فيروز سرحال في "فينيسيا": بغدادي ومدينته

29 يوليو 2024
فيروز سرحال: عن مارون بغدادي وبيروت المؤثّرة في سينماه (الملف الصحافي)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- فيروز سرحال تستعرض في "تشويش" (2017) نبض مدينة بيروت من خلال مباراة كرة قدم، مع التركيز على تفاصيل الحياة اليومية والعلاقات الإنسانية.
- فيلمها الوثائقي الجديد "وعاد مارون إلى بيروت" يروي حكاية المخرج اللبناني مارون بغدادي، ويعرض في مهرجان فينيسيا السينمائي 2024.
- بغدادي، أحد رواد "السينما البديلة"، غادر بيروت خلال الحرب الأهلية اللبنانية، وأنتج أفلامًا تكشف أعماق الواقع والعلاقات الإنسانية.

للّبنانية فيروز سرحال علاقة ببيروت، ترسم شيئاً من تفاصيلها في "تشويش" (2017)، الذي ستكون لحظته الأساسية مباراة في كرة القدم بين فريقين أجنبيين. لكنّ المناخ أكبر من اللحظة هذه، والحيّز الجغرافيّ يتّخذ من مدينةٍ ملاذاً له، لالتقاط نبض شارع وأناس وفضاء وعلاقات وانفعال. اللحظة مُحدّدة. المدينة قد تكون مُحدّدة. الأهم كامنٌ في مكان آخر: المدينة ويومياتها.

أفرادٌ في المدينة ومشاغلهم. أشياء وحضورها. حالات ومساراتها. انفعالات وارتباكاتها ورغباتها. عمارة وأشكالها وظلالها ومعانيها. هذا كلّه ليس تفاصيل عابرة في "تشويش" (العربي الجديد، 19 مارس/ آذار 2018). فالكاميرا متوغّلة في ثناياها ومسامّها وفراغاتها ومساراتها. والأصوات المرافقة لها جزء من تملّكها المكان والهواء والمتاهات والأزقّة. لا كلام، بل موسيقى وأصوات وتعليقات وتمنّيات. الحركة أقوى وأعمق. العمارة ساكنةٌ، لكنّ روحها تتحرّك. الناس غير هادئين، لكنّ أرواحهم وأجسادهم متأهبة لمواجهة أو تحدٍّ، أو ربما صامتة عن كل مواجهة وتحدّ.

مجدّداً، تغوص سرحال في المدينة نفسها، عبر مخرج لبناني راحل، له مع المدينة حكايات يروي بعضها في أفلامٍ، ويعيش بعضها في يوميات، ويموت فيها قبل إكمال سيرةٍ واعدةٍ بنتاجٍ يكشف ويفضح ويُعرّي ويبوح. فالوثائقي الجديد لها، "وعاد مارون إلى بيروت" (كتابةً وإخراجاً، إنتاج "قناة الجزيرة الوثائقية" وRoad 2 Films، المنتجة سينتيا شقير)، الذي سيُعرض للمرة الأولى دولياً في الدورة الـ81 (28 أغسطس/ آب ـ 7 سبتمبر/ أيلول 2024) لمهرجان فينيسيا السينمائي (كلاسيكيات فينيسيا ـ وثائقيات عن السينما)، يروي فصولاً من حكاية المخرج السينمائي اللبناني مارون بغدادي (1950 ـ 1993).

بغدادي عامل في السينما منذ عام 1973، عشية اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية (1975 ـ 1990)، ويُعتبر أحد أبرز صانعي ما يُعرف بـ"السينما البديلة" في بلده، تلك التي تغوص في أعماق الواقع، فتكشف بعض خفاياه ومتاهاته وتفاصيله، وفي أحوال الفرد وعلاقاته بذاته وبالآخرين، قبل بدء تلك الحرب، وفي أعوامها الأولى. فبغدادي، كزملائه وزميلاته في "السينما البديلة" نفسها، يغادر بيروت في الربع الأول من ثمانينيات القرن الـ20، ويُقيم في فرنسا تحديداً، منجزاً فيها أفلاماً عن بيروت، وأخرى أجنبية تتناول مسائل حياتية وانفعالية وتاريخية مختلفة.

في التعريف الرسمي للفيلم، يُذكر أنّه "في الذكرى الـ30 لرحيله المأساوي، تنطلق المخرجة فيروز سرحال في رحلة في بيروت"، متنقّلةً في أحيائها وفضاءاتها، فالمدينة تلك مؤثّرةٌ في حياة بغدادي، وطابعةٌ سينماه: "إنّها (سرحال) تلتقي مُقرّبين منه، ومشاركين تجاربه". وبينما تستعرض حياته ومسيرته، "يقفز المشهد الاجتماعي والسياسي إلى المقدّمة"، فالفيلم يعكس أيضاً 50 عاماً من تاريخ البلد، "من زاوية الحاضر".

المساهمون