "ريش"؟
سواء اتفقنا أو اختلفنا مع محمد حفظي، علينا الإقرار بأنه بذل جهداً كبيراً في إدارة "مهرجان القاهرة السينمائي الدولي"، وخاصة في الدورة الأخيرة التي شهدت تكريماً لوجوه سينمائية بارزة، بينها المدير الفني لـ"مهرجان كانّ السينمائي الدولي" تييري فريمو، ورئيس لجنة التحكيم لمسابقة الأفلام الطويلة المخرج المرموق أمير كوستوريتسا.
أعتقد أن البرمجة لبرنامج المهرجان جيدة وضمت أفلاماً مهمة يقف وراءها فريق بذل جهداً كبيراً في الاختيار. أما حفلا الافتتاح والختام فكانا باهتين لا روح فيهما ولا يحملان سحر السينما وألقها. والديكور خلا من اللمسة الفنية التي تليق بالمهرجانات السينمائية. والإضاءة تحولت إلى إنارة فجة تذكرنا ببهرجة حفلات الزفاف المتواضعة. كذلك ترهلت فقرات الافتتاح، وخلت من جمال اللحظات الآسرة التي تميز بها الحدث أيام الكبير كمال الملاح، وهو صاحب فكرة إنشاء المهرجان، وتقلد رئاسته من منتصف السبعينات حتى عام 1983.
ونذكر كم تحقق لهذا المهرجان من النجاح والتميز في عهده، وكذلك في عهد سعد الدين وهبة الذي خلفه. لكن بعدهما بدأ العد التنازلي لمهرجان القاهرة حتى وصل إلى ما وصل إليه.
أنا ــ كما أسلفت ــ لست بمعرض الهجوم أو الدفاع عن المنتج الشاب محمد حفظي، لكني لا أعفيه أيضاً من مسؤولية ما آل إليه المهرجان. ولا أعفي من المسؤولية من يبكي على اللبن المسكوب صارخاً الآن: أنقذوا المهرجان من انتهازية حفظي. فالفريق الذي يهاجم حفظي يصوره كأنه المسؤول وحده عن المستوى الذي وصل إليه المهرجان. وهؤلاء يذهبون إلى أبعد من ذلك في التنمر على حفظي ليحولوه إلى كيش فداء، وليغطوا على فشل إدارة منظومة الثقافة والفن في بلدنا الحبيب.