استمع إلى الملخص
- المهرجان يحتفظ بروحه الأصلية مع التزامه بتسليط الضوء على السينما الناشئة في أوروبا الشرقية، ويقدم تجربة مريحة وودية للزوار رغم التغييرات الطفيفة مثل إلغاء مكتبة الفيديو.
- تجربة العودة إلى المهرجان تعكس الشغف بالسينما والتوق للمشاهدة الهادئة والجميلة في بيئة محببة، متجاوزة التحديات اللوجستية والمهنية مثل مشكلات السفر والتأخر عن العروض.
عودةٌ إلى كارلوفي فاري بعد غيابٍ ممتدّ منذ عام 2019. التالي على ذاك اللقاء الأخير، حينها، مرتبطٌ بانقلابات تُصيب بلداً وعالماً. انهيار اقتصادي لبناني، يُسبِّب انهياراتٍ شتّى في بلدٍ مضروبٍ بأعطابٍ غير منتهيةٍ، يسبق تفشّي كورونا في العالم، ما يؤدّي إلى إلغاء كلّ نشاطٍ، في بقاعٍ مختلفة من الكرة الأرضية، أشهراً طويلة. فالمهرجانات السينمائية، التي يُفترض بدوراتها "الجديدة" عام 2020 أنْ تُقام في مواعيدها المعتادة، ملغاةٌ، والانطلاق الجديد ينتظر وقتاً. سببٌ شخصي يحول دون تمكّن من السفر، فالانهيار الاقتصادي نفسه يولِّد ما يُعرف بأزمة جوازات السفر أيضاً.
العودة مُريحة. المدينة جميلة وهادئة، رغم صخبٍ تصنعه "تحضيرات اللحظة الأخيرة"، قبل وقتٍ قليل على افتتاح الدورة الـ58 (28 يونيو/حزيران ـ 6 يوليو/تموز 2024) لمهرجانها الفاعل في المشهد السينمائي، الأوروبي تحديداً. فتجربته ـ المولودة قبل انهيار جدار برلين (9 نوفمبر/تشرين الثاني 1989) ـ تلتزم همّاً سينمائياً ناشئاً في دول أوروبا الشرقية أساساً، وهذا باقٍ إلى الآن، مع انفتاح أكبر وأعمق على سينمات العالم.
العودة نفسها غير صعبة، لبساطةٍ محبَّبة في المدينة، ولدقّة تنظيم في المهرجان المُريح بدوره، ولاستقبال ودود. متغيّرات قليلة تُكتشف في اليوم الأول، كإلغاء "مكتبة الفيديو"، التي تُتيح مشاهدة أفلامٍ لزملاء المهنة وزميلاتها، غير المتمكّنين من مشاهدتها في مواعيد عروضها، الصحافية والجماهيرية. إلغاء، غير معروف سببه (وربما غير مهمّ معرفة سببه)، يُعوَّض بإرسال رابطٍ يؤدّي الوظيفة نفسها للمكتبة الملغاة. اختبار الرابط يحتاج إلى وقتٍ، فالمُشاهدة الصحافية مُتاحة بسلاسة، والأفلام وفيرة، وصالات العرض، المحافِظة على طابعها المتواضع، مفتوحة أمام راغبين وراغبات في مشاهدةٍ في صالة، مع أنّ إحدى تلك الصالات، في فندق "تيرمال" (المقرّ الرئيسي للمهرجان، حيث يُقيم الضيوف السينمائيون أيضاً)، غير سينمائية، واسمها كفيلٌ بتأكيد ذلك: قاعة المؤتمرات.
القاعة تلك، التي تُشاهَد الأفلام فيها على شاشة قريبة جداً من الشاشة السينمائية، غير مجهّزة بالمقاعد المعروفة في الصالات. فمقاعدها كراسي منزلية، يمكن تحريكها (ولو قليلاً) بحسب ما يُريح المُشاهِد والمُشاهِدة، وعدد الزملاء والزميلات، صباحاً (عرضان يوميان لأفلام المسابقة الأساسية)، غير كثيرٍ، وهذا لافتٌ للانتباه. أو ربما هذا حاصلٌ في اليومين الأولين فقط، فلعلّ هناك من سيأتي متأخّراً أياماً قليلة. لكنّ اللافت للانتباه أيضاً كامنٌ في أنّ زملاء وزميلات، عرباً وأجانب، يدخلون تلك القاعة بعد وقتٍ على بداية العرض. أيتوافق الدخول المتأخّر مع "حِرفية" مهنية؟ كيف سيكون التعليق النقدي على فيلمٍ، يُشاهَد بعد بدايته بنصف ساعة تقريباً، أو حتّى ربع ساعة فقط؟
الأهمّ كامنٌ في العودة مجدّداً إلى مدينةٍ تُحَبّ، ومهرجان يُتيح مشاهدة هادئة وجميلة (رغم أهوال المُقدَّم في أفلامٍ عدّة)، وهذا غير مرتبطٍ بنقدٍ، يُفترض به أنْ ينشَط قريباً. عودة تُخفِّف قليلاً من انفصالٍ غير مقصود عن مُشاهدةٍ في مدينة خانقة.