استمع إلى الملخص
- أثارت حلقة برنامج "ميني مافيا" على قناة الجديد جدلاً واسعاً بسبب استضافة أطفال في نقاش سياسي طائفي، مما دفع القناة للاعتذار وحذف الحلقة بعد انتقادات حادة.
- يواجه الإعلام اللبناني تحديات كبيرة في الحفاظ على المهنية، حيث يسعى لتحقيق "ترند" على حساب الجودة، مما يؤدي إلى تكرار الأخطاء والاعتذارات.
لعلّ المشكلة الأساسية التي لا تزال قنوات التلفزيون اللبنانية تعاني منها، هي عدم إيجاد مساحتها الإعلامية خارج إطار الانقسام الطائفي المستمر في البلاد منذ أكثر من خمسة عقود. ونتيجة لذلك نادراً ما تلتزم بشروط إنتاج المحتوى، ترفيهياً كان أم ثقافياً أم سياسياً أم توجيهياً.
مناسبة الحديث هي حلقة برنامج "ميني مافيا" الذي عرضته قناة الجديد قناة Ltv قبل أيام. القناة التي عانت في السنوات الأخيرة من ضيق مالي، اختارت طريقاً واضحاً وهو نشر كل ما يمكن أن يثير الجدل، حتى لو كانت قيمته الإعلامية أو المهنية معدومة.
خصصت الحلقة، التي قدمتها كارين سلامة، لاستضافة أربعة أطفال لا تتجاوز أعمارهم 11 عاماً، لفتح حوار سياسي عن الأحزاب والوضع السياسي في لبنان. سريعاً انتشر جزء من الحلقة، وقد صوّر نقاشاً بين طفلَين، أحدهما مناصر لحزب الله والآخر للقوات اللبنانية. وبدا واضحاً ان الحديث الطائفي والتحريضي مفتعل لتسخين أجواء النقاش.
لم تتنبه المحطة لما قامت به إلا بعد حملة عنيفة ضدها على مواقع التواصل الاجتماعي، ما اضطرها لإصدار بيان اعتذار، وحذف الحلقة عن منصاتها. قالت القناة في بيانها إن الهدف "كان تسليط الضوء على إمكانات الأطفال وابتكاراتهم التي تحتاج إلى دعم إعلامي"، وأن بث الحلقة تزامن مع توقيت انتخابات رئاسة الجمهورية في لبنان، حيث اقترح فريق الإعداد استضافة أطفال لبنانيين لإظهار مدى تأثرهم بالبيئة الاجتماعية والسياسية.
تشير مصادر من داخل القناة إلى أن اعتذار القناة وادعاءها أنها طلبت حذف الحوار الذي أثار الجدل في الحلقة قبل العرض، غير صحيح، بل إن فكرة البرنامج عرضت كاملة من قبل على المديرة التنفيذية للمحطة كرمى خياط وبعدها على مديرة نشرات الأخبار مريم البسام، ونالت موافقتهما، وأعطي الضوء الأخضر للتنفيذ.
وتضيف المصادر أن الحلقة نفسها خضعت لمونتاج كبير فحذفت منها مداخلات أخصائيين نفسسيين، بينما تجاهلت القناة طلب أهالي الأطفال الذين كانوا حاضرين وقت التصوير، حذف بعض المشاهد.
الأكيد أن تدهور المحتوى الذي يقدّمه الإعلام اللبناني، لا يطاول قناة الجديد وحدها، بل هناك مشكلة شبه عامة في أداء التلفزيونات اللبنانية عامةً، وهو تجاهل البعد المهني ــ الأخلاقي للمحتوى، بمعنى عرض كل ما هو متاح بهدف تحقيق "ترند" على مواقع التواصل وكسب المشاهدات. وفي حال قوبلت بوجة غضب كما حصل مع "الجديد"، تعود القناة ببساطة وتعتذر، لتعيد الكرّة بطريقة مختلفة، في نمط مكرّر، يكرّسه الإعلام اللبناني، خصوصاً في السنوات الخمس الأخيرة.