بعد حملة "مي تو" الشهيرة، أصبح هناك توجه عام من قبل معظم الفنانين حول العالم لنشر الوعي حول حقوق المرأة ودعم الحركات النسوية على جميع الأصعدة. لكن سورية تمثل حالة خاصة، فإلى اليوم لا يزال هناك بعض الفنانين السوريين الذين يتفاخرون بذكورية أفكارهم وتطرف آرائهم المناهضة لحقوق المرأة. ويستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي لنشر آرائهم المتطرفة، دون أن يكون لديهم أدنى حس بالمسؤولية.
البعض منهم يتعاطى مع التفاعل والتداول الواسع لمنشوراتهم المستفزة على السوشيال ميديا باعتباره إنجازا يحسب لهم، ودليلا قاطعا على شعبيتهم الواسعة. ويبدو أنه كلما ازدادت أعداد الإعجابات أو المشاركات أو التعليقات المتضامنة أو المنتقدة، ازدادوا تشبثاً بتلك الأراء المتطرفة. ويبدو أن الكاتب السوري عدنان العودة هو المثال الأبرز والأكثر فقاعة على هذه الظاهرة، إذ إن العودة بات يكتب منشورات يومية، لا هدف منها سوى شتم الحركة النسوية والتحريض ضدها عبر صفحته الرسمية على "فيسبوك"، إضافةً إلى نشر أفكار متطرفة للغاية تبرر تعنيف المرأة. وقد بدأ العودة بنشر تلك الأفكار على صفحته منذ ما يقارب الشهر، وكانت البداية بمنشور حلل فيه العودة تعنيف المرأة الجسدي تحت مسمى الحب، مستشهداً بالمثل الشعبي "ضرب الحبيب زبيب"، ولاقى المنشور تفاعلاً كبيراً من قبل الشارع السوري، وأثار غضب الناشطات النسوية اللواتي اعترضن على نشر تلك الآراء التي تدعو إلى العنف، إلا أن العودة قام بحذف أي تعليق يتعارض مع فكره، وقام بشتم الناشطات اللواتي عبرن عن رأيهن بالمنشور.
وعلى خلفية ذلك، قامت بعض الناشطات السوريات بتصوير منشورات العودة وتعليقاته المسيئة لهن ونشرها عبر صفحاتهن. وردّ العودة بمنشورات أكثر عنفاً يحلل فيها الاغتصاب. وربما بسبب التهديدات التي تعرض لها العودة المقيم في هولندا، من قبل ناشطين أكدوا أنهم سيلجؤون للقضاء بسبب تحريضه على العنف ضد المرأة بمنشوراته على وسائل التواصل الاجتماعي، فإن العودة صار يحذف كل منشور يكتبه بعد عدة ساعات، بعد أن يكون أحدث المزيد من الصخب والجدل. لكن العودة لم يتوقف أبداً عن نشر خطاب الكراهية، وإنما قام باستثمار الضجة حول الموضوع ليبقى اسمه قيد الجدل. وفي آخر منشور للعودة، قام بشتم الحركة النسوية بألفاظ نابية، وسخر من مظهر الناشطات النسويات، واتهمن بأنهن قذرات، وأنه يتوجب عليهن الاهتمام بمظهرهن ونظافتهن وأن يقمن بإزالة الشعر الزائد، بدلاً من انتقاد شاعر مهم مثله. ليعكس العودة بذلك سخافته وذكورية تفكيره. مع العلم أن العودة لايزال يحاول أن يصدّر اسمه على أنه كاتب وشاعر ينادي بالحريات، ولكنه يتعامل مع المرأة على أنها ليست سوى كائن جنسي، ما يحدد قيمتها هو مظهرها الخارجي فقط.
ولا يعتبر عدنان العودة هو الفنان السوري الوحيد الذي استثمر الأفكار الذكورية المتطرفة للفت الانتباه، فهناك عدد كبير من الفنانين السوريين الذين يحاولون الوصول للجمهور من خلال نشر التعليقات والنكت الذكورية أيضاً. وكان آخر من تمكن من لفت الأنظار بمنشوراته الذكورية هو الممثل عدنان أبو الشامات، الذي كتب منشورًا سخر فيه من زميلاته في الوسط الفني، اللواتي لا يتقدمن بالعمر، فاتهمهن بالتصابي وجرّم عمليات التجميل؛ ليرد عليه أحد المعلقين بأن هناك فنانين ذكورا لا تظهر عليهم علامات التقدم بالعمر، وذكر عمرو دياب وتامر حسني وعاصي الحلاني كأمثلة على ذلك؛ ليرد عليه عدنان بما يلي: "هدول زميلاتنا كمان". وهذا التعليق بالذات، فتح النار على أبو الشامات، ليضطر بعدها لنشر اعتذار عبر صفحته الرسمية على "فيسبوك"، ليعتذر من جمهور عمرو دياب وتامر حسني، كما أطل عبر برنامج "شو صاير" مع الإعلامي أحمد الدرع، ليناقش الأمر، ويدعي بأنه يتعرض لمؤامرة، وأن ما نشره ليس سوى نكتة عفوية، ولم يعتذر من الفنانات على الإساءة التي وجهها لهن، وإنما اكتفى بالاعتذار من الفنانين الذكور، الذين شكك برجولتهم.