تنشط عمليات تصوير مسلسلات درامية عربية مشتركة هذه الفترة، لكن تبرز مشكلة في اختيار مخرجين لهذه الأعمال، بعدما أصبح الكتّاب أكثر تمكناً وقدرة على فرض شروطهم على شركات الإنتاج. هذه التطورات تأتي بعد أشهر من انكشاف تباعد بين المخرجين والكتّاب في المسلسلات العربية المشتركة، إذ طرحت إشكالية التعاون بين الطرفين، بعدما خرجت إلى العلن قصص عن نزاعات واختلافات في الرؤية تفرض نفسها على العمل.
قبل أشهر، تبرأ الكاتب السوري البريطاني، بيتر صومعة، من مشروع مسلسل "رقصة مطر" الذي أنتجته شركة سيدرز آرت برودكشن (الصبّاح)، بعد خلاف حاد بينه وبين مخرج العمل جو بو عيد، وهذا ما دفع عدداً من كتّاب الدراما المشتركة إلى إعادة النظر في رسم صورة التعاون والشروط المفترض اتباعها بعد بيع القصص والسيناريوهات.
هكذا، يحاول بعض الكتّاب إرساء مفاهيم خاصة تتعلق بحقوق الكاتب والثنائية الواجب التفاهم عليها مع المخرجين. وبادر بعض الكتّاب إلى شرح هذه التفاصيل، وحاول البعض الآخر إطلاق مشروح خاص بالحقوق الواجب مراعاتها على شكل ميثاق شرف يحمي حقوق الكاتب ضمن المسلسل بالدرجة الأولى.
كل هذه الإشكاليات والحيثيات دفعت شركات الإنتاج إلى إعادة النظر، ولو قليلاً، في اختيار المخرج، وهذا ما أفضى إليه التعاون المستجد حالياً بين الكاتب السوري رامي كوسا، وشركة سيدرز آرت برودكشن التي اشترت حقوق روايته "النار بالنار"، لتحويلها إلى مسلسل قريباً، على أن تعرض في الموسم الدرامي الرمضاني 2023. وعلمت "العربي الجديد" أن الكاتب رامي كوسا اختار المخرج السوري محمد عبد العزيز لتنفيذ المسلسل، بعد اعتذار زميله الليث حجو لانشغاله في العاصمة المصرية القاهرة. ورفض كوسا اقتراح الشركة المنتجة التعاون مع المخرجين جو بو عيد وإيلي السمعان.
يعلق كتّاب الدراما العربية الآمال على مخرجين يفقهون حياكة القصة وتنفيذها مُصورة، من دون المس بتفاصيل يرون أنها نواة القصة، أو تخريب النص لصالح رؤية المخرج. وفي هذا السياق، يرفض المخرج اللبناني فيليب أسمر مثلاً اتخاذ أي قرار يتعلق بالمسلسلات التي يتولاها من دون الرجوع إلى الكاتب، وهذا ما أدى إلى تقدّم واضح في مسيرته خلال السنوات الأخيرة، بعدما خاض ثلاث تجارب جيدة: "خمسة ونص" عام 2019 من كتابة إيمان سعيد، و"عشرين عشرين" العام الماضي لبلال شحادات وندين جابر، و"للموت" الذي عرض الموسم الأول منه العام الماضي لندين جابر أيضاً. اعتمد أسمر على التعاون بينه وبين الكاتب، وقضى الاثنان ساعات في بناء شخصيات القصة.
كل هذه التفاصيل كفيلة بتغيير خطط التعاون التي بإمكان شركات الإنتاج فرضها على الكاتب والمخرج، وهذا ما سيدفع الجهات الثلاث إلى اعتماد صيغة مشتركة لعلها تُغير من استئثار المخرج بطريقة تقديم المسلسل أو الاعتماد فقط على خطه التنفيذي من دون الرجوع إلى الكاتب، وتُسهل على الأخير بالتالي رؤية قصته مصورة كما أرادها، من دون أن يضطر إلى التبرؤ منها لاحقاً.