- مجموعة "لا تكنولوجيا للأبارتهايد" تشكك في صحة قرار الطرد، معتبرة أن "غوغل" تفضل عقدها البالغ 1.2 مليار دولار مع الحكومة والجيش الإسرائيليين على مصلحة موظفيها، مما يعكس توجه الشركة نحو تعزيز علاقاتها مع الحكومة الإسرائيلية.
- الاحتجاجات جزء من حركة أوسع ضد مشروع "نيمبس" بين "غوغل" و"أمازون" لتوفير خدمات سحابية للحكومة الإسرائيلية، حيث يعارض الموظفون والناشطون المشروع لتسهيله المراقبة غير القانونية للفلسطينيين وتوسيع المستوطنات، مما يعكس صراعًا أخلاقيًا داخل الشركات.
طردت "غوغل" 28 موظفاً احتجوا على تعاونها مع الحكومة الإسرائيلية، في أحدث إجراء تتخذه الشركة العملاقة في مجال التكنولوجيا ضد الموظفين المناصرين للفلسطينيين وسط حرب الإبادة التي تشنها قوات الاحتلال عليهم في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
ووجه نائب رئيس قسم الأمن العالمي في "غوغل"، كريس راكو، رسالة بالبريد الإلكتروني إلى الموظفين كلهم اليوم الخميس، أعلن فيها أن الشركة طردت زملاءهم بعدما وجد تحقيق أجرته أنهم متورطون في الاعتصامات التي نظمت في مكتبيها في نيويورك وسانيفيل (كاليفورنيا). وقال كريس راكو في الرسالة الإلكترونية إن الاعتصامات كانت "غير مقبولة، وأعاقت العمل، وجعلت الزملاء يشعرون بالتهديد". وأضاف: "الغالبية العظمى من موظفينا يقومون بما هو صائب... إذا كنت واحداً من القلة الذين يميلون إلى الاعتقاد بأننا سنتجاهل السلوك الذي ينتهك سياساتنا فعليك إعادة النظر".
في المقابل، شككت مجموعة "لا تكنولوجيا للأبارتهايد" التي نظمت الاحتجاجات بأن يكون كافة الموظفين الذين طردتهم "غوغل" قد شاركوا في الاعتصامات هذا الأسبوع. وجاء في بيان نشرته المجموعة اليوم الخميس: "هذا العمل الانتقامي الصارخ يوضح أن شركة غوغل تقدر عقدها الذي تبلغ قيمته 1.2 مليار دولار مع الحكومة والجيش الإسرائيليين الذين يرتكبون الإبادة الجماعية، أكثر من موظفيها الذين يخلقون قيمة حقيقية للمديرين التنفيذيين والمساهمين".
وكان عدد من موظفي شركة غوغل قد اعتقلوا مساء الثلاثاء، من مكتبيها في نيويورك وسانيفيل، بعد تنظيمهم اعتصامات للاحتجاج على تعاونها مع الحكومة الإسرائيلية. وأكدت المتحدثة باسم المحتجين، جين تشانغ، أن 9 موظفين اعتقلوا من مكتبي نيويورك وسانيفيل. وقال متحدث باسم "غوغل" الثلاثاء، لصحيفة واشنطن بوست، إن "إعاقة عمل الموظفين الآخرين جسدياً ومنعهم من الوصول إلى منشآتنا يعد انتهاكاً واضحاً لسياساتنا، وسنقوم بالتحقيق واتخاذ الإجراءات اللازمة". وأضاف أن الموظفين المحتجين "هم في إجازة إدارية، وقطع وصولهم إلى أنظمتنا. وبعد رفضهم طلبات متعددة لمغادرة المبنى، أشركنا جهات إنفاذ القانون لاصطحابهم للخارج، من أجل ضمان سلامة المكتب".
الموظفون المحتجون كانوا قد أصروا على عدم المغادرة حتى تستجيب الشركة لطلبهم بالانسحاب من مشروع "نيمبس" الذي تبلغ قيمته 1.2 مليار دولار، وتتقاسمه مع شركة أمازون لتوفير الخدمات السحابية ومراكز البيانات للحكومة الإسرائيلية. واحتشد متظاهرون آخرون أمام مكاتب الشركة في نيويورك وسانيفيل وسياتل.
عارض بعض الموظفين والناشطين مشروع "نيمبس" منذ تدشينه عام 2021، إذ تسمح التكنولوجيا التي يوفرها بمزيد من المراقبة وجمع البيانات بشكل غير قانوني عن الفلسطينيين، وتسهيل توسيع المستوطنات اليهودية غير القانونية على الأراضي الفلسطينية. وُقّع هذا العقد في نفس الأسبوع الذي هاجمت فيه قوات الاحتلال الإسرائيلي فلسطينيين في قطاع غزة، ما أسفر عن استشهاد ما يقرب من 250 شخصاً، من بينهم أكثر من 60 طفلاً. ذلك العام، نشر موظفون في "غوغل" و"أمازون" رسالة في صحيفة ذا غارديان البريطانية، عنوانها: "نحن موظفون في غوغل وأمازون. نحن ندين مشروع نيمبس". وأكد الموظفون الذين لم يكشفوا عن هويتهم، "خوفاً من الانتقام"، أنه "لا يمكنهم دعم قرار شركتيهم بتزويد الجيش الإسرائيلي والحكومة الإسرائيلية بتكنولوجيا تستخدم لإيذاء الفلسطينيين". وأوضحوا: "نكتب بصفتنا موظفين في غوغل وأمازون لديهم ضمير ومن خلفيات متنوعة، نحن نؤمن بأن التكنولوجيا التي نطورها يجب أن تسخر لخدمة الناس في كل مكان والارتقاء بهم". ودعا الموظفون شركتي غوغل وأمازن للانسحاب من مشروع نيمبس الإسرائيلي، وقطع جميع العلاقات مع الجيش الإسرائيلي، مؤكدين التزامهم أخلاقياً بالتحدث علنا ضد انتهاكات قيم العمل. وكشفوا أن التكنولوجيا التي تعاقدت الشركتان على توفيرها لصالح إسرائيل ستجعل التمييز المنهجي والتهجير الذي يقوم به الجيش الإسرائيلي أكثر قسوة وفتكاً بالفلسطينيين.
وتشير مستندات "غوغل" إلى أن خدماتها المقدمة لإسرائيل عبر سحابتها تتمتع بقدرات مثل اكتشاف الوجه المدعوم بالذكاء الاصطناعي والتصنيف الآلي للصور وتتبع الكائنات. والمشكلة أن أي تفاصيل إضافية حول العقد هي إما نادرة أو غير موجودة، في حين أن الكثير من إحباط الموظفين يكمن في ما يقولون إنه افتقار "غوغل" إلى الشفافية حول هذا المشروع.
لكن الاحتجاجات تصاعدت خلال الأشهر السبعة الماضية مع استمرار قوات الاحتلال الإسرائيلي في حرب الإبادة التي تشنها على الفلسطينيين في قطاع غزة. عمم الموظفون رسائل إلكترونية يعترضون فيها على المشروع، كما احتجوا خارج مكاتب الشركة، ونظموا تحركاً خارج أحد مبانيها في سان فرانسيسكو في ديسمبر/كانون الأول، مما أدى إلى عرقلة حركة المرور وسط المدينة.
وطردت "غوغل" المهندس إيدي هاتفيلد، الناشط في "لا تكنولوجيا للأبارتهايد"، بعدما احتجّ على مشروع نيمبس، خلال فعاليات "مايند ذا تِك" وهو مؤتمر إسرائيلي سنوي للتكنولوجيا في نيويورك، في مارس/آذار الماضي. وكشفت مجلة تايم الأميركية أن اثنين من موظفي "غوغل" استقالا احتجاجاً على المشروع نفسه الشهر الماضي. كما أوردت "تايم" أن موظفي الشركة يخشون الاعتراض داخلياً على مشروع "نيمبس" أو دعم الفلسطينيين، بسبب ما وصفه البعض بالخوف من الانتقام.
كما كشفت المجلة نفسها، الأسبوع الماضي، أن الشركة الأميركية العملاقة توفر خدمات الحوسبة السحابية لوزارة الدفاع الإسرائيلية، وتفاوضت على تعميق شراكتها معها وسط العدوان المتواصل على قطاع غزة، من دون أن تعير أدنى اهتمام لاحتجاجات موظفيها. ووفقاً لوثيقة داخلية اطلعت عليها مجلة تايم، فإن لدى وزارة الدفاع الإسرائيلية ما وصفته بـ"منطقة إنزال" خاصة بها داخل "غوغل كلاود"، وهي نقطة دخول آمنة إلى البنية التحتية للحوسبة التي توفرها "غوغل"، والتي من شأنها أن تسمح للوزارة بتخزين البيانات ومعالجتها والوصول إلى خدمات الذكاء الاصطناعي. وكشفت "تايم" أن الوزارة الإسرائيلية طلبت مساعدة استشارية من "غوغل" لتوسيع وصولها إلى "غوغل كلاود"، من أجل السماح لـ"وحدات متعددة" بالوصول إلى تقنيات الأتمتة، وذلك وفقاً لمسودة عقد مؤرخة في 27 مارس. ويظهر العقد أن "غوغل" تقدّم فواتير لوزارة الدفاع الإسرائيلية بأكثر من مليون دولار مقابل خدماتها الاستشارية. كذلك منحت "غوغل" الوزارة الإسرائيلية خصماً بنسبة 15 في المائة على السعر الأصلي مقابل الاستشارات في "إطار عمل نيمبس". كانت "غوغل" قد زعمت أخيراً بأن تعاونها مع حكومة الاحتلال الإسرائيلي مخصص لأغراض مدنية و"ليس موجهاً إلى أعباء عمل عسكرية حساسة للغاية أو سرية تتعلق بالأسلحة أو أجهزة الاستخبارات". وأكدت المجلة أنها تواصلت مع "غوغل" في 10 إبريل، لتستفسر عن هذا العقد مع وزارة الدفاع الإسرائيلية، لكنها لم تتلقّ رداً.
وجاء الكشف عن هذا العقد بعد أن كشفت تقارير إسرائيلية إخبارية أخيراً أن جيش الاحتلال يستخدم نظاماً مدعوماً بالذكاء الاصطناعي لاختيار أهداف للغارات الجوية على قطاع غزة. من المحتمل أن يتطلب نظام الذكاء الاصطناعي هذا بنية تحتية للحوسبة السحابية لكي يعمل. لا يحدد عقد "غوغل" الذي اطلعت عليه مجلة تايم التطبيقات العسكرية، إن وجدت، التي تستخدمها وزارة الدفاع الإسرائيلية، وإن كانت "غوغل كلاود" بينها. لكن موظفين في الشركة أكدوا لـ"تايم" أن "غوغل" لديها قدرة محدودة على مراقبة كيفية استخدام عملائها، وبينهم إسرائيل، بنيتها التحتية السحابية".