متحف كونستهاوس: ست لوحات منهوبة تسقط عن الجدار

25 يونيو 2024
لوحة كلود مونيه تصور حديقته في جيفرني عام 1895 (موقع المتحف)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- متحف كونستهاوس في زيورخ يعلن إزالة ست لوحات من مجموعة بويرله الفنية، المملوكة سابقًا لتاجر الأسلحة النازي إميل بويرله، بسبب جدل حول مصادر الأعمال الأصلية.
- مؤسسة Stiftung Sammlung E.G. Bührle تخطط لتسوية مع ورثة المالكين اليهود السابقين للوحات، بعد التأكيد على أن بعض الأعمال تم الحصول عليها بشكل غير قانوني خلال الحرب العالمية الثانية.
- القرار يأتي في إطار التزام المتحف والمؤسسة باتفاقية استرداد الأعمال الفنية المصادرة من قبل النازيين، معبرًا عن تغير في نظرتهما والتزامهما بالشفافية والعدالة في التعامل مع تراث الفن المتنازع عليه.

في خطوة غير متوقعة، أعلن متحف كونستهاوس للفن الحديث في مدينة زيورخ السويسرية، يوم 20 يونيو/حزيران الحالي، عن إزالة ست لوحات لفنانين عالميين عن جدرانه. وتأتي اللوحات الست من مجموعة بويرله (Bürhle) الفنية، وهي مجموعة فنية ضخمة تضم أعمالًا بارزة من المرحلتين الانطباعية وما بعدها، تعود ملكيتها إلى تاجر الأسلحة النازي إميل بويرله (1890 - 1956).

ووفقاً لمديرة المتحف البلجيكية، آن ديميستر، فقد أعارت مؤسسةُ Stiftung Sammlung E.G. Bührle، المالكة لمجموعة بويرله، اللوحات إلى متحف كونستهاوس في زيوريخ قبل عدة سنوات، وبالتالي خصّص المتحف جناحاً منفرداً للمجموعة عام 2021، بهدف البحث عن مالكيها الأصليين، "إذ إن ملكية المجموعة لرجل مثل إميل بويرله يضع كثيراً من علامات الاستفهام حول مصادرها الأصلية"، بحسب ما صرّحت به مديرة المتحف الخميس الماضي لقناة في آر تي البلجيكية.

"جمع السويسري إميل بويرله ثروته الضخمة أثناء الحرب العالمية الثانية من بيع الأسلحة والمدافع المضادة للطائرات لألمانيا النازية، كما استخدم عمّالاً بالسخرة، واشترى من النازيين أعمالاً فنية عديدة منهوبة، لذا فإن جميع الأعمال الموجودة في مجموعته الفنية هي جزء من رأس المال هذا"، بحسب ديميستر. تضيف: "ولكن من ناحية أخرى، هناك أيضاً أعمال فنية منفصلة حُصل عليها بشكل غير قانوني من أصحابها اليهود، إذ اضطروا غالباً إلى بيعها بالإكراه، أو بأسعار أقلّ مما تستحق، ما يُدخل هذه الأعمال ضمن ما نسميه اليوم بالفن المنهوب".

وكانت مؤسسة Stiftung Sammlung E.G. Bührle قد أعلنت في السابع عشر من يونيو/حزيران الحالي عن أنها "تخطط إلى السعي إلى تسوية مع ورثة المالكين اليهود السابقين لخمس لوحات انطباعية مهمة" في مجموعتها، واللوحات الخمس، وفقاً لبيان المؤسسة، هي: "بورتريه للنحات لويس جوزيف ليبوف" (1863) للفرنسي غوستاف كوربيه، ولوحة للفرنسي كلود مونيه تصور حديقته في جيفرني عام 1895، ولوحة "البرج القديم" (1884) للهولندي فنسنت فان غوخ، ولوحة "بورتريه لجورج هنري مانويل" (1891) للفرنسي هنري دي تولوز لوتريك، ولوحة "الطريق" (1884) للفرنسي بول غوغان. وبحسب ما أعلنت المؤسسة في بيانها الصحافي، فإنها "تهدف إلى إيجاد حل عادل ومنصف لهذه الأعمال مع الورثة الشرعيين لها".

كما استثنت المؤسسة في بيانها لوحة سادسة للفنان الفرنسي إدوار مانيه بعنوان "السلطانة" (1871)، وقالت إنها "ستسعى إلى تسوية رمزية مع ورثة جامع الأعمال الفنية اليهودي ماكس سيلبربيرغ، على الرغم من أن ظروف فقدان اللوحة لا تندرج، من وجهة نظر المؤسسة، تحت المعايير المنصوص عليها في بيان وزارة الخارجية الأميركية الصادر في الخامس من مارس/ آذار الماضي، والخاص باسترداد الأعمال الفنية التي نهبها النازيون من أصحابها الأصليين، ووقّعت عليه عدد من الدول من بينها سويسرا".

يشير بيان "مؤسسة بويرله" إلى القرار الأميركي الذي صدر في الخامس من مارس الماضي والخاص بـ"استرداد الأعمال الفنية المصادرة من قبل النازيين"، وأصدره وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، برعاية مشتركة بين وزارة الخارجية الأميركية والمنظمة العالمية اليهودية لرد الممتلكات، وعُقد اجتماعه في المتحف التذكاري الأميركي للهولوكوست في واشنطن في الخامس من مارس الماضي، وحضره مبعوثون خاصون وسفراء لأكثر من 30 دولة، وانتهى بإصدار مرسوم بدأ تفعيله منذ ذلك الوقت، ووقعت عليه 22 دولة هي: ألبانيا، والنمسا، وبلجيكا، وكندا، وكرواتيا، وتشيكيا، وإستونيا، وفرنسا، وألمانيا، واليونان، وأيرلندا، ودولة الاحتلال، وإيطاليا، ولتوانيا، ولوكسمبرغ، وهولندا، ورومانيا، وسلوفينيا، والسويد، وسويسرا، المملكة المتحدة، والولايات المتحدة الأميركية.

وأكد مرسوم الخارجية الأميركية الصادر إلى أنه "جاء نتيجة عمل مشترك لشبكة من المبعوثين والممثلين لقضايا الهولوكوست من 14 دولة، وأُعلن عنها في الذكرى الخامسة والعشرين لمبادئ واشنطن بشأن الأعمال الفنية التي صادرها النازيون". كما أكد بلينكن يومها أمام وسائل الإعلام أن "ملايين الأعمال الفنية والممتلكات الثقافية التي سرقها النازيون لم تُعَد إلى أصحابها حتى الآن، والذين غالباً ما يواجهون كثيراً من العوائق القانونية والمالية التي تحول دون عملية استعادة ممتلكاتهم".

جدير بالذكر أن قرار متحف كونستهاوس في زيوريخ تخصيص قاعة منفصلة لمجموعة بويرله عام 2021 قابلته الصحافة السويسرية بهجوم شديد آنذاك، نظراً إلى أن مؤسسة إميل بويرله نفسها هي إحدى كبار رعاة المتحف مادياً، إضافة إلى تحقيقات صحافية اتهمت المؤسسة، وبالتالي المتحف، بطمس المصادر الأصلية لبعض اللوحات العالمية التي تضمها المجموعة، والمعروضة في متحف زيوريخ.

تتجاهل مديرة متحف كونستهاوس تأثير هذا الهجوم القديم على قرار المتحف الأخير بإزالة اللوحات الست عن جدرانه، لكنها أيضاً كانت واضحة حين اعترفت في حديثها إلى VRT أن القرار يأتي تلبية من المتحف للاتفاقية التي وقعت عليها سويسرا أخيراً مع وزارة الخارجية الأميركية، وتضيف: "لم يكن يُنظر إلى الأعمال الفنية مجهولة الأصل من قبل على هذا النحو الذي نراه اليوم، ولكن في الآونة الأخيرة تغير كل شيء بسبب اتفاقية وزارة الخارجية الأميركية، لذلك قررت مؤسسة بويرله التي تدير المجموعة إعادة النظر في هذه الأعمال واعتبارها إشكالية، باحثة، استباقياً، عن حل مع ورثة جامعيها اليهود الذين أُجبروا على بيعها بالإكراه أو سُرقت منهم. وفي هذه الحالة، يجب بالتأكيد التوصل إلى تسوية عادلة مع الورثة".

قبل أسابيع أيضاً، أعلن متحف كونستهاوس في زيوريخ عن بيع عمل فني آخر من مجموعته الخاصة وهي لوحة "الرجل ذو المظلّة" لكلود مانيه، وسيعود ريعها إلى ورثة جامع الأعمال الفنية اليهودي كارل ساكس (1858 - 1943)، مالكها الأصلي.
وفي فبراير/شباط 2022، وللمرّة الأولى في تاريخ المتاحف البلجيكية، أعلن متحف KMSK في بروكسل عن إعادة لوحة الزهور للفنان الألماني لوفيس كورينث إلى ورثة الزوجين اليهوديين الألمانيين غوستاف وإيما ماير، وسلّم وزير الدولة البلجيكي لسياسة العلوم توماس ديرمين يومها اللوحة بنفسه، مرتدياً قفازات بيضاء، إلى الألمانية إيمكه غيلين، محامية عائلة ماير.

بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، وزّعت بلجيكا جميع الأعمال الفنية التي لم يُعثر على مالك لها على المتاحف البلجيكية المختلفة، ومن بينها متحف KMSK في بروكسل، في انتظار المطالبة بملكيتها، وهناك اليوم ما يقرب من 24 لوحة لم يتضح مصدرها الأصلي ولا يُعرف مالكوها، معلقة على جدران المتحف في بروكسل، الذي أطلق موقعاً إلكترونياً يضم ما يصل إلى 2800 قطعة فنية (من لوحات ومنحوتات وأثاث وقطع أثرية...) نهبها النازيون في بلجيكا، سواء من أفراد عاديين أو من مؤسسات عامة.

المساهمون