عثر غواصان كانا يبحثان عن حطام طائرة مفقودة في مثلث برمودا على مركبة من نوع مختلف في قاع البحار، ليتبيّن أنّها جزء من مركبة تشالنجر الفضائية.
وانفجرت هذه المركبة الفضائية عام 1986، بعد ثوانٍ على إطلاقها من فلوريدا، ممّا أدى إلى مقتل أفراد الطاقم السبعة، ومن بينهم المدرّسة كريستا مكوليف.
وذكرت وكالة الفضاء الأميركية (ناسا)، يوم أمس الخميس، أنّ القطعة التي عُثر عليها وبقيت موجودة بشكل لافت في قاع المحيط الأطلسي تشكّل إحدى أكبر القطع التي عُثر عليها بعد هذه الكارثة في المجال الفضائي.
وفي مشاهد صَوَّرت اكتشافهما الذي جرى في ربيع العام الحالي يُظهر الغواصان، المحاطان بمجموعة من الأسماك، القطع الخاصة بنظام الحماية الحرارية التابع للمركبة، من تحت الرمال. وكانت هذه القطع الصغيرة السوداء تغطّي كلّ الجانب السفلي للمركبة وتجعلها تقاوم الحرارة المرتفعة جداً أثناء دخولها الغلاف الجوي.
ويقول أحد الغواصين مايك بارنيت لوكالة فرانس برس إنّه اختبر "مشاعر مذهلة" عندما أدرك طبيعة ما يلمسه.
ويضيف عالم الأحياء البحرية الذي يهوى استكشاف حطام السفن في البحار: "أنا معتاد على الغوص، وأن أكون موجوداً إلى جانب حطام سفن تعود إلى عشرات أو حتّى مئات السنين، لكنّ العثور على حطام مركبة فضائية يشكّل أمراً جديداً لي".
ويتابع: "أدركت سريعاً أنّ هذه المهمة الفضائية أعرفها، وأتذكّر أين كنت تحديداً عندما تحطمت المركبة، إذ كنت أشاهد الحدث مباشرة عبر التلفزيون".
وبعد خوضه عملية الغوص، عرض بارنيت الصور الملتقطة على صديق له هو رائد فضاء، وما كان من هذا الأخير إلّا أن أكّد اكتشاف الغوّاص. وبعد بضعة أشهر أكّدت "ناسا" أنّ ما اكتُشف يشكل بالفعل جزءاً من مركبة تشالنجر الفضائية. ويقول بارنيت: "كانوا مندهشين من حجم القطعة".
مدفونة جزئياً تحت الرمال
يبلغ حجم الجزء المرئي من القطعة 4،5 أمتار ضرب 4،5 أمتار، وبما أنّها تمتد تحت الرمال لم يُعرف حتّى اليوم حجمها الإجمالي.
وفي حديث إلى وكالة فرانس برس، يلفت مايك تشانيلي، الذي يعمل لدى "ناسا" منذ أكثر من 25 عاماً وتولّى العمل على البرنامج الخاص بالمركبة الفضائية، إلى أنّ أمراً واحداً مؤكّداً في الموضوع هو أنّ الجزء الذي عثر عليه من المركبة "يشكّل إحدى أكبر القطع التي يُعثر عليها على الإطلاق".
ويقول تشانيلي إنّ القطعة تعود بالتأكيد إلى الجانب السفلي من "تشالنجر"، لكن من الصعب معرفة أي جزء من هذا الجانب تمثّل تحديداً.
ويعتبر أنّ تحليل هذه القطعة لن يوفّر أيّ معطيات جديدة للتحقيق في الواقعة، التي يؤكد أنّه لن ينسى مطلقاً وقائعها التي تابعها عندما كان صغيراً. وسبق أن تمّ التوصل إلى الأسباب الأكيدة التي أدّت إلى تحطّم المركبة. إلّا أنّ الاطلاع على وضع المواد وكيف أصبحت متداعية مع مرور الزمن قد يكون مثيراً للاهتمام.
ويرى تشانيلي أنّ العثور على هذه القطعة ينبغي أن يعيد إحياء "الدروس المُستخلصة من هذه المهمة".
وبعد وقوع حادث التحطم في 28 يناير/ كانون الثاني 1986 أُطلقت عمليات واسعة لمحاولة العثور على بقايا المركبة. وبعد عشر سنوات، ظهرت قطعتان من المركبة على أحد الشواطئ بفعل عاصفة ضربت المنطقة. ومذاك لم يعثر على أي بقايا منها.
وتُعرَض قطعة واحدة فقط أمام العامة في مركز كينيدي الفضائي في ولاية فلوريدا، فيما احتُفظ بالأجزاء الأخرى في منطقة مجاورة.
"احترام ذكراهم"
وفي الربيع الماضي، كان الغواصان يبحثان عن حطام طائرة تعود إلى الحرب العالمية الثانية، من أجل إنجاز عمل وثائقي يتناول حالات الاختفاء في مثلث برمودا.
وستتناول الحلقة الأولى التي تعرضها قناة هيستوري تشانل في 22 نوفمبر/ تشرين الثاني قصّة المركبة الفضائية.
ويقول مايك بارنيت: "هذه هي الناحية التي أحبّها من المغامرات، ففيما أذهب للبحث عن أمر معيّن أصادف لغزاً مختلفاً تماماً".
ويوضح أنّه اختار مواقع الاستكشاف بناءً على معلومات وفّرها له الصيادون، الذين يخمّنون مكان الحطام لاستقطابه الأسماك. ويقع الموقع المعني غرب مثلث برمودا تقريباً لا داخله، ويشكّل جزءاً من مسار الطائرة التي كان يبحث عن حطامها.
ولم يُكشَف عن الموقع المحدد للقطعة التي عُثر عليها حتّى لا يرتاده الفضوليون، إلّا أنّه قبالة الساحل.
ويرى المستكشف أنّ مهمة استخراج القطعة من المياه ستكون عملية "سهلة جداً" لـ"ناسا"، لكنّها قد تعيد إحياء "ذكرى الواقعة الأليمة".
ويشير مايك تشانيلي إلى أنّ المناقشات جارية، و"مهما يكن القرار المُتّخذ يتمثل هدفنا الأساس في ضمان أننا نحترم ذكرى وإرث أفراد الطاقم وعائلاتهم".
(فرانس برس)