أرقامٌ وإحصاءات تقول إنّ قرصنة الأفلام السينمائية مُزدهرةٌ، رغم كلّ شيءٍ. تحليلٌ يُشير إلى أنّ لكورونا دوراً أساسياً في ازدهارها. التقنيات الحديثة تُتيح فرصاً أكبر، والحاجة إلى المُشاهدة المجانية تحرِّض على ابتكار وسائل مختلفة لاستمرار القرصنة.
بعض الأرقام مُفيدٌ: من أصل 53 مليون مستخدم للإنترنت، هناك نحو 13 مليون شخص يسرقون، شهرياً، مباريات كرة قدم وموسيقى وأفلام ومسلسلات. بعد أعوامٍ شاهدة على تراجع عدد المقرصنين، يرتفع العدد مُجدّداً، مع انتشار كورونا. تقول الأرقام ما يلي: 16 مليون مُقرصن عام 2015، و12 مليوناً عام 2019، و8 ملايين بداية عام 2020. لكنْ، منذ مارس/ آذار 2020، مع أول إغلاق دولي شامل، يُصبح الرقم 14 مليوناً. الأفلام والمسلسلات أكثر الأعمال تعرّضاً للقرصنة (Hadopi، هيئة فرنسية عامّة ومستقلّة، تُعنى بمكافحة القرصنة).
"صالات السينما مُغلقة، أو مُجمّد العمل فيها منذ عام، وفي الوقت نفسه تتسارع وتيرة قرصنة الأفلام. شكراً كوفيد ـ 19"، يكتب ميشال غيران ساخراً في الصحيفة اليومية الفرنسية "لوموند" (26 مارس/ آذار 2021). يُضيف: "عندما لا نعثر على ما نريد في الخارج، نسرقه إلى المنزل. ثم نسرق أيضاً ما يُمكن العثور عليه بالدفع". عالم السمعي ـ البصري يشجب، مجدّداً، هذه الآفة، التي يندر تناولها. لكنّ ندرة تناولها منبثقةٌ، ربما، من عجزٍ واضح عن منع انتشارها، علماً أنّ القرصنة منتقلةٌ من أشرطة مدمّجة إلى مواقع إلكترونية، يُركَن إليها لمُشاهدة المطلوب، وبعض المواقع يكاد يُصبح شرعياً، لشدّة الاستعانة به، خاصّة مع تقديمه أفضل نسخٍ مُقرصنة، تقنياً وبصرياً وسمعياً، لأفلامٍ جديدة، تجارية ـ استهلاكية، وغير تجارية ـ استهلاكية.
هذا واقعٌ. كثيرون في العالم يريدون مُشاهدةً، يعجزون عن تحقيقها لأسبابٍ مختلفة، يكمن أبرزها في الحالة الاقتصادية المالية للمُشاهد. هناك أيضاً عجز المُشاهد عن اللحاق بكلّ جديد ممكن من دون القرصنة، لأنّ موزّعي الأفلام وأصحاب الصالات في بلده يكترثون بالتجاري الاستهلاكي، وبعض التجاري الاستهلاكي نفسه ينفضون أيديهم منه. أما غير التجاري الاستهلاكي، فيندر اهتمام الموزّعين وأصحاب الصالات به، في دول منتمية إلى ما يُسمى بالعالم الثالث. المنصّات، رغم أنّ البدل المالي للاشتراك بها متواضع، تمتلك خطط برمجة لن تستهوي البعض، فهذا البعض يريد مُشاهدة غير المعروض على المنصّات أحياناً. شبكات تلفزيونية تُخصّص أقنية بأفلامٍ جديدة، وبأخرى معروضة في مهرجانات سينمائية، في مقابل موقعٍ رسمي وشرعي (فستيفال سكوب) مثلاً، يُتيح لهواة السينما ومحبّيها ـ لقاء بدل مالي معيّن ـ مُشاهدة أفلامٍ كثيرة، بعضها معروضٌ حديثاً في مهرجانات سينمائية دولية أساسية.
هذا مأزقٌ قديم، كلّ معالجةٍ له فاشلة. هذا مطلبٌ أيضاً، يجهد مقرصنون كثيرون في تلبيته للراغبين فيه.