تقدمت نقابة محرري الصحافة اللبنانية، الجمعة، أمام قاضي الأمور المستعجلة بطلب إعطاء القرار بأمر على عريضة، يقضي بمنع "تجمّع نقابة الصحافة البديلة" من ممارسة أي نشاط عبر وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والإلكترونية، وبمنعه من نشر أي أخبار أو بيانات أو مقالات من أي نوع، تحت طائلة غرامة إكراهية قيمتها مائة مليون ليرة لبنانية (أكثر من 66 ألف دولار أميركي وفقاً لسعر الصرف الرسمي) عن كل مخالفة لهذا القرار.
سريعاً انهالت الردود الغاضبة من خطوة نقابة المحررين التي اعتُبرت استكمالاً للممارسات القمعية وسياسة كمّ الأفواه التي تنتهجها المنظومة التقليدية عبر أذرعها النقابية، ومن بينها نقابة محرري الصحافة التي مُدد لها مطلع ديسمبر/كانون الأول الحالي، بعملية انتخابية طعن "تجمّع نقابة الصحافية البديلة" في نتائجها.
وردّ التجمّع في بيان أشار فيه إلى أن "النقابة التي من واجبها حماية الصحافيين عزت هذا الإجراء إلى الحفاظ على حقوقها، ولمنع ما وصفته بالضرر الداهم الذي يهدد أعمالها، وهي نفسها لم نجدها يوماً إلى جانب الصحافيين لا للحفاظ على حقوقهم ولا لمنع الضرر عنهم، مصرة اليوم على تقديم نموذج قمعي للحريات، إذ يهولها الصوت والكلمة".
ويشدد التجمّع على فقدان النقابة للشرعية التمثيلية، لوجود معظم الصحافيين خارجها، فيما جدولها مفتوح لانتساب أصوات لا صلة لها بالمهنة لتأمين استمرار هيمنة نهج السلطة عليها.
وأضاف: "هذه النقابة تطالبنا اليوم بغرامة إكراهية، وهي نفسها تُطرح شكوك كبيرة على إدارتها للشؤون المالية، مما يؤكد خيارنا وصواب معركتنا مع هذه النقابة التي حبذا لو تضطلع بدورها الحقيقي بدل زياراتها المكوكية لرموز السلطة، وبدل ملاحقة الصحافيين المستقلين بالتهديد المعنوي واللفظي".
وتوجه التجمّع للنقابة: "مواجهتكم ليست مع أعضاء لجنة التنسيق الذين تهددونهم بالملاحقة القضائية وبدفع الغرامة الإكراهية، بل ستكون مع مئات الصحافيات والصحافيين الأحرار المعترضين على أدائكم وسياساتكم وأساليبكم التدميرية للصحافة ورسالتها وأهدافها".
ومضى قائلاً: "لن نتراجع عن معركتنا المفتوحة من أجل استقلالية السلطة الإعلامية من سطوة السلطة السياسية وأحزابها، ولن ترهبنا إجراءاتكم، ولن يوقفنا تهديدكم، ولن يُسكتنا قمعكم".
واستنكر "مركز الدفاع عن الحريات الإعلامية والثقافية" (سكايز) هذه الخطوة التي وصفها بـ"الخطيرة والغريبة"، مشيراً إلى أنها تتناقض مع الدستور اللبناني.
ودعا "سكايز" نقابة المحررين إلى الشروع في حوار جاد وعميق على المستوى الوطني، حول احتياجات الجسم الصحافي، والمشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي يعاني منها الصحافيون، وتطوير حقيقي للقوانين والنصوص الراعية للعمل الصحافي، ومواكبة التطور التكنولوجي وتأثيره في المهارات الصحافية ومستقبل المهنة، على أن يشارك فيه التجمّع والمؤسسات كافة، المعنية بتطوير الإعلام، والدفاع عن حرية التعبير والكلمة.
وفي السياق نفسه، رأت جمعية "إعلاميون من أجل الحرية" أن "هذه الخطوة المستنكرة تؤكد أن لا نية لدى نقيب المحررين ومجلس النقابة المنتخب بالهيئة الناخبة شبه المقفلة لعشرات السنوات القيام بأي خطوة من شأنها أن تحول النقابة إلى مؤسسة مهنية جامعة وإلى إقرار إصلاحات جذرية تؤدي إلى لمِّ شمل الجسم الإعلامي، وإلى الدفاع عن حرية الإعلام المنتهكة".
يشار إلى أن "تجمّع نقابة الصحافة البديلة" تأسس من صحافيين وصحافيات لا تمثلهم نقابتا الصحافة والمحررين الرسميتان، وسط انتفاضة أكتوبر/تشرين الأول 2019.