يُتوقّع البدء قريباً بتنفيذ مشروع سينمائي عربي جديد. مشروعٌ يُثير رغبة في المتابعة، بسبب انبثاقه من إنتاجٍ مشترك بين جهات لبنانية ومصرية، ما يعني أنّ سؤال الإنتاج العربي العربي المشترك يُطرح مُجدّداً، انطلاقاً من التجربة التي يُنتظر تحقّقها لمعاينة نتيجتها. مشروعٌ يستعيد مسألة حسّاسة في الاشتغالات السينمائية العربية: الإنتاج العربي العربي المشترك. فالمشاريع السينمائية المُنتجة عربياً، بين دول وجهات إنتاجية مختلفة، نادرةٌ. مهتمّون بصناعة السينما العربية يتساءلون مراراً عن سبب غياب إنتاج كهذا، رغم مشاركات عربية مختلفة في إنتاج أفلامٍ، أو في تمويلها، وبعض التمويل منحٌ يُقدِّمها هذا المهرجان أو ذاك، باسم شركات وجهات عدّة.
في 2 فبراير/ شباط 2021، يبدأ تصوير فيلمٍ سينمائيّ جديد (لم يُذكر عنوانه لغاية الآن)، يُعتَبر النسخة العربية من الفيلم الإيطالي Perfect Strangers (يُمكن ترجمته إلى "غرباء تماماً" أو "غرباء بالكامل" أو "غرباء مثاليون")، لباولو جينوفيزي، الفائز بـ"جائزة نجيب محفوظ لأفضل سيناريو"، في الدورة الـ38 (15 ـ 24 نوفمبر/ تشرين الثاني 2016) لـ"مهرجان القاهرة السينمائي الدولي". والجائزة موزّعة على كتّابه، وهم، بالإضافة إلى جينوفيزي: فيليبّو بولونيا وباولو كوستيلا وباولا مامّيني ورولاندو رافيلّو.
3 جهات عربية ـ دولية تشترك في إنتاجه: Front Row Filmed Entertainment (المدير التنفيذي اللبناني جان لوكا شقرا) و"أمباير إنترناشونال" (رئيسها اللبناني ماريو حدّاد الابن) و"فيلم كلينك" (المصري محمد حفظي). إعداد النص لغبريال يمين، بالتعاون مع وسام سْميرة، الذي سيتولّى الإخراج، والتمثيل معقودٌ على المصرية منى زكي والأردني إياد نصّار واللبنانيين نادين لبكي وعادل كرم وديامون بو عبّود وجورج خبّاز.
بحسب بيان صادر عن الجهات الإنتاجية الثلاث، تدور أحداث الفيلم في لبنان، في مرحلة "انتفاضة 17 أكتوبر" (2019) وتفشّي وباء كورونا. لكنّ الحبكة الأساسية لن تخرج على النواة الدرامية الأصلية للفيلم الأصلي: أصدقاء يلتقون في سهرةٍ يدعوهم إليها واحد منهم، ويتحلّقون حول طاولة عشاء، ويبدأون لعبةً يقترحها أحد المدعوين: وضع الهواتف الخلوية كلّها على الطاولة، وإتاحة الفرصة للجميع للاستماع على أي اتصال يرد على أي هاتف، ولقراءة الرسائل التي تصل إلى هذا الهاتف أو ذاك.
ما يبدأ لعبة وتسلية، يتحوّل لاحقاً إلى فخّ يقع الجميع فيه، فيُعرّيهم ويكشف المخبّأ فيهم، ويفضح المستور عندهم، وتهتزّ العلاقات، الزوجية والعاطفية بين ثنائيات مختلفة، بسبب أسرار مخفية.
في مقالة سابقة لي عن الفيلم الإيطالي، يرد ما يلي: "بفضل السيناريو، تتجلّى السخرية الكوميدية في صُوَرٍ سينمائية جميلة، تستند إلى كتابةٍ تُعرّي وتفضح بهدوء خبيث، وبجمالٍ دراميّ موارب، وتكشف أحد أسوأ مآزق الحياة العصرية، المتمثّل بالهاتف الخلوي، وبعلاقة الناس به، وبما يحتويه من أسرارٍ شخصية، تُخفي حقائق كثيرة عن مستخدميه، وعن سلوكهم وأسلوب عيشهم" ("العربي الجديد"، 5 ديسمبر/ كانون الأول 2016).