أظهرت دراسة تجريبية جديدة أن بعض أشكال وسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن تزيد من الوعي بين النساء حول مكان العثور على الموارد والدعم لمعالجة العنف الأسري.
أجريت التجربة على نساء من مصر، خلال فترة الإغلاق العام بسبب جائحة كوفيد-19.
في التجربة، أرسلت مقاطع فيديو للنساء اللاتي تم التواصل معهن عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى تذكيرات لمشاهدة البرامج التلفزيونية التي تقدمها محامية مصرية معروفة بالعمل في مجال حقوق الإنسان والتركيز على معايير النوع الاجتماعي والعنف.
ووجدت الدراسة، التي نشرت يوم 7 أغسطس/ آب في دورية Nature Human Behaviour الشهرية أن تلقي مقاطع الفيديو أو رسائل التذكير زاد من استهلاك المحتوى الإعلامي حول هذه القضية، وزاد من المعرفة بالموارد المتاحة، وحسّن استخدام التقارير والاستخدام الافتراضي لبعض الموارد ومن كيفية استجابة النساء للعنف. ومع ذلك، لم يبد أن التجربة تغير المواقف طويلة الأمد حول المساواة بين الجنسين والزواج والعنف الجنسي.
عام 2015، أفادت 36 في المائة من النساء المصريات المتزوجات، ممن تراوح أعمارهن بين 15 و49 عاماً، بأنهن تعرضن للعنف الأسري. كما تحتل مصر المرتبة 129 من أصل 153 دولة في مؤشر الفجوة بين الجنسين العالمي لعام 2020، الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي.
إلى ذلك، أجرى الباحثون استبياناً لأول مرة على 10 آلاف امرأة عبر موقع "فيسبوك"، ومنهن سجلت 5618 امرأة في التجربة التي استمرت في الفترة من يوليو/ تموز إلى سبتمبر/ أيلول 2020. تم تقسيم النساء إلى أربع مجموعات، وتلقت كل مجموعة رسائل مختلفة عبر "واتساب" و"فيسبوك" حول المحتوى المتعلق بموارد المرأة لمواجهة العنف الأسري.
أحد أهداف الدراسة كان تقييم تأثير نشر المركز المصري لحقوق المرأة في القاهرة حملته الإعلامية "لست وحدك". وأظهرت النتائج أن نحو 45 في المائة من المشاركات في التجربة تصفحن الموقع الإلكتروني الذي يستضيف البرامج التلفزيونية للمحامية الشهيرة، وشاهدن ما معدله حلقتين ونصف في كل زيارة.
وقالت المؤلفة المشاركة في الدراسة إليزابيث باركر، وهي باحثة ما بعد الدكتوراه في العلوم السياسية في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في الولايات المتحدة، إن النتائج أظهرت بوضوح معرفة النساء المشاركات للجهات التي يمكنهن التواصل معها وأماكن العثور على موارد حول ما يجب القيام به لمواجهة العنف الأسري.
وأضافت باركر، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن وسائل التواصل الاجتماعي، وتحديداً "واتساب" و"فيسبوك" المملوكتين لشركة ميتا، مثلت وسيلة مضمونة وآمنة للتواصل مع النساء وإيصال الرسائل المستهدفة من التجربة، "ووجدنا فاعلية مع واتساب أكثر بكثير من فيسبوك من حيث الوصول إلى جمهورنا وإيصال الرسالة المستهدفة".
وأشارت باركر إلى أنه على الرغم من أن "واتساب" كان فعالاً - من حيث الكلفة - في الوصول إلى النساء، فإن الفريق لم يتمكن من استخدامه كوسيلة لتحفيز التفاعلات الاجتماعية بالطرق التي فعلتها التدخلات غير المتصلة بالإنترنت، كما عند عرض أفلام على سبيل المثال. كما أظهرت الرسائل الفردية تأثيراً أكبر من الرسائل المرسلة في مجموعات، سواء عبر "واتساب" أو عبر "فيسبوك".
وعند سؤال باركر عن غياب الرجال عن الدراسة بوصفهم الطرف القائم بالتعنيف، قالت: "لقد اتخذنا قراراً بعدم تضمين الرجال، الذين يلعبون بالطبع دوراً رئيسياً في تغيير المعايير واستمرار العنف ضد النساء. نعتقد أن البحث يجب أن يأخذ في الاعتبار كيفية تحفيز المشاركة بشكل أفضل في المجموعات عبر الإنترنت، وكيفية تنظيم تدخلات عبر الإنترنت تستهدف جميع الجماهير، سواء من النساء أو الرجال".
يخطط الفريق البحثي إلى إجراء تجارب مماثلة في بلدان أخرى وزيادة تقييم تأثير مثل هذه التدخلات، مثل حملة "لست وحدك"، على تعامل المرأة مع العنف الذي تتعرض له، والاستجابة بشكل أفضل لقضايا مثل المساواة بين الجنسين، وإدماج النوع الاجتماعي، والعنف القائم على النوع الاجتماعي.