"قسمة ونصيب"... كل هذا الابتذال على الشاشة

26 مايو 2024
تقدّم ريتا حرب البرنامج (فيسبوك)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- استنساخ الدراما التركية في العالم العربي يتجه نحو برامج تلفزيون الواقع، مع إطلاق "قسمة ونصيب"، نسخة عربية من برنامج تركي يهدف لجمع الشباب في جزيرة لإيجاد الحب الحقيقي، مع جائزة مالية للفائزين.
- البرنامج يثير الجدل بترويجه لأفكار رجعية حول الزواج والحب، ويعاني من انتقادات بسبب ترسيخ مفاهيم متخلفة واعتماده على المحتوى المبتذل لجذب المشاهدين، بالإضافة إلى شكوك حول مصداقية جنسيات المشتركات.
- على الرغم من التطورات في تطبيقات المواعدة وتغير مفهوم بناء العلاقات، يستمر إنتاج مثل هذه البرامج التي لا تقدم قيمة ترفيهية حقيقية، مما يطرح تساؤلات حول الدافع وراء استمرارها وتأثيرها على المجتمع.

يبدو أن حمى استنساخ الدراما التركية وتعريبها قد انتقلت إلى برامج تلفزيون الواقع العربية، فعُرضت أخيراً النسخة العربية من البرنامج التركي Maison d'amour، الذي قدمته الممثلة والمذيعة اللبنانية ريتا حرب وحمل اسم "قسمة ونصيب". تقوم فكرة البرنامج على جمع شباب وفتيات في جزيرة معزولة ليجدوا هناك "الحب الحقيقي"، ويحصل الثنائي الفائز في نهاية البرنامج على جائزة مالية قدرها 30 ألف دولار.
لا يمكننا فهم إعادة إنتاج هذا النوع من البرامج في وقتنا الحاضر، بعدما باتت تطبيقات المواعدة منتشرة في كل دول العالم، بما فيها المجتمعات المحافظة، وبات بناء العلاقات بمفهومه التقليدي مختلفاً. كما أنّ هذا النوع من البرامج تحديداً لم يلقَ استحسان الجمهور عند طرحه عربياً لأول مرة في عام 2008، إذ قدمت وقتها قناة LBCI برنامجاً يحمل الاسم نفسه، أي "قسمة ونصيب" وكان بدوره النسخة العربية من البرنامج الأميركي Momma's Boys. قامت فكرة البرنامج حينها على مشاركة مجموعة من الشباب مع أمهاتهم، ليكون لهن دور في اختيار شريكة حياة أبنائهن. لاقى البرنامج انتقادات كثرة من الصحافة بسبب ترسيخ مفاهيم رجعية حول الزواج، وخلق دراما مبتذلة لجذب المشاهدين حصراً.
إضافةً إلى ذلك، برزت وقتها اتهامات لصنّاع برامج تلفزيون الواقع عامة، بإغراء المشتركين بالمبالغ المالية، خصوصاً أن الجوائز المالية التي كانت تقدّم للفائزين كانت كبيرة.
وعلى الرغم من سذاجة المحتوى والطرح حينها، كان البرنامج بالنسخة القديمة يقدم محتوى ترفهياً وفنياً، فتابع الجمهور استعراضات راقصة وغنائية بحضور نجوم الغناء من الوطن العربي، ضمن حلقات البرايم الأسبوعية، على غرار باقي برامج تلفزيون الواقع المخصصة للمواهب الشابة، كبرامج "ستار أكاديمي" و"سوبر ستار" وغيرهما. أما النسخة الحالية من البرنامج فهي خالية من أي نوع من أنواع الترفيه، باستثناء المحتوى المبتذل، الذي يعتمد بالكامل على الأحداث اليومية البسيطة والثرثرة والأحاديث المفتعلة غير المسلية.
إضافة إلى ذلك، أن المشاهد يلاحظ في النسخة الجديدة من البرنامج العديد من الهفوات الغريبة، أبرزها ادعاء أغلب المشتركات أنهن من بلدان المغرب العربي، رغم أن لهجتهن تكشف أنهن سوريات، حيث يتكلمن باللهجات الشامية أو الحلبية وينطقن مصطلحات من قلب الشارع السوري، من الصعب أن تكون مألوفة من أهل المغرب العربي، وهو ما يضع مصداقية البرنامج على المحك.

كما أنّ "قسمة ونصيب" يروّج للكثير من الأفكار الرجعية حول مفهومي الزواج والحب، كأن الزوجة الفضلى هي صاحبة الجسد الأجمل، والزوج الأفضل هو الأكثر ثراءً، خصوصاً أن أغلب المشتركات تتراوح أعمارهن بين 18-22 عاماً، حيث تشجعهن مقدمة البرنامج ريتا حرب على استغلال فرصة اختيارهن في البرنامج لإيجاد عروس مناسب بأسرع وقت ممكن. وللمفارقة، ريتا حرب نفسها صرحت في أكثر من مرة للإعلام أنها تندم على زواجها بعمر صغير (17 سنة) وتعتبر ذلك أكبر أخطائها، وتُرجح ما حدث معها إلى قلة الوعي لدى الأهل حينها.

المساهمون