ما حقيقة وجود حوت الأوركا القاتل على شواطئ عربية؟

لا تزال مواقع التواصل تتداول مقاطع وصوراً تشير إلى وجود الحيتان القاتلة (الأوركا) في سواحل بلدان عربية، مثل المغرب والجزائر. وقد أدى الخوف من اقتراب هذه الحيتان إلى الشاطئ، إلى اختلاط الحقيقة بالأخبار الكاذبة. فكيف بدأ انتشار هذه الأخبار، وما حقيقة وجود هذه الحيتان على شواطئنا؟

أنباء عن الحوت القاتل في سواحل المغرب

أواخر الشهر الماضي، هاجمت حيتان قاتلة مجموعة من مراكب الصيد في سواحل طنجة، بحسب ما نشره موقع العمق المغربي.

وحسب المصدر، كسرت الحيتان القاتلة قوارب صيد، ما أدى إلى تدفق الماء داخل المراكب، واستُنجِد بمراكب أخرى من أجل إنقاذ الصيادين العالقين.

هجمات الحوت القاتل... ظاهرة عابرة للمتوسط

ليس المغرب فقط الذي عرف هجمات الحيتان القاتلة. يقول موقع ميرور البريطاني إن المنطقة المتوسطية شهدت 22 حادثاً على الأقل منذ إبريل/نيسان.

وتعرضت القوارب لضرر شديد بعد الهجوم، لدرجة أنه كان لا بد من سحبها إلى الميناء.

وأُبلغ عن الحادثة الأولى عام 2020، وأصبحت أكثر شيوعاً عام 2021، وسجُلت أكثر من 100 حادثة في المياه الإسبانية والبرتغالية.

كذلك صدر قرار بحظر القوارب التي يقلّ طولها عن 15 متراً من جزء من الركن الشمالي الغربي من ساحل إسبانيا، حيث زادت هجمات الأوركا العام الماضي، وسط مطالبات بعودة الحظر هذا الصيف.

علوم وآثار

التحديثات الحية

هل تؤثر السياحة المائية بسلوك الحيتان؟

الحوت القاتل ينشر الأكاذيب 

ساد الرعب من الحيتان القاتلة في الجزائر أيضاً، لكن لسبب غير حقيقي. خلال الفترة الأخيرة تبادل رواد شبكات التواصل الاجتماعي مقطع فيديو لحيتان قال ناشروه إنها من شواطئ عين تموشنت في الجزائر.

وجاء في أحد التعليقات المرافقة للفيديو، أنّ "حوت الأوركا الذي يظهر في شواطئ عين تموشنت من أخطر أنواع الحيتان"، حاصداً آلاف المشاركات والتعليقات على "فيسبوك".

وسببت الأخبار انتشار الذعر بين المصطافين والصيادين الذين تردد بعضهم في التوجه إلى البحر للعمل، مخافة مصادفة هذا المخلوق الخطر.

لكن الفيديو المتداول لا يعود للجزائر، بل لنيوزيلندا، والتقطه شخص يدعى جاك فالينغز، بحسب خدمة فرانس برس لتقصي الحقائق. 

وأحدثت الشائعات عن ظهور المخلوق البحري على السواحل الجزائرية مخاوف لدى الرأي العام دفعت الحكومة الجزائرية إلى إصدار بيان ينفي صحة الخبر.

وقالت وزارة الصيد الجزائرية في بيانها: "تبين أن الصور والفيديوهات التي انتشرت وسط صفحات الفايسبوك ومختلف وسائط التواصل الاجتماعي حول دخول سمك الأوركا إلى السواحل الجزائرية غير صحيحة"، مؤكدةً أنه "لا خطر على الصيادين أو المصطافين، عكس ما روجت له بعض الصفحات".

وخلق الخوف من الأوركا أنواعاً مختلفة من الأكاذيب، إلى جانب الأخبار الزائفة، إذ ألقت الشرطة الإسبانية القبض على عصابة مخدرات يشتبه في أنها تزيف هجمات الأوركا لتهريب الحشيش من المغرب إلى إسبانيا.

وقالت الشرطة إن المجموعة يحتمل أنها نقلت مخدرات على قوارب شراعية، وزيّفت عطلاً أو حادثاً وطلبت مساعدة بحرية لسحبها إلى الميناء.

وأضافت أنه في يونيو/حزيران 2021، رسا اليخت الذي تستخدمه المجموعة في ميناء بارباتي الجنوبي "بعد تعرضه لهجوم من قبل حيتان الأوركا في أثناء عبور مضيق جبل طارق"، لكن الشرطة رجّحت أن يكون هذا الادعاء محاولة فاشلة من قبل مالك القارب "لتحويل تركيز" المحققين من "التحركات المشبوهة" التي قام بها في أثناء وجوده في البحر. 

علوم وآثار

التحديثات الحية

الحيتان القاتلة... تراجع النزعة الاجتماعية مع التقدم بالسن

معلومات عن الحوت القاتل "الأوركا":

• يطلق عليه لقب "السفاح".
• حوت مسنن ينتمي إلى عائلة الدلافين المحيطية.
• يتغذى على الأسماك والثدييات البحرية مثل الفقمة والدلفين.
• في قمة الحيوانات المفترسة وليس فريسة لحيوانات أخرى.
• يوجد في محيطات العالم، من القطب الشمالي والقطب الجنوبي إلى البحار المدارية.

لماذا تهاجم الحيتان القاتلة البشر؟

لا يزال سبب زيادة هجمات الأوركا على القوارب لغزاً، لكن الترجيحات تشير إلى أن السبب هو التنافس بين الحيتان والصيادين على أسماك التونة.

في المقابل، يقول آخرون إن ذلك قد يكون بسبب عبور المهاجرين في الليل عندما تصطدم الأوركا بقواربهم بحثاً عن الطعام.

ويرفض باحثون وصف هذه الحوادث بأنها "هجمات"، وبدلاً من ذلك يفضلون استخدام مصطلح "تفاعلات".

ينقل موقع ميرور عن ألفريدو لوبيز، من مجموعة عمل أتلانتيك أوركا، أن حيتان الأوركا هاجمت جميع أنواع الأجسام في الماء في العامين الماضيين، بمن فيها راكبو الأمواج والقوارب المطاطية والشراعية، وقوارب الصيد والسفن الطويلة.

وأوضح أن هذه الثدييات تفضل على ما يبدو المراكب الشراعية متوسطة الحجم، و"ليس لديها نية لإيذاء البشر"، لكن أسباب الهجمات غير معروفة. 

البحر المتوسط بيت قديم للحوت القاتل

كانت الحيتان تسبح في مياه البحر الأبيض المتوسط منذ آلاف السنين، وجاء انقراضها على أيدي البشر، وخاصة نتيجة صيدها في عهد الإمبراطورية الرومانية، بحسب ما نقلت صحيفة ذي إندبندنت البريطانية.

وتقول الصحيفة إن بقايا كل من حوت شمال الأطلسي والحوت الرمادي قد اكتُشفت في مضيق جبل طارق، وهو ما يؤكد الروايات التاريخية القائلة بأن هذه المخلوقات كانت تعبر إلى البحر المتوسط من شمال المحيط الأطلسي لتربية صغارها.

وأكد الباحثون أنه لطالما كانت الحيتان تقترب جداً من الشواطئ، ما جعلها أهدافاً مغرية للصيادين.

وفي القرن الأوّل الميلادي، تحدَّث المؤرّخ الروماني، بليني الأكبر، عن مجموعات الحيتان القاتلة التي تهاجم حيتاناً أخرى وصغارها بوحشية في خليج قادس غرب مضيق جبل طارق.