استمع إلى الملخص
- **شخصيات بارزة في الحركات البيئية:** المعرض يضم شخصيات مثل تيودور روزفلت وجولي باكارد، ويسلط الضوء على علماء مثل جورج بيركنز مارش وتوماس لوفجوي.
- **الجهود الدولية والتحديات:** رغم الرسالة القوية للمعرض، الجهود الدولية لمواكبة التدهور البيئي غير كافية، مع انتقادات من شخصيات مثل دونالد ترامب الذي أنكر التغير المناخي.
غلاف قديم لمجلة تايم الأميركية، يعود إلى عام 1970، يظهر فيه العالم البيئي باري كومونر (1917 – 2012) أمام منظر طبيعي منقسم إلى جزأين: الأول يحتوي على بحر نظيف ومساحات خضراء وشمس مُشرقة على اليسار، مُقابل أرض قاحلة ملوثة وأحادية اللون على اليمين.
كان كومونر من أوائل المطالبين بالزراعة العضوية والحد من الاستثمار في الوقود الأحفوري، كما كان دائم التحذير من التدهور البيئي. صورة أخرى لغلاف مجلة تايم تعود إلى عام 1985 تلفت الانتباه إلى عواقب النفايات الكيميائية السامة. يُعبر الغلاف الذي صممه فنان الغرافيك جيمس مارش تعبيراً صادقاً عن هذا الخطر الصامت؛ إذ يقدم صورة لرجل تغمره المياه حتى أنفه، في النصف العلوي من الصورة نجد منظراً مثالياً لمدينة تتمتع بصفاء أجوائها وأشجارها الكثيفة، أما أسفل الماء فيظهر جسد الرجل وقد تحول إلى هيكل عظمي مُحاط بالمياه العكرة. بعد عقود من نشر هاتين الصورتين، بات العالم اليوم مدركاً فداحة إهماله هذه التحذيرات المُبكرة وتهميشه تلك الأصوات التي لم تكف عن الحديث عن خطر التدهور المناخي.
غلافا مجلة تايم هما جزء من معرض يستضيفه متحف الصورة الوطني في واشنطن تحت عنوان "قوى الطبيعة"، ويُسلط من خلاله الضوء على جانب من التاريخ المُعاصر لجهود الحفاظ على البيئة في الولايات المتحدة. يقدم المعرض سرداً بصرياً لسيرة عدد من الشخصيات التي أسهمت في تشكيل وعينا المُعاصر بالبيئة، منذ منتصف القرن التاسع عشر وحتى اليوم. يطرح المعرض أيضاً تساؤلات مُهمّة حول أهداف الحركات البيئية، وعلاقتنا مع الطبيعة ومسؤوليتنا تجاههها، وإلى أي مدى تؤثر الاعتبارات البيئية في قراراتنا.
بين هذه الشخصيات التي يضمها معرض "قوى الطبيعة" أسماء بارزة لعلماء وسياسيين وناشطين وفنانين انتبهوا مبكراً لأهمية الحفاظ على البيئة، من بينهم مثلاً الرئيس الأميركي السابق تيودور روزفلت. يُحسب لروزفلت أنه أقر قانون المتنزهات الوطنية الأميركية، كما أنشأ وكالة مُخصصة لشؤون الغابات، وأسس خمس حدائق وطنية، وهو أول من أصدر قانوناً للمحميات الطبيعية، من أجل الحفاظ على الحياة البرية في الولايات المُتحدة.
يضم معرض "قوى الطبيعة" المستمر حتى الثاني من سبتمبر/أيلول المقبل عدداً من الأعمال الفنية، بينها عمل للفنانة الأميركية هوب غانغلوف (Hope Gangloff) المعروفة برسومها الخيالية للطبيعة. تصور لوحة غانغلوف المرسومة بالألوان الزاهية عالمة الطبيعة جولي باكارد وهي مُحاطة بالأسماك وأعشاب البحر. باكارد واحدة من أبرز المُدافعات عن البيئة البحرية في الولايات المتحدة، وقد تبنت الدعوة إلى الحفاظ على مياه البحار والمحيطات، وأدت جهودها إلى إصدار قوانين لمنع الصيد الجائر.
إلى جانب الشخصيات العلمية والسياسية المعروفة، يسلّط المعرض الضوء على العديد من الأسماء الأخرى الأقل شهرة. بين هؤلاء مثلاً جورج بيركنز مارش (1801 - 1882)، عالم الطبيعة الأميركي من القرن التاسع عشر، وهو من أوائل من دقوا ناقوس الخطر حول آثار التصنيع على كوكب الأرض. يبرز كذلك عالم الأحياء توماس لوفجوي (1940 - 2021)، وهو أول من لفت الانتباه إلى التأثيرات المناخية الضارة لإزالة غابات الأمازون. هناك صورة أيضاً للباحثة في علم الاجتماع البيئي دورسيتا تايلور (1957) التي كرست حياتها لدراسة تأثير التغيرات البيئية في المجتمعات. تضم القائمة كذلك الكاتب وعالم الفلك الشهير كارل ساغان (1934 - 1996) الذي كان دائم التحذير في كتاباته من خطر التدهور المناخي.
إلى جانب هذه النماذج الإيجابية، هناك شخصيات أخرى كانت سبباً في زيادة الوعي البيئي، بسبب مساهماتها السلبية. يأتي على رأس هؤلاء السياسي الأميركي جيمس وات الذي تقلد وزارة الداخلية في عهد الرئيس الأميركي الراحل رونالد ريغان، وكان سبباً في تقليص مساحة المتنزهات الوطنية، كما شجع عمليات التعدين بها، ما أثار انتقادات واسعة وجهتها دعاة حماية البيئة. يُظهر غلاف مجلة تايم الصادرة عام 1982 صورة جيمس وات في المُقدمة، بينما توارت خلفه خريطة كبيرة تمثل المتنزهات الوطنية في الولايات المتحدة.
على الرغم من هذه الرسالة التي يحملها معرض "قوى الطبيعة" والحقائق الدامغة التي باتت واضحة للجميع حول التدهور البيئي، فإن الجهود الدولية لا تواكب هذا الخطر المصيري. لا يقتصر الأمر على هذا التراخي الدولي فقط، بل هناك أيضاً من ينتقدون هذه الجهود، ويشككون في دوافعها. من بين أبرز هؤلاء المشككين الرئيس الأميركي السابق والمنافس في الانتخابات الرئاسية المقبلة دونالد ترامب. أثناء فترة رئاسته، أنكر ترامب التغير المناخي في أكثر من مناسبة، كما أعلن صراحة أنه لا يؤمن بصحة الآراء العلمية التي تقول إن تغير المناخ له آثار كارثية. وفي عهد ترامب أيضاً، انسحبت الولايات المتحدة من اتفاقية باريس للمناخ، كما سعت إدارته إلى زيادة استخدام الوقود الأحفوري، وإلغاء العديد من اللوائح والقوانين البيئية.