قبل 18 عاماً، اختار المغني اللبناني فارس كرم نمطاً آخر في الغناء الشعبي. وهو اليوم بعد كل هذه السنوات يواصل السير فنياً على هذا الخط متسلاً بقاعدة جماهيرية عريضة تتخطى لبنان. لا يمكن فصل مسار فارس كرم الغنائي عن حياته الخاصة، إذْ لطالما عُرف بهروبه من المجاملات، أمام معاكسات المجتمع الفنّي والحروب الصغيرة التي تُشن في دائرة تجمعه بزملائه.
وانضم كرم إلى شركة روتانا، رغم خلافات في "وجهات النظر" بين الطرفين. وتظهر الخلافات أيضاً خلال عالم المهرجانات والحفلات التي تتحول أحياناً إلى مافيات و"شللية" تحجر على هذا الفنان وتشرك آخر في حفل أو فعالية طبقاً للمصالح الخاصة.
لا يمكن أن نفصل بين حياة كرم الخاصة، وبين مفهومه للفن والغناء، وإدراكه جيداً لمساحات صوته، وكيفية اختيار أغانيه وتوزيعها الموسيقي الذي يعتمد على الإيقاع. تلك هي الميزة الوحيدة التي أبقت كرم على الطريق منافساً شرساً لأبناء جيله من الفنانين، إذْ أعطته فرادة مدروسة على المسرح أثناء إحياء الحفلات، والاعتماد على الفرق الموسيقية بطرق عفوية تتحول مع الوقت إلى استعراض يريده الجمهور، لا بل يطلبه.
عام 2005 اعتمد فارس كرم على اللون الشعبي البسيط. إذْ أطلق بعد خلافه مع مكتشفه المخرج الراحل سيمون أسمر أغنية "التنورة" من ألحان سليم سلامة. أغنية لم يدرك فارس كرم قبلها أنها ستحمل له النجاح إلى اليوم، بل ساهمت في عدم زعزعة حضوره بين زملائه الذين كثروا في تلك الفترة التي شكلت انقلاباً على الجيل الثاني للأغنية اللبنانية والعربية، وما زالت المحاولات إلى اليوم تعود بالنجاح النسبي لهذا النمط.
عموماً، يمكن الاعتراف بأن أغاني كرم تلقى الصدى المطلوب عند الجمهور، في الوقت نفسه لا يمكن أن يشكل الكليب الخاص بهذه الأغاني أي قيمة إضافية على نجاحها، إلا من ناحية الاستماع لا المشاهدة. ومنذ عام 2007، اتّخذ المخرجون المكلفون بتصوير أغاني فارس كرم بعداً ضيقاً. إذْ حاصروه بالأفكار المكررة والمعدة سلفًا. كاعتماد سيناريو فكاهي ساخر لحالة الشاب "النسونجي" الذي يبحث دائمًا عن النساء، ولا شيء غير النساء. ربما يجيد فارس كرم هذا الدور في نوعية الأغاني، لكنّه يكررها من دون مناسبة في كل كليباته المصورة.
قدم فارس كرم عام 2008 أغنيتين مصورتين مع المخرج إميل سلسيلاتي الذي عرف كيف يحمي إيقاع التصوير، واستطاع أن يضبط فارس في إطار الفكرة والسيناريو. وكان جيداً التغيير الذي استحدث مع إميل سليلاتي بعد فشل أكثر من ثمانية كليبات لكرم أخرجها وليد ناصيف. إلى اليوم، يبقى كرم أسير أفكار قد يكون شريكاً في طرحها مع المخرجين جو بوعيد وحسن غدار الذي أخرج كليب أغنيته الأخيرة "قمرجي"، في إطار من التكرار المشهدي المحاصر بالنساء وصراع الرجال على المرأة وقصص الحارة الشعبية الضيقة.
تحفظ تونس والمغرب أغاني فارس كرم عن ظهر قلب. عام 2010 قام بجولة في تونس وأحيا 8 حفلات بعدما كان مقرراً له 4 فقط. وفي الولايات المتحدة تباع تذاكر حفلاته كاملة، لكنه لا يسعى أمام كل هذا إلى إعادة هيكلة أو دراسة بعض الأعمال التي يقدمها ليصبح النجاح مكتملاً.