لماذا يعتبر العثور على جرذ في جزيرة ألاسكا أمراً خطيراً؟

22 سبتمبر 2024
طيور البفن ذات الريش المميز في ألاسكا (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- في جزيرة سانت بول، أثارت رؤية جرذ قلق السكان المحليين بسبب تهديده للنظام البيئي والطيور. رغم عمليات البحث المكثفة، لم يُعثر على أي دليل حتى الآن.
- الجزيرة لديها برنامج مراقبة للقوارض، واستغرق القبض على آخر جرذ معروف في 2019 حوالي عام. السلطات تسعى لجلب كلب من وزارة الزراعة الأميركية للكشف عن الجرذان.
- هيئة الأسماك والحياة البرية الأميركية تخطط لمراجعة بيئية للقضاء على الجرذان في جزر ألوشيان، حيث نجحت جهود سابقة في استعادة الطيور الأصلية بعد القضاء على الجرذان.

في جزيرة نائية وبعيدة مئات الأميال عن البر الرئيسي لألاسكا، كان أحد السكان المحليين يجلس خارج منزله ورأى شيئًا غير معتاد، إنه جرذ. في كثير من الأماكن حول العالم، لن يثير هذا النوع من المشاهدات أي ضجة كبيرة، ولكن في جزيرة سانت بول، وهي جزء من جزر بريبيلوف، حدثت ضجة واسعة. وتعرف هذه الجزر بأنها ملاذ لأنواع مختلفة من الطيور، حيث تُطلق عليها أحيانًا "غالاباغوس الشمال" بسبب تنوع الحياة البرية. وأما ما يخص هذه الجزيرة تحديدًا، فإن رؤية جرذ تعد حدثًا مثيرًا للقلق.

تصل الجرذان إلى هذه الجزر عادةً عن طريق التسلل على متن السفن، حيث يمكن أن تتكاثر بسرعة وتسيطر على الجزر النائية، مما يؤدي إلى القضاء على مجموعات الطيور من خلال تناول الجرذان لبيضها وفراخها وأحيانًا الطيور البالغة نفسها. تأثيرها لا يتوقف عند هذا الحد، بل يسبّب قلب النظام البيئي للجزر رأسًا على عقب، حيث إن الطيور تلعب دورًا حاسمًا في الحفاظ على التوازن البيئي.

بعد الإبلاغ عن رؤية جرذ في شهر يونيو/ حزيران، قام مسؤولو الحياة البرية بالتحرك. وصلوا إلى المجمع السكني وبدؤوا بالبحث. كان الهدف هو العثور على أي أثر لوجود الجرذ، سواء كان ذلك من خلال علامات قضم، آثار أقدام، أو حتى فضلات. بالإضافة إلى ذلك، وضعوا أفخاخاً مزودة بطُعم زبدة الفول السوداني ونصبوا كاميرات مراقبة للتأكد من وجوده، لكن حتى الآن لم يجدوا أي دليل يثبت ذلك.

قالت لورين ديفاين، مديرة مكتب الحفاظ على النظام البيئي لمجتمع أليوت في جزيرة سانت بول: "نعلم من خلال خبرتنا في جزر أخرى وأماكن متعددة في ألاسكا وحول العالم أن الجرذان تدمّر مستعمرات الطيور البحرية بالكامل، لذا إن هذا التهديد لا يمكن أن يتجاهله المجتمع".

وطلبت السلطات من السكان المحليين أن يتنبهوا إلى أي علامات قد تشير إلى وجود قوارض، كما تسعى للحصول على إذن لجلب كلب من وزارة الزراعة الأميركية إلى الجزيرة لتشمم أي آثار للجرذان. ومن الجدير بالذكر أن استخدام الكلاب ممنوع عادة في جزر بريبيلوف لحماية فقمة الفراء.

ومنذ الإبلاغ عن رؤية جرذ هذا الصيف، لم يُعثر على أي أثر، ومع ذلك هناك حالة يقظة وبحث مكثف من المتوقع أن تستمر لعدة أشهر. ووصفت ديفاين هذا البحث بأنه يشبه محاولة "العثور على إبرة في كومة قش"، وأضافت: "لا نعرف حتى ما إذا كانت الإبرة موجودة أصلًا".

ولدى الجزيرة، التي يعيش فيها حوالي 350 شخصًا، برنامج مراقبة للقوارض منذ فترة طويلة، يهدف إلى اكتشاف أو قتل أي جرذ قد يصل إلى الجزيرة، خاصة عند المطار والمناطق الساحلية حيث تصل السفن. ورغم هذه التدابير الوقائية، استغرق الأمر ما يقرب من عام للقبض على آخر جرذ معروف في سانت بول، والذي يُعتقد أنه قفز من إحدى البوارج، حيث وجد ميتًا في عام 2019 بعد أن نجح في الهروب من الأفخاخ البدائية التي نصبها السكان المحليون. هذا يوضح سبب جدية التعامل مع أي إبلاغ عن رؤية جرذ حتى لو كانت غير مؤكدة في الجزيرة.

علوم وآثار
التحديثات الحية

وتخطط هيئة الأسماك والحياة البرية الأميركية لإجراء مراجعة بيئية لتحليل إمكانية القضاء على آلاف الجرذان المحتملة في أربع جزر غير مأهولة في مجموعة جزر ألوشيان، التي تبعد مئات الأميال إلى الجنوب الغربي من سانت بول، حيث يعيش أكثر من 10 ملايين طائر بحري من أنواع متعددة في هذه الجزر.

ولاحظت الوكالة أن التنوع وعدد الطيور المتكاثرة في الجزر التي تحتوي على تجمعات من الجرذان غير المحلية منخفض انخفاضًا ملحوظًا. ففي جزيرة كيسكا، إحدى الجزر الأربع، عُثر على جثث طيور الأوكليت في مخابئ غذائية للجرذان، بالإضافة إلى آثار أقدام الجرذان على الشواطئ الرملية الرطبة. وإذا قررت الوكالة المضي قدمًا في المشروع، فقد يستغرق الأمر خمس سنوات لإطلاق المشروع الأول. ونظرًا إلى التخطيط والاختبارات والأبحاث المكثفة التي تتطلبها كل جزيرة، قد يستغرق الأمر عقودًا لإنهاء جميع المشاريع. ولكن هذه الجهود تُعد خطوة هامة لمساعدة الطيور البحرية التي تواجه تحديات بيئية متعددة، بما في ذلك تغير المناخ.

وأحد أبرز النجاحات في جهود القضاء على هذا النوع من القوارض هو مشروع "جزيرة الجرذان"، وهي جزيرة من مجموعة جزر ألوشيان تعادل نصف حجم مانهاتن. يُعتقد أن الجرذان وصلت إلى الجزيرة مع حطام سفينة يابانية في أواخر القرن الثامن عشر، بينما قام تجار الفراء بإدخال الثعالب القطبية في القرن التالي.

وجرى القضاء على الثعالب في عام 1984، لكن استغرق الأمر ما يقرب من ربع قرن آخر للقضاء على الجرذان، إذ قام وكلاء الحياة البرية ومجموعات الحفاظ على البيئة بإسقاط حبيبات سامة من طائرات هليكوبتر للقضاء عليها. ولاحظ المشاركون في المشروع أنه بعد القضاء على الجرذان، كانت الجزيرة صامتة بصورة غريبة مقارنة بالصخب الذي يميز الجزر الأخرى الخالية من الجرذان، حتى رائحة الجزيرة كانت مختلفة.

منذ ذلك الحين، وجد الباحثون أن الطيور الأصلية بدأت بالاستفادة من غياب الجرذان، وتم توثيق أنواع من الطيور التي كان يُعتقد أنها انقرضت. وأعادت الجزيرة الآن اسمها الأصلي الذي أطلقه عليها شعب الأونانجان الأصلي في ألوشيان: هاواداكس.

وعثر الباحثون على طيور البفن ذات الريش المميز التي تحفر جحورها في المنحدرات، وهي عاجزة تمامًا أمام الجرذان أو الثعالب. كما عثر على أعشاش النسور والصقور. وخلال عمليات المسح التي أُجريت قبل القضاء على الجرذان، لم يسمع الباحثون أي طيور مغردة، لكن خلال رحلة عام 2013 كانت أصوات العصافير لا تتوقف تقريبًا، مما يعكس نجاح جهود استعادة البيئة.

ووصف دونالد ليونز، مدير علوم الحفظ في معهد الطيور البحرية في جمعية أودوبون الوطنية، مشاهدة سحب من طيور الأوكليت تعود إلى مستعمراتها في المساء في جزر بريبيلوف بأنها منظر لا يُنسى: "عشرات الآلاف، وربما ملايين الطيور في الهواء في وقت واحد". وأشاد بالمجتمعات الأصلية في بريبيلوف لجهودها الكبيرة في الحفاظ على الجزر ومنع وصول الأنواع الغازية إليها. قال ليونز: "إنه مكان نادرًا ما نشاهد فيه هذا النوع من الثراء البيولوجي الذي نسمع عنه في القصص التاريخية، مما يجعلك تشعر بجلال الطبيعة وروعتها".

المساهمون