مسؤولة إسرائيلية في "ميتا" حاولت قمع منشورات تضامن مع الفلسطينيين

23 أكتوبر 2024
جوردانا كاتلر في نيويورك، 19 سبتمبر 2023 (جوي مالون/ Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- كشفت وثائق "ميتا" عن دور جوردانا كاتلر في حظر حسابات تتضامن مع الفلسطينيين على إنستغرام، مما أثار انتقادات واسعة بسبب قمع المحتوى المتضامن مع الفلسطينيين منذ بدء الحرب على غزة في أكتوبر 2023.
- انضمت كاتلر إلى "ميتا" في 2016 بعد مسيرة في الحكومة الإسرائيلية، وتعمل كحلقة وصل بين "ميتا" والحكومة الإسرائيلية، مؤكدة تمثيلها لمصالح إسرائيل داخل الشركة.
- تثير الامتيازات الإسرائيلية في "ميتا" مخاوف حول التوازن في إدارة المحتوى، مع دعوات لضمان تمثيل الفلسطينيين في سياسات الشركة.

دفعت رئيسة قسم "السياسة الإسرائيلية والشتات اليهودي" في "ميتا" جوردانا كاتلر شخصياً في اتجاه حظر حسابات ومنشورات تتضامن مع الفلسطينيين على منصة إنستغرام، وفقاً لوثائق داخلية تتعلق بالسياسات في الشركة اطلع عليها موقع ذي إنترسبت الإخباري. وجاء هذا الكشف، الاثنين، ليؤكد أكثر تقارير صحافية وحقوقية وثقت تصعيد "ميتا" قمعها للمحتوى الذي يتضامن مع الفلسطينيين عبر منصاتها "فيسبوك" و"إنستغرام" و"واتساب"، منذ بدء حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.

ووفقاً لـ"ذي إنترسبت"، فإن جوردانا كاتلر، التي كانت تتبوأ منصباً في الحكومة الإسرائيلية سابقاً، مسؤولة حالياً عن السياسات المتعلقة بإسرائيل في شركة "ميتا"، وقد ضغطت شخصياً لفرض رقابة على حسابات "إنستغرام" تتبع لـ"طلاب من أجل العدالة في فلسطين"، وهي مجموعة لعبت دوراً رائداً في تنظيم احتجاجات في الجامعات الأميركية ضد العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة.

كاتلر استخدمت قنوات تصعيد المحتوى الخاصة بالشركة للإبلاغ عن أربع منشورات على الأقل نشرتها مجموعة "طلاب من أجل العدالة في فلسطين" (أحدها يستعيد اقتباسات من الأديب والمناضل الفلسطيني غسان كنفاني، وآخر عن الفدائية الفلسطينية ليلى خالد)، بالإضافة إلى منشور آخر يعبر عن مواقف تتعارض مع السياسة الخارجية الإسرائيلية. عند الإبلاغ عن منشورات المجموعة، استشهدت كاتلر أكثر من مرة بسياسة "ميتا" الخاصة بالمنظمات والأفراد الخطرين، والتي تمنع المستخدمين من مناقشة قائمة سرية تضم آلاف الكيانات المدرجة في القائمة السوداء. تقيد سياسة المنظمات الخطرة "تمجيد" أولئك الموجودين في القائمة السوداء، ولكن من المفترض أن تسمح بـ"الخطاب الاجتماعي والسياسي" و"التعليق".

لم يتضح بعد ما إذا كانت محاولات كاتلر لاستخدام نظام الرقابة الداخلي في "ميتا" قد نجحت، ورفضت الشركة التصريح عن المصير النهائي لتلك المنشورات. لكن المتحدثة باسم "ميتا" داني ليفر زعمت أن كتابة مقال عن كاتلر قرار "خطير وغير مسؤول". وفي بيان، كتبت ليفر لـ"ذي إنترسبت" أن "من يضع إشارة على جزء معين من المحتوى للمراجعة غير ذي صلة، لأن سياساتنا تحكم ما هو مسموح به وما هو غير مسموح به على المنصة. في الواقع، يتوقع العديد من الفرق في ميتا، بما في ذلك السياسة العامة، تصعيد المحتوى الذي قد ينتهك سياساتنا (...) يقوم فريق منفصل من الخبراء بمراجعة ما إذا كان المحتوى ينتهك سياساتنا".

وبالفعل، كاتلر ليست صاحبة القرار بشأن المنشورات، فهناك فريق متخصص في اتخاذ قرارات الإشراف على المحتوى في "ميتا". لكن خبراء تحدثوا إلى "ذي إنترسبت" أعربوا عن انزعاجهم من قيام مسؤولة كبيرة في "ميتا"، مكلفة بتمثيل مصالح حكومة محددة، بالدعوة إلى تقييد المحتوى الذي يتعارض مع تلك المصالح. وقالت مروة فطافطة، التي تقود جهود مؤسسة أكسس ناو في مجال الحقوق الرقمية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إن "هذا ينم عن تحيز واضح. لا يتطلب الأمر الكثير من الذكاء لاستنتاج ما يخطط له هذا الشخص".

جوردانا كاتلر... صوت إسرائيل في "ميتا"

انضمت كاتلر إلى "ميتا" عام 2016، بعدما تبوأت لسنوات مناصب رفيعة المستوى في الحكومة الإسرائيلية. أمضت سنوات في السفارة الإسرائيلية في واشنطن العاصمة، حيث عملت في مجال الشؤون العامة ورئيسة لهيئة الأركان من عام 2013 إلى عام 2016، كما عملت مستشارة حملة لحزب الليكود اليميني، ولنحو خمس سنوات كانت مستشارة لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.

عند تعيينها عام 2016 في الشركة، احتفل جلعاد إردان، وزير الأمن العام والشؤون الاستراتيجية والمعلومات آنذاك، بهذه الخطوة، قائلاً إنها تمثل "تقدماً في الحوار بين دولة إسرائيل وفيسبوك". في مقابلات إعلامية سابقة حول وظيفتها، قالت كاتلر صراحةً إنها تعمل بوصفها حلقةَ وصل بين "ميتا" والحكومة الإسرائيلية التي تمثل وجهات نظرها داخل الشركة. عام 2017، قالت كاتلر لمجلة كالكاليست الإسرائيلية إن "فيسبوك" تعمل "عن كثب مع أقسام الإنترنت التابعة لوزارة العدل والشرطة ومع عناصر أخرى في الجيش وجهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (شين بيت)، بشأن مسائل إزالة المحتوى. نحن لسنا الخبراء، هم في الميدان، وهذا مجال عملهم".

سوشيال ميديا
التحديثات الحية

عام 2020، وصفت صحيفة جيروزاليم بوست كاتلر بأنها "امرأتنا في فيسبوك"، حيث عينت "لتمثيل مصالح إسرائيل في أكبر شبكة اجتماعية وأكثرها نشاطاً في العالم". وفي مقابلة مع الصحيفة، أوضحت كاتلر قائلة: "وظيفتي هي تمثيل فيسبوك لدى إسرائيل، وتمثيل إسرائيل لدى فيسبوك". وفي مقابلة لاحقة، أضافت كاتلر: "جزء من وظيفتي داخل الشركة هو أن أكون ممثلة للشعب الإسرائيلي وصوتاً للحكومة". وعندما سألها مضيف البرنامج: "هل يستمعون؟"، أجابت كاتلر: "بالطبع يفعلون، وأعتقد أن هذا أحد أكثر الأجزاء إثارة في وظيفتي".

امتيازات إسرائيلية في "ميتا"

على الرغم من أن "ميتا" لديها علاقات حكومية واسعة النطاق ولوبيات تستهدف العواصم في جميع أنحاء العالم، إلا أن قِلة من الحكومات الأخرى تتمتع بالامتيازات التي تتمتع بها سلطات الاحتلال الإسرائيلي. لا توظف الشركة أي مسؤول عن وجهات النظر الفلسطينية، بل إن عشرات الملايين من مستخدمي منصات "ميتا" في مختلف أنحاء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يتقاسمون مدير سياسة واحد. ويشرف مدير سياسة واحد على سوق دول جنوب شرقي آسيا بالكامل، والتي يبلغ عدد سكانها نحو 700 مليون نسمة. وهذا يثير المخاوف بين الخبراء بشأن اختلال التوازن العميق في القوة داخل "ميتا" عندما يتعلق الأمر بإدارة المناقشات حول حرب الإبادة الإسرائيلية التي أسفرت حتى الآن عن استشهاد ما لا يقل عن 40 ألف فلسطيني في غزة.

وفي هذا السياق، قالت مديرة حرية التعبير الدولية في Electronic Frontier Foundatio، لموقع "ذي إنترسبت": "إذا كانت شركة ميتا ترغب في التصرف بشكل أخلاقي، فيجب عليها ضمان حصول الفلسطينيين أيضاً على مقعد على الطاولة".

وتجدر الإشارة إلى أنه في فبراير/شباط 2023، طرح اسم كاتلر لمنصب رئيسة محتملة لوزارة الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلية، وهو مكتب دعاية حكومي مكلف بمراقبة وتقويض المتظاهرين والناشطين في الخارج. وبحسب تقارير إخبارية، استخدمت الوزارة منصات ميتا على نطاق واسع للتسلل إلى مجموعات الطلاب وإجراء حملات دعائية. في يونيو/حزيران الماضي، ذكرت صحيفة هآرتس أن مشروعاً أسسته الوزارة في الأصل استهدف المشرعين السود في الولايات المتحدة بـ"المئات" من حسابات "فيسبوك" و"إنستغرام" المزيفة "للترويج بشكل عدواني لمقالات مفبركة تخدم الرواية الإسرائيلية".

كانت شرارة الاحتجاجات الطلابية قد انطلقت من جامعة كولومبيا في الربيع الماضي إلى جميع أنحاء الولايات المتحدة وقمعت رئيسة الجامعة آنذاك نعمت شفيق، التي استقالت أخيراً من منصبها، الطلاب واستدعت شرطة نيويورك لفض اعتصاماتهم السلمية وخيمهم داخل الحرم الجامعي والقبض عليهم. ومن اللافت أن الكثير من الجامعات الأميركية الخاصة عمدت خلال الصيف إلى تشديد لوائحها وقوانينها الداخلية تحت حجج مختلفة للتضييق على الطلاب المناصرين للقضية الفلسطينية والمعارضين للحرب. ومن المتوقع أن تزداد حدة الاحتجاجات بازدياد سياسات التضييق على الطلاب والأساتذة وحرية التعبير.

المساهمون