مالك أخميس: أحبّ تمثيل الشخصيات المُضطربة نفسياً

23 سبتمبر 2024
مالك أخميس: أفكّر في الإخراج فهذا طموح يخامرني (الملف الصحافي)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- مالك أخميس، الممثل المغربي، يرفض مصطلح "السينما النظيفة" ويؤمن بأن السينما تناقش قضايا ورؤى، ويفضل التنويع بين الدراما والكوميديا.
- يشارك في معظم أفلام المخرج هشام العسري، ويحب العمل معه بسبب الكيمياء بينهما والحرية التي يمنحها له في تجسيد الشخصيات.
- يعتبر المسرح أساس مسيرته الفنية، ويشارك في مسرحية "سفر"، ويرى أن السينما المغربية تتطور رغم ضعف السيناريو، ويطمح للإخراج.

 

يرفض مصطلح السينما النظيفة، ومحاكمة السينما أخلاقياً. ينحاز إلى فكرة أنّ السينما تناقش قضايا ورؤى. يتعمّد قلّة الظهور، لحرصه على انتقاء أدواره. شارك في مسلسلات مغربية قليلة، كـ"رضاة الوالدين" (2017). بين حين وآخر، يمثّل في أعمال مسرحية في فرنسا والمغرب. يعتبر نفسه محظوظاً لأنّ غالبية أعماله سينمائية، تحديداً مع المخرج المغربي هشام العسري: "هم الكلاب" (2013) و"البحر من ورائكم" (2014) و"الجاهلية" (2018).

إنّه مالك أخميس، الذي درس في مدرسة مسرحية فرنسية. مثّل أولاً في مسرحيات وأفلام قصيرة، كالفيلم الفرنسي "عين النساء". ورغم أنّ أدواره بعيدة عن هالة النجم الأول، ترك بصمة.

في الدورة الـ29 (27 إبريل/نيسان ـ 4 مايو/أيار 2024) لـ"مهرجان تطوان لسينما البحر الأبيض المتوسّط"، حاورته "العربي الجديد".

 

(*) لديك دائماً تعليقات ساخرة في أحاديثك. هل تُحبّ التمثيل في أعمال كوميدية أكثر من غيرها، أمْ أنّك تفضّل تقديم أدوار متنوّعة؟

أحبّ التنويع بين الدراما والكوميديا، فلكلّ منهما خصوصيته.

 

(*) لكنْ، إلى أيّ منهما تميل أكثر؟

الكوميديا أصعب إلى حدّ ما، لأنّنا نبذل جهداً لنُضحِك الجمهور. أحبّ الأنواع كلّها، وإنْ كنت أميل أكثر إلى الدراما، فربما لأنّ في داخلي دراما (يقولها بسخرية ويضحك).

أعتقد أنّ على الممثل أن يكون كالحرباء، فيمتلك قدرة التلوّن. لذا، لا أقول إنّي أتقمّص شخصية، بل أعيش حيوات بشر آخرين، ربما لا يتاح لي عيشها في الواقع.

 

(*) بماذا تشعر بعد الانتهاء من تجسيد حالة أو شخصية؟ هل تشعر أنّك في حاجة إلى الاستجمام، واستعادة نفسك من تلك الشخصية أحياناً؟ هل تشعر أنّك في حاجة إلى علاج نفسي من شخصية، لتستعيد نفسك وتعيش حياة صحية؟

صعبٌ بعض الشيء أنْ أخرج من الشخصية، وأتخلّص منها تماماً، خاصة إذا أحببتها بكل ما فيها، أياً كانت الشخصية، يلزم وقتٌ ليخرج الممثل منها، لكنّ الجميل أنّ الممثل نفسه يأخذ من الشخصيات جانباً أو تفصيلاً. كلّ هذه الأشياء والتفاصيل تُغني شخصية الممثل وتُثريها. لذا، أقول إنّ الممثل لا يعيش الروتين، فالجميل أنّه، مع كلّ دور أؤدّيه، أُصبح في شخصٍ ما، أو أعيش حياة آخر. أُجرّب حياة لم أعشها. حياة مختلفة عن تلك التي أعيشها يومياً.

 

(*) في "مهرجان تطوان"، لاحظت أنّك تنشر بهجةً بتفاعلك مع الآخرين. تضحك وتسخر وتُشيع مرحاً. أهذه طبيعة شخصية مالك أخميس، أم أنّك تُحاول معالجة نفسك بالضحك والمرح، لمجابهة الواقع؟

ليس إلى هذه الدرجة (يضحك بسخرية وهو يمدّ حروف الجُملة). أحبّ الفرح والضحك. أقول دائماً لنفسي: عليّ أنْ أكون متفائلاً دائماً كي لا أجمد في مكاني. فعندما يكون المرء متشائماً لا يجتهد، ويظلّ في مكانه لا يتحرّك ولا يتقدّم. لذا، أنا متفائل لأدفع نفسي إلى الأمام. هذه الخاصية مهمّة جداً لي، إذْ أعيش الحياة من خلالها.

 

(*) نور الشريف كان يُفضّل التركيز قبل تمثيل مشاهد كثيرة. ذات مرّة، صفع حنان ترك لأنّها أصرّت على مواصلة الضحك بعد أنْ حذّرها، بينما هو في حالة تركيز لبدء تصوير لقطة معاً. ما موقفك عندما تكون هناك بروفة قبل التصوير مباشرة، ولديك مشهد أو لقطة تحتاج الشخصية فيهما إلى تركيز قوي؟ هل تدخل في الحالة الذهنية للشخصية وتكفّ عن الضحك، أم يُمكنك مواصلة إلقاء النكات، والانخراط في أحاديث جانبية، بالتوازي مع تقمّص حالة الشخصية في الوقت نفسه من دون عائق؟

(يضحك) سأعترف لك: من الأشياء التي أحبّها أنّي أنسجم مع تفشّي حالة المرح في مكان التصوير وفي التصوير. لماذا؟ لأنّ المرح نوعٌ من التركيز عندي. نوعٌ من التحايل على القلق والتوتر اللذين أعانيهما أحياناً قبل التصوير. مع المرح، يتولّد فيّ شعور بالراحة والاسترخاء، وأدخل الشخصية وتفاصيلها. مع ذلك، هناك فاصلٌ صغير جداً، ولحظة تركيز ضرورية للغاية، لأغوص في أعماق الشخصية.

 

(*) شاركت في معظم أفلام هشام العسري. هل هناك كيمياء تجمعكما؟ لماذا تحب العمل معه؟

أحبّ سينما العسري، وإنسانيته أيضاً. أحبّ الحبّ الذي يُعطيه للممثلين، فهذا مهمّ جداً في أي مغامرة سينمائية، مهما كانت. لا بُدّ للمغامرة السينمائية أنْ تكون إنسانية ومغمورة بالحبّ. في التشخيص، يعيش الممثل حياة إنسان آخر. العسري يُعطيني حرية عيش هذه الأدوار، وحرية التنقيب في أعماق الشخصيات، والغوص فيها.

 

 

(*) هل أفهم من كلامك أنّه لا يكتب سيناريو تفصيلياً، فيه ملامح الشخصيات، فيترك لك حرية الارتجال في التصوير؟

كلا، هذا ليس ارتجالاً. هناك قاعدة: نحن نتحاور ونتكلّم، ونسلك طريقاً مشتركة بشأن كلّ شخصية. هناك فرق كبير بين رسم الشخصية بالكلمات، وعيشها بالمشاعر. شتّان ما بين الاثنين. إنّه يكتب تفاصيل الشخصية، ثم يوجّه الممثل. أنا لا أوجّه نفسي بنفسي، لكنّي أُنصت إليه، وأسمع إرشاداته. في الوقت نفسه، يُعطيني حرية تقديم رأيي في ما يتعلّق بإحساسي بالشخصية. أنا لا أكذب في مشاعري، لكنّي لا أخرج على النص والشخصية. ألتزم الشخصية كما يطرحها العسري، وهذا جميلٌ في العمل معه.

 

(*) أغلب أعمالك سينمائية. هل تعتبر هذا حظّاً أو مصادفة، أو اختياراً وقراراً؟

أظنّ أنّي محظوظ أنّ المخرجين يرون فيّ دائماً شيئاً ما. أنا محظوظ، لأنّ السينما تبقى في التاريخ. أنا معروف في المغرب بأنّي الممثل الحرباء، الذي أدواره لا تشبهه، وهذا يروقني. مع ذلك، إذا كانت هناك مشاريع للتلفزة، لا مانع لديّ أبداً في قبولها. لا أرفض العمل الجيد.

 

(*) والمسرح الذي درسته أساساً، أين مكانه في مسيرتك الفنية؟

المسرح مدرسة. الأصل والأساس. أقول دائماً إنّه فسحة لي لأتعلّم، وأجدّد تعليمي في التمثيل. حالياً، أشارك في مسرحية "سفر"، ونحن في جولة عروضٍ في المغرب.

 

(*) كذلك، شاركت في تمثيل أفلامٍ أجنبية؟

هناك "أمل" لجواد، مخرج بلجيكي ذو أصل مغربي. والفيلم، الذي يحارب التطرّف، يعرض تجارياً في بلجيكا وفرنسا. هناك أيضاً "الممثل"، و"موراكية حارة" للعسري، ثم "شتاء بارد" لغزلان أسيف.

 

(*) درست المسرح في فرنسا. هل كان سهلاً إقناع أهلك بدراسته في الخارج؟

لم يكن عندي أي مشكلة. والدي قال لي: "هذا مستقبلك". أنا أثق بك. نحن سبع إخوة، أنا الوحيد الفنان بينهم، لكنّهم جميعاً فنانون أيضاً، بطرق مختلفة. فنانون بطبيعتهم. أنا الوحيد بينهم الذي أمارس الفن.

 

(*) هل كان سهلاً، بعد دراستك المسرح في فرنسا، أنْ تجد عملاً وأدواراً في المغرب، بعد عودتك إليه؟

لم يكن سهلاً، لكنْ، مع البحث والعمل المستمر، يستطيع المرء تحقيق هدفه.

 

(*) كم من الوقت استغرق الأمر؟

طبعاً استغرق وقتاً. هذا يحتاج إلى الصبر. عندما تريدين بناء منزل، لا بُدّ أن تفعلي هذا طوبةً بعد أخرى ليكتمل المبنى.

 

(*) هل تحاسب نفسك أو تنتقدها، وتُقيِّم أعمالك؟

طبعاً، وجداً.

 

(*) هل تراجع أعمالك وتقول إنّك هنا لم تكن تجيد الأداء، وهذه اللقطة غير جيدة؟

لا أحبّ مُشاهدة نفسي، لكنّي أنتقدها إلى درجة المرض. أحبّ التدقيق، وأداء الأدوار كما ينبغي لها أن تكون. فأنا أبحث عن الكمال.

 

(*) أين ترى نقاط الضعف والقوة في السينما المغربية؟

نقطة الضعف في السيناريو. مع ذلك، أرى أنّ السينما المغربية تسير في الطريق الصحيحة، بدليل وجودها في مهرجانات مغربية ودولية. المشكلة أنّه ليس لدينا صناعة سينمائية، ورغم ذلك أرى المستقبل باهراً، لأنه لدينا ممثلون جيّدون.

 

(*) في رأيك، لماذا توجد فجوة بين نقّاد وعدد من صنّاع السينما في المغرب؟

هذه ظاهرة صحية. فعبر النقد نبني ونزيد ونتقدّم. لكلّ شخص وجهة نظر. هناك أناس يرضون عن نوع معيّن من الأفلام، وآخرون غير راضين. هذا يمنح فرصة أمام صنّاع الأفلام للتأمّل ومراجعة الذات. هكذا يُمكن العثور على أرضية مشتركة للتقدّم.

 

(*) هل هناك شخصية ترغب في تمثيلها؟

هناك شخصيات لا واحدة. تلك المضطربة نفسياً، أحبّ تمثيلها.

 

(*) وماذا عن شخصية من التاريخ؟

أحبّ الأفلام التاريخية، وأتمنّى تأدية شخصية صدام حسين.

 

(*) هل استطاع المخرجون إخراج كلّ الكامن في شخصيتك، أم لا تزال هناك جوانب لم يكتشفوها؟

لا تزال لديّ أشياء كثيرة لم يكتشفوها بعد.

 

(*) هل تفكّر في الإنتاج؟

كلا. لكنّي أفكّر في الإخراج. إنه طموح يخامرني.

 

(*) هل تعمل على تحقيق هذا؟

طبعاً أشتغل عليه، خاصة في أوروبا. هناك مخرجون أعرف أنّهم يعرفوني، فأتواصل معهم. بيني وبينهم علاقات. أمثّل أدواراً مسرحية في فرنسا. أعمل في المسرح الفرنسي والمغربي. من ناحية أخرى، في المهرجانات، ألتقي أناساً وأتحدّث معهم، وأجهد في إيجاد وسائل تعامل معهم. 

المساهمون