بعد شد وجذب استمر عاماً كاملاً بين فضل شاكر و"روتانا" حول عودته للغناء تحت غطاء الشركة السعودية، صدر على مدى شهر كامل "ميني ألبوم" للمغني اللبناني حمل عنوان "بجامل ناس"، مؤلفاً من ست أغنيات.
بلغة السوق والأرقام، حقّق شاكر ملايين المشاهدات على منصات التواصل الاجتماعي كـ"يوتيوب" و"ديزر" و"فن بوكس"، وهو الأمر الذي يدرُّ المال، فضلاً عن مشاهدات صفحات مواقع التواصل الاجتماعي التي تجلب الإعلانات أيضاً. فالشركة السعودية صارت تجد في إيرادات مواقع التواصل الاجتماعي والحفلات ما يعوّضها عن تردّي حال سوق الغناء، وتحاول استرداد ما تدفعه مقابل إنتاج الأعمال الغنائية ووجود فنانين لهم جماهيريتهم في السوق. وما جعل "روتانا" تدفع نصف مليون دولار أميركي مقابل أن تكون العودة الرسمية الأولى لشاكر من خلالها هو الأرقام المليونية الكبيرة التي حققتها أغانيه الثلاث عشرة التي أطلقها عبر قناته الرسمية على "يوتيوب"، بعدما قرر قبل عامين العودة للغناء من بيته في مخيم عين الحلوة (جنوب لبنان)، ويسجل أغانيه في استديو صغير متواضع "من تحت صفائح الزينكو"، بحسب تصريحه التلفزيوني قبل عام على قناة "الجديد".
كما تراهن "روتانا" على انفراجه مقبلة في وضع شاكر القانوني في لبنان، تتيح لها مستقبلاً التعاون معه في الحفلات، وخاصة أنها تنظم 90 في المائة من الحفلات والمهرجانات الكبرى التي لا تنتهي وتقام على مدار العام في منطقة الخليج عموماً وفي المملكة العربية السعودية خصوصاً.
شاكر الذي عُرف برومانسية أغانيه على مدى عقدين من الزمان، ما زال صوته وإحساسه هو الذي يقود الجمهور العربي للاستماع إلى أغانيه. لكن المتفحص لألبومه الأخير سيدرك أنه مرّ مرور الكرام، وأن صوته وإحساسه هو الذي دفع الجمهور لجديده، فكانت أغانيه، كما هو عنوانه، قائمة على المجاملات، وهذا رهان قد يخسره الفنان اللبناني الذي على ما يبدو لم تكن له الكلمة الأولى في اختيار الأغاني الجديدة.
وكان غريباً أن تكون نصف أغاني الألبوم باللهجة الخليجية، فطيلة عشرين عاماً، في أيام توهجه الفني، لم يغنّ شاكر بالخليجي سوى أربع أغنيات. فلماذا كان الإصرار على تقديمه بثوب غنائي لا يلائمه، من حيث إتقان اللهجة والمواضيع المكررة؟ أيضاً في باقي أغاني الألبوم، قدم شاكر أغنيتين باللهجة المصرية وواحدة باللهجة اللبنانية. لم تكن هذه الأغاني بمستوى أغانيه التي أصدرها وهو يعمل وحده من دون شركة إنتاج.
الرهان الذي قد يخسره شاكر هو جمهوره الكبير الذي ينتظر منه أغنيات تشبه ما كان يقدمه أيام عزه الفني، وهو الفخ الذي وقع فيه فنانون كبار كثر وصلوا لمرحلة لم يستطيعوا معها اختيار ما يلائم فترة النجاح التي يعيشونها، أو أنهم ركنوا لاختيارات شركة الإنتاج التي طلبت منهم تقديم أغنيات اختارتها لهم.
واللافت أن ما حدث مع شاكر في ألبومه "بجامل ناس" هو أن شركة "روتانا" طلبت منه تغيير أغنيتين كان قد اختارهما، في تكرار على ما يبدو لما حدث مع إيهاب توفيق وهشام عباس ومحمد فؤاد، نجوم الأغنية المصرية الذين تاهت بوصلتهم الفنية في أول إنتاج لهم مع "روتانا"، بعد أن كانوا يتسيدون الساحة الفنية الغنائية في مصر، وهم اليوم في عداد المغنين الذين تجاوزهم الزمن.
المطلوب من فضل شاكر أن يدقق في اختياراته الفنية وأن يكون هو "بخبرته" صاحب الرأي الأول والأخير في ما يغني، أو على الأقل أن يلجأ لمستشار فني يساعده ليس في الاختيار فقط، بل في تنفيذ أغانيه وتقديمها للجمهور. شهرة فضل شاكر وصوته وإحساسه لها سطوة طلب التعامل مع شعراء وملحنين وموسيقيين كبار كانوا سبباً في نجاحه وانتشاره وجماهيريته، لا أن يكون صوته بمثابة "عتبة" ينفذ منها أشخاص نحو الشهرة والنجومية، بشهادة أنهم تعاملوا مع فضل شاكر.